Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

علاقة الحكامة بالديمقراطية

علاقة الحكامة بالديمقراطية ماستر القانون والعلوم الإدارية للتنمية شعبة القانون العام                     السداسي الثاني من إعد...




علاقة الحكامة بالديمقراطية
ماستر القانون والعلوم الإدارية للتنمية
شعبة القانون العام                   
السداسي الثاني
من إعداد الطلبة الباحثين:
اسباعي هشامSbaiHicham
شليح مريمChliahMariame
أمغوز فاطمةAmaghouz Fatima         
هشام الشنتوفChentoufHicham 
عفيفي فاطمة الزهرةAfifi Fatima zohra        
أفيلال حنانAfailalHanane



تحت توجيه وإشراف :
الدكتور العمراني بوخبزة



السنة الجامعية 2011-2012




تقديم
كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن مفهومي الحكامة والديمقراطية، نظرا لما يشكلانه من اغراء شديد،حيث يعتبر مفهوم الحكامة من المفاهيم الأكثر تداولا اليوم في مختلف النقاشات الدائرة بخصوص اصلاح الدولة والمجتمع1
     فمفهوم الحكامة الجيدة يقدم اطارا مفاهيميا لمقاربة مسلسلات ادارة وتحديد توجه التغيرات ،التي يجب ادخالها على تدبير العمليات المتعددة وذات أهداف معينة.
    وهذا الاطار يمكن حصره في حقل تتمثل فيه الحكامة كمنهجية تدبيرية، وفي هذه الحالة يتمحور الاهتمام حول السياسات العمومية وأنماط التنسيق والتشارك بين فاعلين متعددين، وحول المشاكل التي تبرز من خلال تدبير هذه الجوانب وكذلك حول امكانيات تحديث الهياكل الحكومية وتغير تدبيرها.
    وبصفة أوسع يمتد الاطار المفاهيمي للحكامة، الى مقاربة اشكاليات توزيع السلط والمسؤوليات وأنساق اتخاذ القرار، وأدوار مؤسسات النظام الاجتماعي والسياسي ويتضمن أيضا اشكالات دمقرطة تسيير الدولة والتعبئة المدنية والمبادرات المحلية والمواطنة، لأن الغاية من نهج الحكامة الجيدة في نهاية المطاف هو تحليل كل هذه القضايا في تفاعلاتها واقتراح الاصلاحات، والتغييرات المناسبة لضمان تنمية اجتماعية واقتصادية وتجانس اجتماعي مستديم.


___________________________________________________
1 – د. كريملحرشود. رشيدالسعدي ،"الحكامةالجيدةبالمغربومتطلباتالتنميةالبشريةالمستدامة"مطبعةطوببريس-الرباط-،أبريل 2009،ص 13.
وهذا هو نفس توجه مفهوم الديمقراطية ،الذي يعتبر مطلبا ضروريا وهاما لاستقرار البلد وتطوير نظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي تسعى له الشعوب الطامحة والمتمدنة.
فالديمقراطية السياسية هي نتاج كفاح الجماعات والطبقات العاملة التي استطاعت أن تؤسس الاعلان العالمي لحقوق الانسان ،الذي كفل الحريات والحقوق العامة في التشريع والمساهمة في ادارة الحكم في ظل العدالة القانونية والمساواة  السياسية 2،كما أن الديموقراطية هي نظام للحكم، يهدف الى تمكين الشعب من مسؤولياته وتوفير جميع أسباب السعادة له، أو هي حكم الشعب بالشعب ومن أجل الشعب كما تهدف اليه الديموقراطية الغربية ،أو حكم الشعب لخير الشعب كما تهدف اليه الديموقراطية الاجتماعية، فقد ظل مفهوم الديموقراطية طوال سنين محط تساؤل مستمر والحديث عن هذا المفهوم يجرنا مباشرة الى اسهامات السوسيولوجي الفرنسي "الان تورين "حيث ترتكز الديموقراطية عنده على ثلاث مرتكزات أساسية:
1-مبدأ الاختيار الحر والحد من السلطة السياسية :بمعنى ضرورة الاختيار الحر للحكام.
2-مبدأ المواطنة: وهو شعور المحكومين بانهم مواطنون بحق من خلال مشاركتهم في سير المؤسسات التي تحترم حقوق الانسان.
3-مبدا التمثيلية الاجتماعية للحاكمين السياسيين: فلكي تكون الديمقراطية تمثيلية لابد ان تكون المصالح الاجتماعية ممثلة3.

___________________________________________________
2– د. عبدالكريمغلاب "دفاععنالديموقراطية " سلسلةالجهادالاكبررقم 2 دارالفكرالمغربي -عبدالسلامجاسوس،طنجةص 39
3– د. عبدالمالكورد، "الفاعلالسياسيوسياسةالمدنية"،سلسلةدراساتوابحاثرقم20.
   وتجدر الاشارة الى انه بالرغم من عدم مضي زمن طويل على ولادة الحكامة الجيدة، الا انها عرفت حضورا قويا على مختلف الاصعدة حيث احتلت مكان الصدارة على اجندة الرؤساء والساسة واصحاب القرار ذوي النفوذ ورجال الادارة والاختصاص، من مفكرين وباحثين وقانونيين ليس على الصعيد الدولي فحسب ولكن ايضا على الصعيد الوطني بل وعلى الصعيد المحلي ايضا، وهذا الحضور مكنها من اكتساح الساحة كأسلوب ناجح لتدبير جيد للشأن العام. فالمغرب لم يكن يستعمل هذا المصطلح الا في العهد القريب وتبقى اول مؤسسة تحدثت عن مفهوم الحكامة هي كلية الحقوق بطنجة من خلال الندوة العلمية التي نظمتها تحت عنوان "من الحكومة الى الحكامة" سنة 2001 لتتوالى بعد ذلك اللقاءات العلمية والنقاشات لتسليط الضوء على هذا المفهوم الحديث.
وهذا ما يتيح لنا طرح الاشكاليات التالية:
 *ما الدور الذي تقوم به الحكامة في تعزيز الديمقراطية ؟
*ماهي مبادئ وقيم كل من الحكامة والديمقراطية ؟
*ماهي العلاقة التي تجمع الديمقراطية بالحكامة ؟
وانطلاقا من هذه الاسئلة سنحاول ان نجيب عن اشكالية الموضوع من خلال المنهجية التالية:

المبحث الأول: قراءة في مفهوم الديمقراطية والحكامة
المبحث الثاني: الحكامة والديمقراطية


المبحث الأول:قراءة في مفهوم الديمقراطية والحكامة
من أجل أن تقوم الحكامة لا مناص من تكامل عمل الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني اذ لايمكن أن نتحدث عن الحكامة دون تكريس المشاركة والمحاسبة والشفافية،ولاوجود للحكامة الا في ظل الديموقراطية أو السيادة الشعبية.
والحكامة تستوجب وجود نظام متكامل من المحاسبة والمساءلة السياسية والادارية للمسؤولين في وظائفهم العامة ولمؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص،والقدرة على محاسبة المسؤولين عن ادارتهم للموارد العامة وخصوصا تطبيق فصل القطاع الخاص عن القطاع العام وحماية الشأن العام من تعسف واستغلال السياسيين.
واذا كانت اللامركزية وقد شكلت منذ عقود خيارا استراتيجيا للمغرب فان اقامة حكامة وديمقراطية محلية اصبحت مع مرور الزمن هدفا يحظى بالأولوية في السياسة العامة للدولة.
وفي قراءة لمفهوم الديمقراطية والحكامة ارتأينا الى تقسيم هذا المبحث مطلبين، مطلب أول ستناول فيهمفهوم الديموقراطية ومطلب ثاني سنتطرق فيه الىمفهوم الحكامة.
المطلب الأول: مفهوم الديمقراطية
تشكل الديمقراطية الخطاب العصري المتجدد لظاهرة العولمة و أيضا للحكامة السياسية لأنها تعتبر المعيار المفصلي الذي ينبني عليه الجانب الأكبر من منظومة الحكامة و الحكامة السياسية .
   و الديمقراطية فكرة قديمة ظهرت في الفكر اليوناني في القرن الخامس قبل الميلاد و تبلورت بالتدريج إلى أن اكتملت و بلغت ذروتها في الفكر السياسي الغربي الحديث ابتداء من القرن الثامن عشر في المدرسة الفلسفية السياسية التي بلورت مفهوم الحق الطبيعي و نظرية الحق الطبيعي و نظرية التعاقد.
   إن مفهوم الديمقراطية سواء في أصوله اليونانية القديمة التي تقابله بحكم الشعب أو في تمظهراته الحديثة و المعاصرة رغم التجديدات في توظيفات المصطلح كمصطلحات الديمقراطية المواطنة أو الديمقراطية التشاركية فإنها لم تخرج به عن كنهه السياسي المرجعي كضرورة للحكم الديمقراطي تستدعي الابتعاد به ما أمكن عن واقع وسلبيات الحكم غير الديمقراطي ( الاستبدادي ) مما يجعل تعريفات الديمقراطية تأخذ و تتعدد في التجديدات الإجرائية للمفهوم و بالتالي استلهام العناصر العامة للنظم الديمقراطية .
فجون جاك روسو حدد منظوره للديمقراطية بإقراره أن من يملك السيادة- أي الشعب – يمكن أن يعهد بممارسة الحكم إلى جميع أفراد الشعب أو إلى أكثريته حتى يصبح عدد الحاكمين أكثر من عدد المواطنين العاديين و هذا النوع من الحكم نطلق عليه اسم الديمقراطية.
  عرف أبراهام لنكولن  الديمقراطية بأنها حكم الشعب بالشعب لفائدة الشعب، أما روبرت دال فاعتبر من جانبه أن أهم مؤسسات الديمقراطية تتمثل في نظام انتخابات يتسم بالحرية و العدالة و إقرار حرية التعبير و تنوع مصادر المعلومات و شمول المواطنة ووجود ممثلين عن الشعب، و توفر هذه المؤسسات في أي نظام سياسي يؤدي إلى مشاركة فعالة من جانب المواطنين و فهم أفضل للعملية السياسية.
و يحدد عبد الهادي بوطالب خمسة عناصر تعتبر معالم للديمقراطية هي إقامة دولة الحق و القانون و ضمان الحريات الفردية و الجماعية و الاقتراع العام المباشر و تفضيل لغة الحوار الهادئ على العنف و القمع و الاقتناع بحق الاختلاف في الرأي.
و قد أورد عبد الإله بلقزيز خمسة مبادئ تمثل العناصر الأساسية التي ينهض عليها صرح النظام الديمقراطي وهي إقرار حقوق الإنسان( التعبير عنه في صيغ مادية مؤسسية ملموسة ) إقرار النظام الدستوري لممارسة السلطة و إقرار النظام التمثيلي و النيابي ثم فتح المجال السياسي أمام إمكانية التداول السياسي على السلطة
أما محمد ظريف استلزم استحضار حقيقتين في كل حديث عن الديمقراطية هما: " الحقيقة الأولى : لا وجود لديمقراطية بدون مجتمع مدني مؤسس على المواطنة الكاملة : و المواطنة الكاملة تستوجب تساوي جميع أفراد السكان الذين يعيشون داخل إطار سياسي و اجتماعي واحد في الحقوق. الحقيقة الثانية : الديمقراطية ليست تصورا جزئيا بل هي تصور شمولي و هذه الشمولية تطال الممارسة."
إمام عبد الفتاح إمام سيؤكد من جهته على أهمية الديمقراطية في الفرار من الطاغية خاصة بالنسبة للعالم الشرقي إذ الاختيار هو الحكم الديمقراطي الذي يستلزم بالنسبة إليه ثلاث وسائل هي:
-        التربية في المدرسة و في المنزل على الديمقراطية ، و منها تعويد الطفل احترام الرأي الآخر و احترام رأيه نفسه ، كرامة الإنسان و قيمه، التفكير الحر ، رأي الأغلبية ...الخ
-        احترام القانون مما يتيح ممارسة المبادئ الديمقراطية على مستوى جماعي فإن كان هناك من هو فوق القانون اختفت الديمقراطية.
-        أجهزة الإعلام المختلفة ، الإذاعة ، التلفزيون الصحف و هي كلها يمكن أن تقوم بدور بالغ الأهمية لبسط المبادئ الديمقراطية.
المقولات السابقة حول الديمقراطية تكشف إجمالا عن حقيقتين مكونتين لكل مبدأ و مفهوم ديمقراطي ، الحقيقة الأولى هي أن الديمقراطية منهجية في الحكم و الشأن السياسي ، اكتسبت مع التراكم الزمني و الفكري و المنهجي و المجتمعي ما جعلها حقيقة سياسية عالمية تجعل الحكم ديمقراطيا كلما حافظ على حقوق المجتمع ( الشعب) اتجاه الدولة (الحاكم)، أما الحقيقة الثانية فهي أن الديمقراطية أصبحت تشكل بناء متكامل العناصر و المكونات و عليه فنظام الحكم الديمقراطي يستلزم من بين ما يستلزم ضمان الحقوق و الحريات الفردية و الجماعية و فصل السلط و استقلال القضاء و سيادة القانون و مبدأ المشروعية و إقرار انتخابات دورية و تداول السلطة و التعددية الحزبية و التدبير الشفاف للشأن العام...الخ.


المطلب الثاني: مفهوم الحكامة
إن الحكامة أصبحت إحدى أكثر المفاهيم تداولا في أوساط الباحثين والحكومات وبعض المنظمات الدولية المتخصصة وقصد إبراز الغاية والأبعاد التي توظف من أجلها سواء في علاقتها بالتنمية المستديمة أو في علاقتها بمفاهيم أخرى كالديمقراطية ... فالحكامة غدت آلية حديثة تهدف الوصول إلى الديمقراطية والتنمية.
* الجانب ا لمفاهيمي للحكامة
لقد أثارت الحكامة  عدة تساؤلات سواء من طرف الباحثين أو بعض المنظمات الحكومية أو غير الحكومية بغية  إيجاد تعريف شامل لمفهومها 5، لأنها تختلط بالعديد من المفاهيم الأخرى قصد محاولة رصد مختلف أبعادها وأهدافها.




___________________________________________________
5– د. سلوىشعراويوآخرون :" إدارةشؤونالدولةوالمجتمع "،مركزدراساتواستماراتالإدارةالعامة،جامعةالأزهرمطبعةالقاهرة/ طبعة 2001 ،ص10
*تعريف الحكامة
يصعب إيجاد تعريف شامل لمفهوم الحكامة فقد أثار تعريفها عدة نقاشات كما يلاحظ غياب مرادف         .   la gouvernance   عربي موحد لمصطلح        إذ تقابله عدة مصطلحات عربية منها الحكمانية، الحكامة الرشيدة ،الحكومة ، الحكم الرشيد
الإدارة الرشيدة ، الحكم الصالح ، الإدارة المجتمعية ، الحكم الجيد ، وتبقى الحكامة هي أكثر هذه الألفاظ استعمالا 6
وعموما فإن الحكامة مفهوم استعمل في الأصل من طرف الأخصائيين في مجتمع القرون الوسطى الإنجليزيين الذي يتميز بالتعاون بين مختلف مصادر السلطة ( الكنيسة ، النبلاء التجار ، الفلاحون ...).
وقد أعيد استخدامه من طرف البنك العالمي أثناء عقد الثمانينات وبداية التسعينات لتحديد الطريقة التي تمارس بها السلطة في تسيير الموارد الاقتصادية في بلد معين.
إن أغلب الكتاب الذين كتبوا عن الحكامة يتفقون على أنها آلية تتعلق بعملية صنع القرار في المجتمع ومؤسساته المختلفة وتتضمن مجموعة من التفاعلات ضمن هياكل وعمليات تحدد كيفية ممارسة السلطة واتخاذ القرار وتعبير المواطنين عن رأيهم.
___________________________________________________
6– د. المهديبنمير،الحكامةالمحليةبالمغربوسؤالالتنميةالبشرية ،الطبعةالأولى 2010 ، ص 8
كما تعرف الحكامة بأنها ذلك الحكم الذي تقوم به قيادات سياسية منتخبة وأطر إدارية لتحسين نوعية حياة المواطنين وتحقيق رفاهيتهم ، وذلك برضاهم عبر مشاركتهم ودعمهم وهي تهدف زيادة مستوى دخل الفرد وتقليل حدة الفقر والعناية بحقوق المواطنين ، مما يجعلنا نعتبر الحكامة نسقا من المؤسسات المجتمعية المعبرة عن حاجات الناس تعبيرا سلبيا تربطها شبكة متينة من علاقات الضبط والمساءلة، تهدف تحقيق المصلحة العامة بواسطة الاستعمال الأقصى للوسائل البشرية والمالية والتقنية وكذا مؤسسات الدولة بغية إقامة دولة ديمقراطية نافعة تضمن حقوق المواطنين وتوفر آليات مناسبة لتقويم السياسات وتصحيحها والتصدي لإساءة استخدام السلطة والنفوذ وإهدار المال العام7
كما أن تعريف الحكامة يختلف بين الهيئات والمنظمات الدولية ، فكل واحدة تعرفها انطلاقا من
منظورها الخاص8،وفيما يلي بعض هذه التعريفات:
*البنك الدولي :
يرى أن الحكامة هي الحالة التي من خلالها تتم إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع بهدف التنمية. أما برنامج الأمم المتحدة للتنمية فيعرف الحكامة بأنها ممارسة السلطة السياسية والاقتصادية
___________________________________________________
7–التقريرالختاميلمؤتمرالإعلاموالحكمانيةالرشيدة : الحكمالصالحوالرشيدفيالبلدانالعربيةضمانةأساسيةلاحترامكرامةالمواطنينالمنعقدبالعاصمةالأردنيةعمانمتبين 14/16 فبراير 2005/ جريدةالزمانعدد 2038/16.02.2005،ص ،8
8– د. زهيرعبدالكريمالكايد :" الحكمانية " قضاياوتطبيقات،منشوراتالمنظمةالعربيةللتنميةالإدارية،بحوثودراسات،العدد 1372/طبعة 2003/ص7
والإدارية في إطار تدبير شؤون بلد ما على جميع المستويات وهي مقولة موضوعية تضم الآليات والسيرورات والعلاقات والمؤسسات المعقدة التي بواسطتها يقوم المواطنين والجمعيات بتدبير مصالحهم وممارسة حقوقهم وتحمل التزاماتهم ، كما يتوجهون إليها بغية تصفية خلافاتهم9
مؤسسات القطاع التطوعي
تعتبر الحكامة مجموعة من العمليات والهياكل التي تستخدمها المؤسسات لتوجه وتدر عملياتها العامة وأنشطة برامجها.
*صندوق النقد الدولي :
 ينظر إل الحكامة من الناحية الاقتصادية وتحديدا شفافية وفعالية إدارة الموارد العامة واستقرار البيئة التنظيمية لنشاطات القطاع الخاص.
*حسب برنامج الامم المتحدة للتنمية:
اعتبر الحكامة ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية من أجل تسيير شؤون البلاد على كل المستويات وبالضبط تظم كل الميكانيزمات والتطورات والمؤسسات في اتجاه يسمح للمواطنين والمجموعات بالتعبير عن مصالحهم وممارسة حقوقهم القانونية وتسوية نزاعاتهم بكيفية توافقية.
___________________________________________________
9– التقريرالعالميحولالتنميةالبشريةالصادرعنبرنامجالأممالمتحدةللتنمية 1997
*حسب معهد الحكامة:
تعتبر على أنها مجموعة من المؤسسات والتصرفات والتقاليد التي تنص على ممارسة السلطة واتخاد القرار والكيفية يستطيع بها إسماع صوته.
*منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:
 ترى بأن الحكامة وسيلة لشرعية الحكومة والعناصر السياسية فيها واحترام حقوق الانسان وحكم القانون10
ويعرف الدكتور" توفيق السعيد  "  الحكامة هي التدبير الفعال للشؤون العامة عن طريق تعميم نظام مقبول شرعيا يستهدف استثمار وتحسين القيم الاجتماعية التي تشكل رصيدا للفرد والمجتمع.
 ويضيف يمكننا استخلاص أن الحكامة لم تكن موضوع تحديد دقيق لهذا نلاحظ أن البنك الدولي
حدد أربع شروط لكي نكون أمام حكامة جيدة ورشيدة.
1-الرضا : هو بناء دولة الحق والقانون التي تضمن أمن المواطنين واستقلال القضاء.
2-إدارة رشيدة تلتزم تدبيرا حقيقيا وعقلانيا للنفقات العمومية.

___________________________________________________
10–عبدالكريمالكايد،مرجعسابقص3.
3-أن الحكامة تقتضي المسائلة والمحاسبة بمعناه كل من يسير الشأن العام يجب أن يقدم الحساب،
وبالتالي الحكامة مجال واسع.
4-الشفافية: التي تسمح للمواطنين بتدعيم مواقفهم وإسماع صوتهم تجاه متخذي القرار


المبحث الثاني : الحكامة و الديمقراطية
   تعتبر الديمقراطية أساس لتحقيق الحكامة الجيدة ، وهو الأمر الذي يتطلب دراسة العلاقة القائمة بين الحكامة و الديمقراطية  (المطلب الأول) ، كما تعتبر الحكامة الية من اليات تدعيم الديمقراطية وهو ما سنوضحه في (المطلب الثاني).
    المطلب الأول : العلاقة بين الحكامة و الديمقراطية
  تعتبر الحكامة وسيلة وليست غاية بحد ذاتها ينصرف موضوعها الى الطرق و الاليات وليس الى الأهداف و الغايات ، فمن وجهة نظر البرنامج الانمائي للأمم المتحدة "تعني الحكامة ممارسة السلطة بأبعادها الاقتصادية و السياسية و الادارية في تدبير شؤون البلد على كافة المستويات وهي تشتمل على الاليات و المسارات و المؤسسات التي من خلالها يبلور المواطنون مصالحهم و يمارسون حقوقهم الشرعية ويؤدون التزاماتهم و يديرون خلافاتهم.
  ويربط البنك الدولي مفهومه للحكامة بمسلسل التنمية عندما يعرفها باعتبارها " الطريقة التي بواسطتها تمارس السلطة في تدبير الموارد الاقتصادية و الاجتماعية من أجل التنمية" ،وقد وضع ديننا الحكيم أسس الحكامة الرشيدة  "فساوى بين الناس ودعا للعف عن الأموال العامة و أسس للتعاقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكومين و طبق الشورى و أشرك العامة في أمر السلطة.
  فالحكامة العاجزة ديمقراطيا لن تكون قادرة على وقف تبديد  الموارد و الفساد و التسلط و التعسف و الارتجال ، و بالتالي تضع بوصلة التنمية و يختل ميزان العدل ، وعندما يختل هذا الأخير يؤذن بخراب العمران على قول ابن خلدون أو كما جاء في احدى الحكم المأثورة المنسوبة لابن تيمية " يقيم

الله الدولة العادلة وان كانت كافرة ولا يقيمالدولة و ان كانت مسلمة" 11
 وباعتبار أن الديمقراطية المحلية أحد أهم مبادئ النظام اللامركزي فإنها تصبح أساس الحكامة المحلية من جهة على المستوى المؤسساتي الذي يتعلق باليات تكوين و انتخاب الأجهزة أو الهيات المحلية وهو أساس الديمقراطية المحلية ، ومن جهة ثانية على مستوى التدبير المحلي وعناصره و مضامينه و مجالاته ، فالحكامة لا تعدو أن تكون أداة  لتبسيط التوجهات الاستراتيجية  للإدارات المحلية انما تجسد التنزيل المؤسساتي لآليات التدبير المحلي للنشاط المالي و المخططات و التدابير التنموية المحلية12.
     فالعلاقة بين الحكامة لجيدة و ديمقراطية و حقوق الانسان تبقى علاقة جدلية لأن المفاهيم الثلاث تنصهر مجتمعة في مجتمع الديمقراطية فلا يمكن تصور مجتمع ديمقراطي في غياب نهج حكم جيد قائم على مشاركة سياسية واسعة وتدبير عقلاني للإدارة و اهتمام ملحوظ بالمواطن باعتباره أساس أي تنمية مستدامة ، وفي ظل مجتمع يؤمن بتحقيق قدر كبير من التشارك الايجابي بين مؤسسات الدولة و مؤسسات المجتمع المدني ، وتبقى الحكامة  مصطلحا ذا خلفية مفاهيمية كبرى لديه تذكر ، ليس فقط لأنها لم تخضع بعد لعملية تنظير مجردة أو لكونها تحيل على تخصصات مختلفة متباينة المشارب و الأدوات ولكن أيضا لأن فضاءها انما هو مكمن تمطيط و تمديد يبدأ بالفرد في مخيلته الضيقة و لا ينتهي الا في أحضان العالم الواقعي وربما الفضاء الافتراضي مرورا بما سواهما من مستويات وسيطة 13.

___________________________________________________
11– د. محمد براو ، الشفافية والمساءلة والرقابة العليا على المال العام في سياق الحكامة الرشيدة، الطبعة الأولى ، سلسلة الرقابة على المال العام والمنازعات المالية عدد 4 ، مطبعة دار القلم-الرباط-، ص 14-17.
12– د. كريم لحرش ، مغرب الحكامة " التطورات ، المقاربات و الرهانات" ، سلسلة اللامركزية والادارة المحلية رقم 9، الطبعة الثانية ، 2011، ص 117.
13– د. محمد زين الدين ،" الحكامة : مقاربة ابستمولوجية في المفهوم و السياق " ، مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد ، العدد 8 ، 2008 ، ص 13-14.
    المطلب الثاني :الحكامة كآلية لتدعيم الديمقراطية
ان تحقيق التنمية المحلية لا يتم الا وفق مقاربة مندمجة الا عبر اليات تجعل التدبير المحلي قريب من حاجيات المواطنين و أكثر تطلعا لمتطلباتهم ، فإدارة المرافق العمومية و تقديم الخدمات العمومية على المستوى المحلي يكون أكثر فعالية و نجاعة منه على المستوى المركزي أو الوطني ، والتدبير المحلي يمكن الجماعات المحلية من فهم أكثر للخصوصيات المحلية ومن تدبير أكثر ملاءمة للبرامج و المشاريع التنموية ، كما يسمح باعتماد مقاربات جماعية أو جهوية للتنمية الشمولية تكون أكثر انسجاما مع الخصوصيات المحلية ، وهو ما يعتبر أساس الحكامة الحديثة المبنية على الديمقراطية المحلية.
كما أن هذه الأسس بقدر ما تمثل ضمانات قانونية و مؤسساتية للتدبير الحر ، و المستقل للشؤون المحلية فإنها تمثل أساسا قانونيا وواقعيا لهذا التدبير عبر اليات ومؤسسات ديمقراطية ووفق منطق تعزيز الاستقلال المالي المحلي ، وهو ما يعد أحد التطبيقات المحلية لمبادئ الحكامة المحلية.
   هذا المعطى يمكننا من اعتبار أسس الحكامة المحلية اطار و قالب لكل تدبير جيد للشأن المحلي ، بل وجود أحد العناصر الأساسية لتحقيق التنمية المحلية المندمجة و المستدامة.
  فتحقيق الحكامة المحلية يتأسس على منطق التدبير الجيد و اعتماد سياسة القرب في وضع و اقرار وتنفيذ البرامج و المشاريع التنموية و المقاربات الحديثة للتدبير التنموي ، تعتمد بالأساس على التدبير متعدد الأقطاب للنشاط المالي و الاداري ، و للمرافق و المصالح العمومية المحلية عوض التدبير أحادي القطب ممثلا في السلطة المركزية 14.


___________________________________________________
14– د. كريم لحرش ، مرجع سابق ، ص 117.
  ان الرقابة و الشفافية و المساءلة في المنظور الديمقراطي اليات تمارس وظيفة ضبط أمال الدولة و افراغها في قوالب معيارية تحرسها ، وتضفي عليها رداء الشرعية وهي من هنا تصبح عامل تطوير لأداء الدولة.
  وهذه الاليات تخدم سلطة الدولة ولا تضعفها كما يدعي البعض ممن لم يفتحوا أفقهم على النموذج الديمقراطي.
   وقد ينظر البعض الى أن الديمقراطية و الشفافية و المساءلة قد تتحول تدريجيا الى "عوامل تهديد لشرعية النظم السياسية " ، لكن العكس هو الصحيح تماما ذلك أن الشفافية هي " أكثر سموا في الديمقراطية من أن ينظر اليها بمنظار انتهازي أو استجابة لأغراض سياسية قصيرة النظر"15.
   وقد تمثلت فلسفة الدستور الجديد في اقامة دولة الحكامة الديمقراطية في اطار سيادة القانون واحترام حقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا ، وينص الدستور الجديد على الديمقراطية و مبادئ الحكامة الرشيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة باعتبارهما من المقومات الخمسة للنظام الدستوري.






___________________________________________________
15– د. محمد براو ، مرجع سابق ، ص 17.
    وتتمثل عناصر تثبيت الحكامة حسب معايير الأمم المتحدة :
* تطوير التعددية الحزبية.
 * تطوير و حماية واحترام حقوق الانسان.
 * تدعيم حكم القانون.
 * تنمية و تعددية وتثبيت نظام انتخابي يتيح التعبير الحر و النزيه للشعب من خلال انتخابات دورية ذات مصداقية.
 * خلق و تطوير الأسس القانونية و الاليات الضرورية التي تتيح مشاركة كافة أعضاء المجتمع في تنمية وتثبيت الديمقراطية.
 * تقوية الديمقراطية من خلال الحكامة الرشيدة.
 * تقوية الديمقراطية من خلال تطوير تنمية مستدامة.
 * دعم التالف و التضامن الاجتماعي16.








___________________________________________________
16– د. محمد براو ، الاطار الدستوري الجديد و الحكامة الديمقراطية الرشيدة ، مقال نشر بجريدة التجديد وباحدى الالكترونية يوم 03/07/2011.
خاتمة
يبقي الخوض في موضوع الحكامة المحلية بالمغرب يتطلب اطلالة عبر نافذة التاريخ عن التجربة الديمقراطية على الصعيد المحلي بالمغرب باعتبارها لصيقة بموضوع الحكامة ، بل هي جزء لا يتجزأ منها، ويعتبر ظهير 23 يونيو 1960 كأول منظومة قانونية تدشن لهذه الديمقراطية بالمغرب ، حيث عمل المغرب بهذا القانون مدة 16 سنة كانت كافية للانتقال الى مرحلة جديدة من الحكامة المحلية ، خصوصا وأن ظهير 23 يونيو 1960 لم يعد يستجيب لتطلعات السكان وطموحاتهم التواقة الى تدبير شؤونها بنفسها ، وخرج الى الوجود الظهير الملكي المؤرخ في 30 شتنبر 1976 الذي اعتبر نقلة نوعية في مجال الديمقراطية.
ومع اطلالة القرن الحادي و العشرين أصبح موضوع الحكامة المحلية من أهم انشغالات جلالة الملك محمد السادس باعتبارها أهم رهان لتحقيق النمو الاقتصادي ، وهذا ما تم بلورته في اطار الاصلاحات التي جاء بها الدستور الجديد والتي تمثلت في هندسة مؤسسية منسجمة ومتناسقة في تعزيز منظومة واليات الحكامة الديمقراطية الرشيدة قوامها نظام للرقابة و المحاسبة و النزاهة (مكافحة الفساد)، متكامل و طموح و عصري.







لائحة المراجع المعتمدة
* د. كريملحرشود. رشيدالسعدي ،"الحكامةالجيدةبالمغربو متطلباتالتنميةالبشريةالمستدامة" مطبعةطوببريس-الرباط-،أبريل 2009
* د.  عبدالكريمغلاب "دفاععنالديموقراطية " سلسلةالجهادالاكبررقم 2 دارالفكرالمغربي -عبدالسلامجاسوس،طنجة
* د. سلوىشعراويوآخرون :" إدارةشؤونالدولةوالمجتمع "،مركزدراساتواستماراتالإدارةالعامة،جامعةالأزهرمطبعةالقاهرة/ طبعة 2001
* د. المهديبنمير،الحكامةالمحليةبالمغربوسؤالالتنميةالبشرية،الطبعةالأولى 2010
* د. زهيرعبدالكريمالكايد :" الحكمانية " قضاياوتطبيقات،منشوراتالمنظمةالعربيةللتنميةالإدارية،بحوثودراسات،العدد 1372/طبعة 2003
* د. محمدبراو،الشفافيةوالمساءلةوالرقابةالعلياعلىالمالالعامفيسياقالحكامةالرشيدة،الطبعةالأولى،سلسلةالرقابةعلىالمالالعاموالمنازعاتالماليةعدد 4 ،مطبعةدارالقلم-الرباط
* د. كريملحرش،مغربالحكامة " التطورات،المقارباتوالرهانات" ،سلسلةاللامركزيةوالادارةالمحليةرقم 9،الطبعةالثانية، 2011
* د. محمدزينالدين،" الحكامة : مقاربةابستمولوجيةفيالمفهوموالسياق " ،مسالكفيالفكروالسياسةوالاقتصاد،العدد 8 ، 2008
* د. محمدبراو،الاطارالدستوريالجديدوالحكامةالديمقراطيةالرشيدة،مقالنشربجريدةالتجديدوباحدىالالكترونيةيوم 03/07/2011
* د. عبدالمالكورد، "الفاعلالسياسيوسياسةالمدنية"،سلسلةدراساتوابحاثرقم20
* – التقريرالختاميلمؤتمرالإعلاموالحكمانيةالرشيدة : الحكمالصالحوالرشيدفيالبلدانالعربيةضمانةأساسيةلاحترامكرامةالمواطنينالمنعقدبالعاصمةالأردنيةعمانمتبين 14/16 فبراير 2005/ جريدةالزمانعدد 2038/16.02.2005
* – التقريرالعالميحولالتنميةالبشريةالصادرعنبرنامجالأممالمتحدةللتنمية 1997