Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

الالتقائية في الحكامة المحلية الجديدة

جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية شعبة القانون العام - المح...


جامعة الحسن الثاني
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية شعبة القانون العام
- المحمدية -


وحدة البحث والتكوين :
الحكامة المحلية وتدبيرالموارد البشرية


رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق تحت عنوان:



الالتقائية في الحكامة المحلية الجديدة
"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية نموذجا"



انجاز الطالبة : تحت إشراف الأستاذ : سوميه حنون د. محمد هيري

لجنة المناقشة:

- د. محمد هيري استاذ التعليم العالي بكلية الحقوق – المحمدية - : رئيسا
- د. ادريس عبادي استاذ التعليم العالي بكلية الحقوق – المحمدية – ورئيس ماستر الحكامة المحلية : عضوا
- دة. سعيدة توفيق استاذة التعليم العالي بكلية الحقوق – المحمدية – رئيسة مرصد التنمية الذاتية : عضوا




السنة الدراسية 2008-2009







إلى من اشتقت إليه وهو في قبره إلى روح أبي الطاهرة

إلى رفيقة دربي في الحياة أمي الحبيبة

إلى إخوتي

إلى عائلتي

إلى زملائي وزميلاتي

إلى أساتذتي بالكلية المتعددة التخصصات بأسفي , وأساتذتي بجامعة الحسن الثاني المحمدية

إلى كل تواق ومتطلع إلى العلم والمعرفة

إلى مدير ديوان عمالة ابن مسيك سيدي عثمان "السيد احمد الطر يشي"

إلى كل إنسان ذي قلب حنون


أهذي هذه الرسالة عربون محبة صادقة

كلمة شكر وتقدير





لايسعني أمام التوجيهات والإرشادات التي انارني بها أستاذي المشرف على الرسالة الدكتور "محمد هيري" , إلا أن أتقدم لجنابه بأخلص واصدق عبارات الشكر والتقدير.

و بالمناسبة أتقدم بجزيل الشكرالى أستاذتين عزيزتين على قلبي كل من الدكتورة " حسنة كيجي" والدكتورة "سعيدة توفيق" لما بدلتاه معي من جهد , ولما قدمتاه لي من نصائح وتوجيهات حتى يخرج البحث الذي بين أيدينا في حلة جديدة .

كما لا يسعني في هذا المقام , إلا أن أقدم خالص تحياتي واحترامي للدكاترة الأعزاء بجامعة الحسن الثاني – المحمدية , وعلى رأسهم الدكتور "إدريس عبادي , محمد سليم الورياغلي , طارق اثلاتي , والأستاذ احمد حضراني" . وكذلك الأساتذة الأعزاء بالكلية المتعددة التخصصات بأسفي , وعلى رأسهم الدكتورسعيد خمري و إبراهيم اولتيت..."

كما اشكر الأستاذ الموجه" رشيد عطي" عن قسم العمل الاجتماعي بعمالة مقاطعات ابن مسيك , وكذلك الأستاذ "عبد الواحد أبو الهوات " عن قسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة إقليم ابن سليمان وآخرون , لما بدلوه معي من جهد وما قدموه لي من مساعدة .

شكر خاص للدكتور الوزاني ألشاهدي على المعلومات القيمة التي قدمها لي فأغنيت بها بحثي , وأضفتها إلى رصيدي المعرفي .



ولكم فائق التقدير والاحترام

مقدمة عامة

خلص تقرير خمسين سنة من التنمية البشرية إلى كون مستقبل المغرب يرتهن بمدى قدرته على مواجهة وتخطي خمسة بؤر هي : المعرفة , الإقصاء , التكوين , الإدماج والحكامة . وفي معرض تحليله لواقع الحكامة بالمغرب وصل التقرير إلى أن الحكامة تشكو على الأقل من خمس نقط ضعف أساسية :
- عدم وجود نظام للمساءلة والمحاسبة , تفاوت كبير بين انتظارات المواطنين والمصالح المقدمة من طرف الإدارة , وجود مركزية مفرطة , وجود لامركزية ترابية لا تتلاءم مع ضرورات التنمية المحلية , وجود وصاية ترابية تقوم مقام المنتخبين عوض لعب دور التنسيق والرقابة , غياب التكامل بين مختلف البرامج القطاعية , ثم ضعف دور المؤسسات العمومية في التنمية.(1)
ذلك أن أي إستراتيجية لتحسين جودة الحكامة بالمغرب لابد أن تتوخى أولا : إيجاد نظام يتم بموجبه محاسبة ومساءلة كل من استعمل موارد الدولة والموارد المحلية على النتائج المحققة والغير المحققة , ثانيا : إعطاء دفعة قوية لنظام الحكامة الترابية , ثالثا : جعل تدبير الشأن العام يتلاءم وضرورات التنمية المحلية أي إعطاء بعد ترابي لإشكالية التدبير والإصلاح , رابعا : توخي شفافية مضبوطة لأنظمة التدبير والانجاز, ثم ضمان مشاركة فعالة للمواطنين ووسائل الإعلام وجمعيات المجتمع المدني في تقييم الحكامة المحلية , وحكامة المصالح القطاعية الخارجية , على اعتباران بلادنا اليوم تقوم بدور تنظيمي نتيجة الانتقال بنمط التدبير المحلي من مجرد سلطة اقتراحية إلى أخرى تقريرية أملتها التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المغرب في هذا المجال , بهاجس وضع نظام للحكامة يعوض التسيير الإداري للشؤون المحلية .
ويتجلى الدور التنظيمي الجديد للدولة في توفير شروط مناخ مؤسساتي واقتصادي للدفع بعجلة التنمية , ومن ثمة فقد أصبح من مهام الجماعات المحلية العمل على ضمان النهوض بالجهات في انسجام مع توجهات وأهداف السياسات الوطنية , ذلك أن النجاح المقدر في مجال اللامركزية سيبقى محدودا وغير ذي جدوى إذا لم يرافقه لاتركيز إداري لمختلف القطاعات العمومية بما يمكن من تسريع وثيرة اتخاذ القرارات عن قرب ونجاعة التدبير.
________________________________________________________
1- 50سنة من التنمية البشرية وآفاق سنة 2025 http://www.rdh50.ma-


1
و انطلاقا من تقرير الخمسينية , وفي إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تشكل أرضية عمل مرسخة لثقافة جديدة منبثقة عن الميادين المؤسسة للشراكة , الكرامة , الثقة , التضامن , القرب والمشاركة سعيا وراء تحقيق منجزات ملموسة ذات رمزية عالية تختزل الإرادة الحقيقية للمغاربة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش بهدف تحقيق التنمية البشرية المستدامة , فقد شكل خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس المؤرخ في 18 ماي 2005 الأساس والمبدأ لظهور مفهوم الالتقائية ببلادنا , والذي يقول فيه نصره الله : " فإننا نعتبر أن التنمية الفعالة والمستدامة لن تتحقق إلا بسياسات عمومية مندمجة ضمن عملية متماسكة ومشروع شامل , وتعبئة قوية متعددة الجبهات تتكامل فيها الأبعاد السياسية والاجتماعية , والاقتصادية والتربوية والثقافية والبيئية".
ومن خلال الخطاب السامي يمكن القول , إن المرحلة التي نعيشها اليوم تتطلب أسلوبا جديدا في تدبير الشأن الاجتماعي , يتمثل في العمل على تحقيق الالتقائية والتنسيق بين البرامج والتدخلات العمومية , خاصة في المناطق الفقيرة الأقل حظوة والمستهدفة.
ولا يخفى علينا الفائدة التي يكتسيها هذا التوجه والأهمية الكبيرة التي يحظى بها هذا المفهوم في تطوير العمل الاجتماعي بالبلاد , إذ يمكن من إضفاء الانسجام والتكامل على تدخلات الفاعلين المحليين والمركزيين ومن الرفع من تثير وفعالية هذه التدخلات , كما يساهم في الحفاظ على استمرارية المشاريع عبر توفير الوسائل اللازمة لتسييرها وصيانتها .

ومن الواضح أن الخطاب الملكي لم يكن الوحيد المؤسس لمفهوم الالتقائية , وإنما هناك كذلك الملتقى الحكومي المنعقد بمدينة بني ملال بتاريخ 20 غشت 2006 الذي روج لهذا المفهوم بمختلف مراكز القرار على المستويين المحلي والوطني .

وبما أن المغرب قد قطع أشواطا مهمة في ترسيخ اللامركزية , منذ السنوات الأولى للاستقلال وبهدف تعميق مسلسل اللامركزية والتنمية البشرية المحلية , تم اعتماد ميثاق جماعي جديد سنة 2002, يتضمن مقتضيات ترمي على الخصوص إلى تعزيز الاستقلالية المعنوية والمالية والحكامة المحلية , وتحسين وضعية المنتخب وشفافية تدبير الشأن المحلي العام , وتوضيح اختصاصات المجالس المنتخبة .





2
كما تهدف هذه المقتضيات إلى تخفيف جهاز الوصاية , باعتماد مراقبة بعدية (قضائية) , وتقليص الآجال والأعمال والقرارات الخاضعة للموافقة , وتفويض سلطة الوصاية وتعليل إجراءاتها .
غير انه لابد من الإشارة إلى أن هذه التجربة الطويلة وهذه المحاولات الرامية إلى تعزيز دينامكية الحكامة الترابية , لم تحققا دائما النتائج المرتقبة ; فالانحرافات ظلت تشوب المسلسلات الانتخابية , وما يطبع التحالفات الحزبية المحلية من ظرفية وانعدام استقرار, وتفاوت التكوين لدى المنتخبين , وسوء التدبير, والتقطيع الترابي , الذي ليس دائما مرضيا ; وكلها عوامل أضرت بالتنمية البشرية في العديد من الجماعات القروية والحضرية في الوقت الذي ينسف عجز اللاتمركز إمكانيات الحكامة الترابية الفعالة والمنسجمة , وان كانت تشهد (الحكامة) نقائص كبيرة على المستويين الإداري المركزي واللامركزي . (1)
لكن بالرغم من بعض التصورات الظرفية والمحلية , المتجلية في تفشي الرشوة والتلاعب بالمال العام , نجد اتخاذ بعض التدابير والنوايا الحسنة , ومن بينها الإعلان عن ميثاق لحسن التدبير وإنشاء المجالس الجهوية للحسابات واللجوء المتواتر إلى الافتحاصات الخارجية. (2)
إذن , لايستقيم الحديث هنا عن الالتقائية دون ربطها بسياستي اللامركزية واللاتمركز وإدراج الإنسان في قلب التحولات وأولى الأولويات بالنسبة للخيارات السوسيو اقتصادية , وذلك بإشراك الإنسان كراس مدبرة مسيرة ومستفيدة في مسلسل التقرير الوطني والمحلي , من خلال مزاوجة الحكم التمثيليgouvernement représentatif بالحكامة التشاركية gouvernance participative التي لن تتأتى إلا بتبني ثقافة تضامن الجماعات المحلية فيما بينها . (3)




_______________________________________________________
-1 لمفهوم الحكامة عدة تعريفات اثارث الجدل حول طبيعة ومحتوى هذا المفهوم , والبنك الدولي كان سباقا بوضع أول تعريف له 1989حيث اعتبره:" أسلوب ممارسة السلطة في تدبير الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من اجل التنمية" . ومن خلال هذا التعريف , يتضح بان البنك الدولي عبر عن وجود فاعلين رسميين وغير رسميين وحددهم في الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني . للمزيد من التفصيل انظر: شعراوي(سلوى),"مفهوم إدارة شؤون الدولة والمجتمع إشكاليات نظرية", مجلة المستقبل العربي , عدد 249 , 1999 , ص112 .
2-50 سنة من التنمية البشرية وآفاق سنة 2025 http://www.rdh50.ma-
3-Theys(Jacques),"La gouvernance , un concept utile ou futile?" in économie et humanime,n360, mars 2002,P:6 .

3
إلى جانب تبني العقلانية بخصوص علاقة المجالس الجماعية بسلطات الوصاية القريبة (العمال) والبعيدة ( وزارة الداخلية) من اجل الوصول إلى تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة عبر تدبير معقلن للشأن العام المحلي . (1)
في الوقت الذي يجب أن ينصب المجهود الحكومي على تطوير آليات اللاتمركز من خلال تكريس اندماج العمليات القطاعية على المستوى المحلي , وبذل مجهود اكبر على مستوى تنسيق وتكامل التدخلات , وبالتالي اجتناب مسالة اتخاذ القرارات وصياغتها بطريقة فوقية والأخذ بالمقاربتين التشاركية والمندمجة لما لهما من دور فعال في توحيد الرؤى والتصورات الفاعلة في الحقل التنموي للشأن العام المحلي .
وإذا كانت الانطلاقة السليمة لأي بحث علمي تستلزم التحديد الدقيق لمفاهيمه الأساسية خاصة وان البحث الذي بين أيدينا حديث واني ويعد البحث فيه إسهاما في هذا المجال , فإننا سوف نحاول تحديد المفهوم على قدر المستطاع من الناحية اللغوية والاصطلاحية , ولو أن الكتابات في هذا الموضوع قليلة إن لم نقل منعدمة من الناحية القانونية , وسيكون التحديد انطلاقا من مختلف القواميس باللغتين العربية والفرنسية ومن خلال التعريفات التي أسندت له من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الشكل الآتي :
* الالتقائية حسب تعريف منجد الطلاب من فعل[ لقي- يلقى- لقاءا ولقاية ولقيانا ولقي] .
فلانا : استقبله وصادفه ووافقه الشيء . (2)
كما تعني الالتقائية التطابق من فعل [طبق – طباق ومطابقة ] الأمر طابقه , وطابق بين الشيئين جعلهما على حذو واحد .(3)
اطبقو على الأمر اجمعوا عليه , وتطابق القوم اتفقوا .




________________________________________________________
1- Brahimi(M),"De l'efficacité des controles éxercés sur des collectivités locales", REMALD, n23, avril-juin , 1998 , P:54 .
-2"منجد الطلاب" , دار المشرق , بيروت , الطبعة الثامنة والثلاثون , 1986 , ص 690.
-3"منجد الطلاب" , نفس المرجع , ص 434.


4

* حسب تعريف Le robert: الالتقائية مفهوم تم استعماله في القرن 18 في لغة العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية ويهدف إلى تحقيق التواصل وربط العلاقات وتوحيد الآراء والأفكار.(1)
* حسب تعريف Le petit larousse: الالتقائية هي إحداث التقارب فيما بين المناطق والشعوب من اجل تحقيق هدف معين وواحد في الحياة , وكذلك تقارب الأفكار والقوى .(2)
* أما حسب تعريف Le grand robert: الالتقائية كالتنسيق الهادف إلى تامين انسجام الأنشطة المختلفة بهاجس تحقيق الفعالية.(3)

أما بالنسبة للتعريفات المسندة للالتقائية في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فهي كالتالي :

* الالتقائية هي احد عوامل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
* الالتقائية كعنصر أساسي في تسريع انجاز مشاريع محاربة الهشاشة والفقر.
* الالتقائية تشكل رافعة لتحقيق الاندماج بين المجهودات القطاعية سواء في المدن أو القرى.

إذن , وأمام هذا التعدد ألمفاهيمي , يمكن أن نعرف الالتقائية بتقنية تتوخى ربط علاقة بين عدة مراكز لاتخاذ القرار( مصالح خارجية – جماعات محلية – مجتمع مدني ...الخ), والتي تتدخل في مجال متقارب أو متطابق في أفق تطوير جودة العمل التنموي المشترك من خلال المشاريع والبرامج المنجزة والمرتقب انجازهاعلى المستويين المحلي والوطني بغية الخروج ببرنامج ومشروع واحد , متكامل ومندمج ومنسجم وذو نتائج ايجابية .

ذلك أن أهمية الالتقائية والهدف منها يتجلى في التنسيق بين المشاريع القطاعية وبين المشاريع المزمع انجازها من طرف النسيج الجمعوي في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبين الجماعات المحلية , بغاية خلق تناسق تام فيما بين المشاريع انطلاقا من حاجيات الساكنة.

________________________________________________________
1- Le petit larousse", illustré , Paris ,1998 , P:259 .
2- "Le robert", dictionnaire historique de la langue francaise , sous la direction de Alain Rey , mars 2000 , Paris , P:882 .
3- Chandrifié(Fougère),"Le grand larousse", librairie larousse , 1987 , P:761 .

5
فالي أي حد يمكن اعتبار الالتقائية حل أكيد في نجاح المشاريع التنموية البشرية على المستويين المركزي واللامركزي ببلادنا ؟
وستنبثق عن هذا السؤال المركزي أسئلة أخرى هي كالتالي :
- هل يوجد لدينا التقائية مبنية على حكامة جيدة بمختلف مراكز القرار المركزية واللامركزية ؟
- هل يمكن اعتبار الالتقائية حافز لإنجاح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وحل للمعضلة الاجتماعية؟
- هل أجهزة الحكامة لها دور فعال في تطبيق الالتقائية ؟
- ما الذي تتطلبه منا الحكامة المحلية الجديدة ؟

تلك كانت أسئلة ثانوية تتخلل هذا البحث وتتطلب تحليلا أكثر اتزانا وأكثر مرد ودية , بشكل يساعد على تحديد الرافعات الفعلية لتقدمنا في مجال التنمية البشرية .
ذلك هو التحليل الذي سوف يحاول هذا البحث انجازه بتوظيف العمق الدلالي والخصب لمفهوم الالتقائية .
و للإجابة على الإشكالية الرئيسية والأسئلة الفرعية سوف نقسم موضوع الدراسة إلى فصلين اثنين , نخصص الأول منها لدراسة ( الالتقائية من خلال نظامي اللامركزية واللاتمركز) , نتناول فيه تحليل الإطار القانوني والمؤسساتي للامركزية الإدارية في (مبحث أول) , ثم الإطار القانوني والمؤسساتي للاتمركز الإداري في ( مبحث ثاني) , فمحدودية اللامركزية في ظل التبعية والارتباط بالسلطة في (مبحث ثالث) .

تم الفصل الثاني , سوف نخصصه ( للالتقائية من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ) , نتناول من خلاله السياقين الداخلي والخارجي للمبادرة (المبحث الأول) , ثم أسس ومرتكزات المبادرة في (مبحث ثاني) , فتفعيل الالتقائية من خلال برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في (مبحث ثالث) .

معتمدين في دراستنا على المقاربة القانونية لما لطريقة اعتمادها من دور كبير في تثبيت دعائم البحث العلمي وإخراجه في أحسن حلة .


6


الفصل الأول: الالتقائية من خلال نظامي اللامركزية واللاتمركز

التنمية المحلية ميدان تتقاسمه وبنسب متفاوتة الوحدات اللامركزية والهيئات الغير الممركزة , اي انها مجال لتدخل كل من الدولة والجماعات المحلية كل حسب امكانياته والنطاق الجغرافي والقانوني المسموح له بالتحرك داخله ,اذن فهي اختصاص تشاركي يسهم في النهوض به عدة فاعلين وبنسب متفاوتة ولكنها غير محددة قبلا حيث لايمكن الفصل بسهولة داخل الفضاء المحلي بين ما يعد من مسؤوليات الدولة وبين ما يعود الى اختصاصات الجماعات المحلية .(1)
ما جعلنا نلاحظ في الوقت الراهن ان القطاعات الحكومية تتابع كل على حدى برامج لم تكن متكاملة إلا بكيفية عرضية على الصعيد المحلي الشيء الذي ترتب عنه تعددية في المبادرات الغير المنسجمة , نتج عنها تبذير غير ذي فائدة بالرغم من كون أن اللامركزية لايمكن قيامها إلا في كنف المركزية , طبقا للعبارتين التاليتين : (2)
" تقريب الإدارة من المواطنين أو تقريب القرارات من المستفيدين" و" تحقيق التكامل والانسجام فيما بين المصالح والمشاريع والقرارات التنموية ".
فهذا التحليل النقدي هو الذي كان مصدر وضع مسطرة أفقية لا عمودية , ومن ثمة فرض مفهومين أساسين من اجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية ألا وهما : اللامركزية الإدارية واللاتمركز , وانظاف إليهما مفهومان حديثي العهد والتداول هما : الحكامة والالتقائية . مفاهيم اربعة تتقاسم هما مشتركا الا وهو تحقيق التنمية المستدامة محليا .
هذا ما سوف نحاول فكه ببيان مستويات تدخل كل من الجماعات المحلية والدولة على اعتبار أن الجماعات المحلية بالمغرب تعد ركيزة لسياسة اللامركزية , في حين أن الدولة تتدخل محليا عبر سياسة عدم التركيز الإداري والذي هو في محصلته إعادة انتشار للسياسات العمومية وإكسابها مدلولا محليا .(3)

_______________________________________________________
-1 ملف حول اللامركزية واللاتركيز , منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , Remald الطبعة الأولى , 1999, ص 199.
-2 محرم( صبحي)/ الخطيب( محمد فتح الله) , "اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلي" , دار النهضة العربية , ص 81 3- سرمك(هشام ) ," التنمية المحلية بين اللامركزية وعدم التركيز الإداري جماعة سلا تابريكت نموذجا" , رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام , كلية الحقوق اكدال , الرباط , 2001- 2002, ص 4.

7


إذن, هناك مجهودان عموميان يبدلان على الصعيد المحلي ومن المهم أن نعرف : هل يسيران بشكل متساو ومتناغم أم لا تنسيق بينهما ؟
هذه التوطئة البسيطة تقتضي منا توضيح الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم للاتمركزالإداري (المبحث الأول) , وكذا توضيح الإطار القانوني للامركزية وتجليات الحكامة المحلية في (المبحث الثاني) , على أن نتناول محدودية اللامركزية في ظل التبعية والارتباط بالسلطة في (المبحث الثالث) .

المبحث الأول: الإطار القانوني والمؤسساتي للاتمركز الإداري

سوف نخصص هذا المبحث لدراسة الجوانب القانونية للاتمركز اللاداري من خلال دراسة الأسس والمقومات القانونية للاتمركز , لا سيما مرسوم 20 أكتوبر1993 المتعلق باللاتركيز الإداري , الذي أتى بصورة مباشرة لتنظيم أسلوب اللاتركيزالإداري من خلال منحه إطارا قانونيا يكون بمثابة الإطار العام الذي ستطبق فيه سياسة اللاتركيز الإداري .
كما سنتطرق من جهة أخرى , للإطار المؤسساتي للاتركيز الإداري من خلال دراسة مؤسسة العامل والتطور الذي عرفته هذه المؤسسة في ميدان التنسيق الإداري على المستوى المحلي , ثم الطفرة النوعية التي حققها من خلال انتقال دوره تدريجيا من التنسيق إلى التسيير الإداري للمصالح الخارجية للإدارات المركزية . (1)







______________________________________________________
1-" اللاتمركز هو المفتاح الذي يمكن الإنسان من أن يفتح باب التمتع باللامركزية على مصراعيه...اللاتمركز هو عقلية تتجلى في اغلب ماتتجلى فيه في الغريزة السلبية والانكماش والاحتفاظ إن لم اقل الاحتكار ...اللاتمركز يجب أن يسود الوزارات والإدارات..." مقتطف من خطاب جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني بمناسبة أشغال المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية (الرباط 21 ابريل 1992) .

8
المطلب الأول: الأسس القانونية للاتركيز الإداري

تطبيقا لسياسة تقريب الإدارة من المواطنين وتبسيطا للإجراءات الإدارية , فان المشرع المغربي بمقتضى مرسوم 20 أكتوبر 1993, بشان اللاتركيز الإداري خول للوزراء صلاحية التفويض إلى رؤساء المصالح الخارجية التابعة لهم والى عمال صاحب الجلالة للتصرف باسمهم ضمن الحدود الداخلة في نطاق اختصاصاتهم . (1)
كما خول إمكانية تعيينهم لرؤساء المصالح الخارجية آمرين نوابا لصرف النفقات فيما يتعلق بجميع أو بعض الاعتمادات الموضوعة رهن إشارتهم وتصرفهم , والمسماة بالاعتمادات المفوضة "les crédits délégués" .
وحتى يتسنى التنسيق بين تلك المصالح الخارجية في تنفيذ السياسة العامة للدولة فان المشرع بمقتضى المرسوم الذي سبق ذكره , قد مكن الحكومة من صلاحية تشكيل لجنة دائمة للسهر على ذلك التنسيق , أطلق عليها اسم " اللجنة الدائمة للاتركيز الإداري" , كما يلبي دور هذا التنسيق جهاز " اللجنة التقنية للعمالة أو الإقليم " الذي يتربع على رأسها العامل الذي يعتبر المنسق العام لسياسة عدم التركيز الإداري .(1)
الفقرة الأولى : اللجنة الدائمة للاتركيز الإداري
جاء المرسوم رقم 625-93-2 الصادر بتاريخ 20 أكتوبر 1993 ليخول السلطة المركزية حق التفويض بالتصرف في إطار عمل معين وفي نطاق ترابي محدد إلى المصالح الخارجية أو إلى عمال جلالة الملك . ولقد نص لهذا الغرض على تشكيل لجنة دائمة للسهر على تنسيق المجهودات الحكومية التي تروم تنمية المجال المحلي , وتحقيق الالتقائية والانسجام بين مجموع المتدخلين الحكوميين على الصعيد المحلي , أطلق عليها اسم اللجنة الدائمة للاتركيز الإداري .



_____________________________________________________
1- منشور بالجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 23 نونبر 1993, ص 2209 .
2- التفويض:"هو تقنية أو طريقة من شانها تكليف سلطة أخرى اقل منها مرتبة بالعمل باسمها وتحت رقابتها", -Paul (Robert)," le grand robert",2éme édition, tome 2, imprimerie aubin ,France,1985,p: 911.

9
تعمل هذه اللجنة تحت رئاسة الوزير الأول وعضوية كل من وزراء الداخلية والمالية والوظيفة العمومية , والأمين العام للحكومة وكذا الوزراء المعنيين بالأمر, وتتولى وفق ماهو منصوص عليه في المادة 4 من المرسوم المهام التالية :
- تحديد الموضوعات المشتركة موضوع التفويض على الصعيد الوطني .
- السهر على التنسيق بين دوائر الاختصاص الجغرافي للمصالح الخارجية التابعة للإدارات العامة.
- الحرص على التوفيق بين عمليات نقل الاختصاصات إلى المصالح الخارجية التي تقوم بمهمة تنفيذ سياسة الحكومة وبتطبيق جميع القرارات والتوجيهات الصادرة عن الإدارة المركزية في إطار أحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل .(1)
- السهر على التوفيق بين الشروط المتعلقة بمستوى التأهيل والدرجة المطلوبين لتعيين رؤساء المصالح الخارجية .
إن إحداث هذه اللجنة لم يتعدى صفحات المرسوم المؤطر لها , فبقيت عبارة عن لجنة لاتشد عن القاعدة المغربية التي تقضي بإنشاء مؤسسات تهدف إلى تزيين الواجهة القانونية والمؤسساتية ببلادنا أكثر مما تهدف إلى تحقيق الأغراض التي من اجلها أحدثت .

لهذا جاءت توصية صادرة عن المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية التي كان شعارها "عدم التركيز الإداري لازمة اللامركزية" , والتي توصي بتفعيل دور هاته اللجنة وتفعيل آلياتها حتى تقوم بدور الضبط لسياسة عدم التركيز الإداري وضمان عدم اصطدامها بتوجهات الهيئات اللامركزية , فيسهل بعد ذلك نقل الاختصاصات المفوضة لمصالح عدم التركيز الإداري إلى الهيئات اللامركزية المحلية في حالة ما إذا لم تبني نظام لامركزي متقدم وموسع . (2)


_____________________________________________________
1-El yaagoubi(Mohamed),"La Décentration administrative a la lumière du décret du 20octobre 1993" , REMALD ,N10 ,Janvier-Mars 1995 , P:46 .
2- وزارة الداخلية : تقرير حول "عدم التركيز الإداري لازمة اللامركزية", المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية – الدار البيضاء 19-20 أكتوبر 1998 , ص3 .

10

في هذا الإطار يمكن القول , على أن التوجيهات السامية المتضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول في موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار , والتي تشير إلى ضرورة توسيع دائرة التفويضات التي تشمل تفويض السلطة من طرف الوزراء إلى ولاة الجهات في مجالات وميادين تتعلق بقطاع التدبير الجماعي والمحلي وقطاع السياحة والفلاحة والمالية والتجهيز والصناعة والتجارة والمعادن , من شانها تفعيل سياسة اللاتمركز الإداري .

كما أن الدعوة الملكية إلى توسيع دائرة التفويضات يهدف إلى إدخال قيم جديدة وأشكال حديثة لاتخاذ القرار عبر قنوات الاتصال والحوار .(1)

الفقرة الثانية : اللجنة التقنية للعمالة أو الإقليم
لأجل تحقيق التنسيق أو ما أسميناه بالالتقائية في المشاريع وبرامج العمل بين الجهازين المركزي واللامركزي وذلك في إطار عدم التمركز الإداري , اقتضت الضرورة إنشاء لجنة على شاكلة حكومة محلية تتولى توحيد المجهودات العمومية المبذولة وفق سياسة عدم التركيز الإداري قصد منح المجال المعني بالأمر مستوى تنمويا متجانسا ومناسبا من حيث البنى التحتية أو الخدمات المقدمة للسكان بعين المكان , فاستقر الفصل 5 من ظهير 15 فبراير 1977 الخاص بسن اختصاصات العمال على تسميتها باللجنة التقنية للعمالة أو الإقليم .

وللوقوف على أهمية هذا الجهاز ألتنسيقي ومدى مساندته للعامل في القيام بوظيفة التنسيق الإداري على المستوى الترابي , سوف نتطرق لتشكيلة واختصاصات هذه اللجنة .





_____________________________________________________
1- الجريدة الرسمية , عدد 4984 بتاريخ 7/3/2002 , ص 483-484 .


11

أولا : تشكيلة اللجنة التقنية

استنادا للفصل الخامس من ظهير 15 فبراير 1977 الذي تم بموجبه إحداث اللجنة التقنية للعمالة أو الإقليم لدى العامل وتحت رئاسته , فان هذه الأخيرة أي اللجنة : " تتألف من الكاتب العام للعمالة أو الإقليم ومن رؤساء الدوائر ورؤساء المصالح الخارجية للإدارات المدنية للدولة , ومن مديري المؤسسات العمومية . ويجوز للعامل أن يستدعي لحضور أشغال اللجنة المذكورة كل شخص من ذوي الأهلية... ".(1)
ووعيا بأهمية مشاركة رؤساء المجالس المنتخبة التي تجري في ترابها عملية التنسيق التي يقودها العامل , فقد بادر منشور وزير الداخلية رقم 519 بتاريخ 22 نونبر 1993 والموجه إلى الولاة والعمال ورؤساء الجماعات ومجالس العمالات والأقاليم , إلى الحث على ضرورة قيام العامل باستدعاء رؤساء هذه المجالس أيضا إلى اجتماعات اللجنة التقنية و ذلك بهدف إشراكهم في برامج التنمية المندمجة بغية تكامل المشاريع المتداولة في المجلس الجماعي وتنسيقها مع المشاريع التي يتعين دراستها في هذه اللجنة تفاديا لهدر الوقت وتبديد الأموال .
ومن ثمة فان هذا التنوع في تركيبة اللجنة من شانه إعطاء نفس جديد لعملها بكل حيوية واندماجية .
ثانيا : اختصاصاتها
حدد الفصل الخامس من ظهير 1977 اختصاصات اللجنة التقنية للعمالة أو الإقليم في المهام التالية :
- المصادقة على جزء من مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخاص بالعمالة أو الإقليم .
- حسن تنفيذ الأشغال المقررة برسم مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنسيق انجازها .
- القيام بمهمة التنسيق المعهود بها إلى العامل خاصة بموجب الفصل 89 من الدستور.
- تنفيذ مقررات مجالس العمالات والأقاليم .
في هذا الإطار, أسندت المادة السادسة من المرسوم المذكور إلى اللجنة التقنية مهمة دراسة جميع التدابير المتعلقة باللاتركيز الإداري , لاسيما منها إحداث المصالح الغير الممركزة اللازمة لتلبية حاجات المرتفقين لدى العمالة أو الإقليم أو الجماعة واقتراحها على اللجنة الدائمة للاتركيز الإداري


_____________________________________________________
-1الظهير الشريف الصادر يوم 15 فبراير 1977 المعدل والمتمم بظهير بمثابة قانون رقم 293-93-1 بتاريخ 6 أكتوبر 1993 بشان اختصاصات العمال .
12
إن هذه الاختصاصات المنوطة باللجنة التقنية من شانها أن تجعل منها شريكا حقيقيا للعامل في مهام التنسيق , لما تلعبه من دور فعال في بحث ومناقشة جميع المشاكل المطروحة على مستوى العمالة أو الإقليم وتسهيل رواج المعلومة بين مختلف الإدارات المعنية .(1)

المطلب الثاني : مؤسسة العامل ودورها في تنسيق المجهود العمومي لتنمية وحكامة المجال المحلي

يعتبر عامل صاحب الجلالة سلطة رئاسية بالنسبة لرجال السلطة في إقليمه , كما يعد عنصر اتصال هام بين سكان الإقليم من ناحية , وبين السلطة المركزية من ناحية أخرى .
فضلا عن دوره التقليدي في المحافظة على النظام العام باختلاف مدلولاته , وتدبير الشأن العام المحلي في المحيط الذي يشتغل في إطاره .

الفقرة الأولى: التطور القانوني لمؤسسة العامل
منذ بداية التسعينات شهدت مهام التنسيق الموكولة للعامل تطورا جديدا من خلال تبني عدد من النصوص القانونية , تدعو إلى تنشيط وإعطاء نفس جديد لدور العامل من اجل الارتقاء بمسلسل اللاتركيز الإداري .

وقد تمثلت هذه النصوص في المراجعة الدستوري لسنة 1992, هذا الدستور الذي كرس الدور ألتنسيقي للعامل بين المصالح الخارجية , حيث نص في الفصل 96 منه على مايلي : " يتولى العمال في العمالات والأقاليم تنسيق نشاط الإدارات والسهر على تطبيق القانون وتنفيذ مقررات مجالس العمالات والأقاليم ".

وتبقى سنة 1993 سنة انطلاقة وظيفة التنسيق في حلة جديدة باعتماد جملة من النصوص القانونية الرامية إلى دعم وتجديد دور العامل في ميدان التنسيق .
_____________________________________________________
1- ملف خاص حول اللامركزية واللاتركيز , المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية و عدد 25, 1999, ص 236.

13
ولمواكبة هذه المقتضيات الدستورية , صدر ظهير 6 أكتوبر 1993 المغير والمتمم للظهير الشريف المؤرخ في 15 فبراير 1977 , ليدعم دور العامل في ميدان التنسيق . (1)
حيث نص الفصل الخامس من هذا الظهير على مايلي :

"تحت سلطة الوزراء المختصين يتولى العامل تنسيق أعمال المصالح الخارجية للإدارات المدنية التابعة للدولة , وأعمال المؤسسات العمومية التي يتجاوز اختصاصها الترابي نطاق العمالة أو الإقليم".
وبمقتضى الدستور المراجع لسنة 1992 تمت تقوية اختصاصات العامل , حيث انتقل هذا الدور من القيام بالتنسيق إلى التسيير الإداري للمصالح الخارجية للإدارات المركزية على المستوى الترابي , ويبين هذا الدور الفصل 102 من دستور 1996 الذي ينص على مايلي :

" يمثل العمال الدولة في العمالات والأقاليم والجهات , ويسهرون على تنفيذ القوانين وهم مسئولون على تطبيق قرارات الحكومة , كما أنهم مسئولون لهذه الغاية عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية ".

إن هذه المسؤولية الجديدة التي خولت للعامل بمقتضى الدستور سمحت له بان يكون صاحب القرار الإداري المحلي الوحيد , وهو ما يعتبر مكسبا للإدارة الترابية والديمقراطية المحلية , عكس مايراه بعض المنتخبين وأحزابهم السياسية بان توسيع صلاحيات العامل تعتبر بمثابة إشارة عن تراجع سياسة اللامركزية .(2)
_____________________________________________________
1- يعرف الأستاذ :Roland Dragon" التنسيق يستلزم تامين وحدة الحكومة وتنشيط السياسة المتبعة من طرف مختلف الوزارات" انظر:
- El Mhamdi(Ali),"La coordination dans l'administration centrale du Maroc", thèse pour le doctorat d état en droit, université de droit,d’economie et sciences sociales de paris paris,2 »,P:10 . «
2- Fikri(Mostapha),"Le changement administratif au Maroc a travers la révision constitutionnelle de 1996"; REMALD ,N18 janvier-mars ,1997 , P:82 .

14
الفقرة الثانية : دور العامل في تسريع عجلة التنمية المحلية
يظهر دور العامل في المجال التنموي على المستوى المحلي من خلال :
* قيامه بتحديد الاثمنة واحترام تطبيقها , بالإضافة إلى اختصاصه النوعي في ميدان النقل والقرض الفلاحي واستغلال أملاك الدولة .
* رئاسته للمصالح الاجتماعية التابعة لإقليمه كالتعاون الوطني والهلال الأحمر...
* إشرافه على جميع صفقات الإدارات العمومية المبرمة على صعيد إقليمه , إذا ما فوضت له هذه الصلاحية من قبلها .
* إبرامه للعقود والصفقات المتعلقة بالأشغال والتعويض عن الخدمات المبرمة لفائدة العمالة أو الإقليم .
* تتبع تدبير شؤون الجماعات المحلية بتعاون مع محصل المالية والقباض التابعين للدولة , ودعمها في انجاز برامجها بمساعدة من مصالح الدولة مع مراعاة ماتتمتع به من
استقلال في صلاحية الاختيار والتقرير.
* توجيههه بشكل سنوي تقريرا مفصلا عن حالة تقدم الاستثمارات المقررة من لدن كل وزارة إلى وزيرها المعني بالأمر.
كما يمكنه في هذا الشأن أن يقترح جميع التدابير التي يرى فيها فائدة لتحقيق الاستثمارات الداخلة في اختصاص الوزارة المعنية . (1)
إن هذه الصلاحيات التي يتمتع بها العامل سواء من خلال صفته كممثل للدولة بالإقليم أو مشرفا على الهيئات اللامركزية , تطلبت كثيرا من الوقت والجهد قبل أن يتم استيعابها من قبل المنتخبين المحليين , نظرا لجو التنافر الذي طبع العلاقة بين الطرفين والذي عبر عنه المغفور له الحسن الثاني بقوله :
" يرى المنتخب رجل السلطة وكأنه عدو ورجل السلطة يرى في المنتخب خصما ".
إن التعاون وحسن التعامل بين رجل السلطة ممثلا في العامل والهيئات المنتخبة يتجليان في العمل المشترك لما فيه تحقيق المصلحة العامة والتشاور المستمر, والدفاع عن المشاريع التنموية لصالح المنطقة لدى السلطة المركزية عبر ملف واحد .
____________________________________________________
-1كرامي( محمد) ," القانون الإداري- التنظيم الإداري- النشاط الإداري" , الطبعة الثانية , مطبعة النجاح الجديدة , 2003, الدار البيضاء , ص 73.


15
وهو ما عبر عنه المغفور له بقوله : " أملي أن اسمع وان أرى يوما من الأيام , عاملا من عمال المملكة وبمعيته شخصين أو ثلاث منتخبين من عمالته وفي يدهم حقيبة واحدة وملف واحد , يسيرون كرجل واحد , يدا في يد , ويطرقون باب الوزارات كرجل واحد , يتجندون كلهم للخروج بملف واحد , حتى يجعلوا من ذلك الملف الذي كان حلما حقيقة ". (1)
هذه المقولة تبين لنا بجلاء مدى صعوبة الدور الملقى على عاتق رجل السلطة من خلال مساهمته في العمل الجماعي , خصوصا وقد أصبح يحاور أطرا ترسمت على المهام الصعبة وولجت عالم تدبير الشأن العام المحلي , واستأنست بالتفكير في المشاريع التنموية وإعدادها .(2)
وبالتالي , فقيام العامل بدوره الأساسي المتمثل في إحداث تناغم بين جميع المتدخلين على الصعيد المحلي سواء في إطار التركيز أو في إطار اللامركزية , يمر عبر قناة التعاون والتشارك الذي ينسج خيوطه مع الهيئات المنتخبة .

المبحث الثاني : الإطار القانوني للامركزية الإدارية وتجليات الحكامة المحلية

منذ السنوات الأولى للاستقلال انصب التفكير حول إيجاد صيغة لتنظيم إداري يستجيب للاكراهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , ولهذا الغرض تم إصدار ميثاق جماعي في 23 يونيو 1960 , ليتم بذلك وضع أول أساس تشريعي لإقرار مبدأ اللامركزية الإدارية الذي يتضمن توجيهات عامة كخطوة أولى في إطار النهوض بالتنظيم المحلي , غير انه لم يقم بدور يذكر في هذا المجال , لكونه لم يعطي اختصاصات مهمة للمجالس المنتخبة .
_____________________________________________________
1- مقتطف من خطاب جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني عند افتتاح أشغال المناظرة الوطنية السادسة للجماعات المحلية , يوم 28 يونيو 1994 , ص 104.
2- يقصد بالشأن العام :" كل القضايا والأمور التي ترتبط أساسا بحياة المواطنين ويتم تدبيرها من طرف الدولة أو الهيئات العامة, وتمول بواسطة المال العام المقتطع في إطار الضرائب والرسوم المفروضة عليهم", للمزيد من الإيضاح انظر: بنمير ( المهدي), " اللامركزية والشأن العام المحلي-أية آفاق في ظل المفهوم الجديد للسلطة", سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية , 2000 , مراكش , ص 7.
-يقصد بالشأن المحلي :" مجموع القضايا المحلية التي يقر المشرع بوجودها لجماعة من الأفراد ويعهد إليهم بالإشراف عليها وتدبير مواردها المالية والبشرية . وينبغي أن تقوم الشؤون المحلية منعزلة عن الشؤون العامة للبلاد", للمزيد من التفصيل انظر: قاسمي ( محمد) , " الشأن المحلي في سياق اللامركزية وعدم التمركز" , السلسلة الإدارية , مطبعة فضالة , المحمدية , 1999 , ص5-6 .
16
في المقابل وسع صلاحيات ممثلي السلطة المركزية , مما جعل هذه المجالس بعيدة كل البعد عن الممارسة الفعلية لتدبير الشأن المحلي , إضافة إلى تكريس وصاية مالية وإدارية للتضييق من هامش المبادرة المعترف بها للجماعات المحلية الحضرية والقروية . (1)
بعد ذلك تم وضع قانون لتنظيم العمالات والأقاليم بمقتضى ظهير 12 شتنبر 1963 الذي جعل العمالات والأقاليم بمثابة وسيط بين السلطة المركزية والجماعات المحلية لتكملة وتطوير اللامركزية , كما شكلت أهم التقسيمات الإدارية التي عرفتها البلاد خلال تلك الفترة طفرة نوعية سعت من خلالها إلى مراقبة وتاطير المجتمع لفرض سلطاتها الإدارية والسياسية على مجموع التراب الوطني , وكذلك لتجاوز الازدواجية المتمثلة في (المغرب النافع) و(المغرب غير النافع) , خاصة وان المدن الساحلية - محور الدار البيضاء , القنيطرة تستحوذ على أهم الأنشطة الاقتصادية في محاولة لتحقيق تنمية محلية تشمل مجموع التراب الوطني .
فانصب الاهتمام على الجهة كإطار أصلح لدمج كافة المؤهلات والإمكانيات المتوفرة من خلال ظهير 16 يونيو 1971, غير أن الممارسة قد أبانت عن وجود عدة اختلالات حالت دون تشجيع الأنشطة الاقتصادية والخدمات العمومية الضرورية للمواطنين .
هكذا تم إصدار ميثاق جماعي آخر بمقتضى ظهير 30 شتنبر 1976 الذي أعاد الاعتبار للجماعة المحلية كإطار للتنمية الاقتصادية والاجتماعية , مشكلة بذلك قفزة نوعية لوضع النواة الأولى لإدارة اقتصادية واجتماعية محلية , ليتم في 02 ابريل 1997 إحداث قانون متعلق بالتنظيم الجهوي قانون رقم 47/96 بعد أن تم الارتقاء بالجهة إلى جماعة محلية بمقتضى التعديلات الدستورية لسنتي 1992و 1996, حيث أنيطت بالجهة اختصاصات واسعة للبث في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بها .
وبما أن السياسة المتبعة في تدبير الشأن المحلي أثبتت قصورها عن بلوغ النتائج المتوخاة منها , أصدر المشرع المغربي قانونين جديدين قانون رقم 78-00المتعلق بالتنظيم الجماعي الذي أدخلت عليه تعديلات جديدة واردة في القانون رقم 17.08 الصادر في فبراير 2009 , والقانون رقم 79-00 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم . (2)
_____________________________________________________
1- اللامركزية هي : (إحداث هيئات منتخبة يعهد إليها بتسيير وإدارة بعض القضايا المحلية في إطار استقلال نسبي عن السلطة المركزية التي تكتفي في هذه الحالة بممارسة الوصاية الإدارية عليها بعبارة أوضح نقل بعض الاختصاصات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي من الدولة إلى الجماعات المحلية) , انظر قاعدة: (محمد) ," اللاتمركز الإداري ودوره في الإصلاح الإداري " , بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة , كلية الحقوق اكدال , الرباط , 2002- 2003, ص 3.
2- الجريدة الرسمية عدد 5058 الصادرة في 21 نونبر 2002 .
17
قانونين رسم من خلالهما المشرع المغربي صورة متقدمة للإدارة المحلية اللامركزية , المنتظر أن تحدث تغييرات نوعية في تدبير الشأن المحلي وتحقيق الحكامة الجيدة , خاصة وان بلادنا استعدت للموعد الدستوري سنة 2009 لإجراء انتخابات جماعية من اجل تجديد المجالس المنتخبة (الجماعية - الإقليمية - الجهوية) .

المطلب الأول : الإطار القانوني المنظم للجهة

تبدوا الجهة حلقة رئيسية قادرة على استكمال الصرح المؤسساتي للمملكة , فدورها لم يعد يقتصر على الوظائف السياسية والإدارية , بل تعداه ليشمل جميع جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , ذلك مانصت عليه عدة مقتضيات من القانون رقم 96/47 الصادر في 02 ابريل 1997 المتعلق بالتنظيم الجهوي , والذي تضمن جملة من الاختصاصات تتعلق بكل من المجلس الجهوي ورئيس المجلس الجهوي وعامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة. (1)
الفقرة الأولى : اختصاصات المجلس الجهوي ورئيسه وعامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة
أولا: اختصاصات المجلس الجهوي
اسند ظهير 02 ابريل 1997 المتعلق بالتنظيم الجهوي , اختصاصات ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية للمجالس الجهوية , وذلك تبعا للمادة 6 من القانون المذكور, بحيث يبث المجلس الجهوي بمداولاته قي قضايا الجهة ولهذه الغاية يقرر التدابير الواجب اتخاذها لضمان تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكاملة , مع مراعاة الاختصاصات المسندة إلى الجماعات المحلية الأخرى والحيلولة دون الوقوع في تداخل الاختصاصات .
وعليه , يمارس المجلس الجهوي اختصاصات خاصة به واختصاصات تنقلها إليه الدولة , اظافة إلى اختصاصات استشارية نصت عليها المادة 7 من القانون المذكور تحوي قائمة من الاختصاصات التي يمارسها المجلس الجهوي داخل الحدود الترابية للجهة . ومن الاختصاصات الخاصة مايلي : (2)
- دراسة ميزانية الجهة والتصويت عليها , وكذا دراسة الحسابات الإدارية والمصادقة عليها طبقا للشكليات والشروط المقررة في هذا القانون .
_____________________________________________________
1- التنظيم الإداري المحلي , سلسلة نصوص ووثائق, منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , الطبعة الثانية , عدد 161, 2006, ص 207.
2- التنظيم الإداري المحلي , نفس المرجع السابق , ص 211.

18
- إعداد مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة وفقا للتوجهات والأهداف المعتمدة في المخطط الوطني للتنمية وفي حدود الوسائل الخاصة بالجهة وتلك الموضوعة رهن تصرفها .
- إعداد التصميم الجهوي لتهيئة التراب وفقا للتوجهات والأهداف المعتمدة على المستوى الوطني .
- القيام بالأعمال اللازمة لإنعاش الاستثمارات الخاصة والتشجيع على انجاز تلك الاستثمارات ولاسيما بإقامة وتنظيم مناطق صناعية ومناطق للأنشطة الاقتصادية .
- اعتماد كل التدابير الرامية إلى حماية البيئة .
- القيام بكل مايهدف إلى إنعاش ومساندة كل عمل من أعمال التضامن الاجتماعي , وكل تدبير ذي طابع إحساني .

أما الاختصاصات المنقولة , فتتجلى في ميادين التعليم بما في ذلك التعليم العالي , الصحة , تكوين أعوان واطر الجماعات المحلية , التجهيزات ذات الفائدة الجهوية . (1)
وتدخل مسالة ممارسة المجلس الجهوي لهذا الصنف من الاختصاصات ضمن إستراتيجية تنموية محلية تستجيب لثلاثة أسباب موضوعية هي :
* الدخول في مرحلة جديدة من اللامركزية عن طريق الارتقاء بالجهة نحو أعلى مستوى للمسؤولية .
* التخفيف التدريجي من الأعباء ذات الصبغة المحلية والملقاة على كاهل الدولة , والتي يمكن للجهة أن تتكفل بها .
* ضمان أجود الخدمات بأقل تكلفة مع مراعاة المصلحة العامة .
كما تم التنصيص من خلال مقتضيات المادة 8 على نهج أسلوب التعاون مع أي شخص من أشخاص القانون العام , إذ يقوم هذا الأسلوب على أساس إبرام اتفاقيات التعاون يكون موضوعها تمويل برامج تنموية خاصة بالجهة , توضع لها الاعتمادات والوسائل الضرورية .(2)

_____________________________________________________
1- بنمير(المهدي) ," التنظيم الجهوي بالمغرب ", دراسة تحليلية للقانون رقم 96/47 المتعلق بتنظيم الجهات , سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية , المطبعة والوراقة الوطنية , مراكش , عدد6 , 1997, ص 69.
2- كيجي(حسنة) ,"التنظيم الجهوي وآفاق حماية البيئة بالمغرب – حالة جهة الدار البيضاء الكبرى", أطروحة لنيل الدكتوراه , شعبة القانون العام , وحدة القانون الإداري والعلوم الإدارية , كلية الحقوق الدار البيضاء , 2001- 2002, ص 32.


19

إلا أن ما يؤاخذ على هذا الأسلوب إقصاؤه للقطاع الخاص , الذي أصبح يلعب دورا بارزا في مجال التنمية المحلية , وذلك عكس ماورد في الميثاق الجماعي الجديد , إذ كرس أهمية
التعاون والشراكة مع جميع الفاعلين ومن ضمنهم القطاع الخاص والمجتمع المدني .
وهو ما يؤدي إلى الإخلال بأحد المبادئ الأساسية التي ترتكز عليها الحكامة المحلية , وهو مبدأ الشراكة والتعاون مع جميع المتدخلين , سواء تعلق الأمر بالدولة أو احد الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام , أو احد الشركاء الاقتصاديين أو الاجتماعيين الخواص , أو مع كل جماعة أو منطقة أجنبية , في كل ما من شانه أن ينعش التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحلية .
أما الاختصاصات الاستشارية فتتمثل في تقديم المجلس الجهوي لبعض الاقتراحات وإبدائه الرأي حول المواضيع التالية :
- يقترح على الإدارة وعلى الأشخاص المعنوية الأخرى الخاضعة للقانون العام الأعمال الواجب القيام بها لإنعاش تنمية الجهة , إذا كانت هذه الأعمال تتجاوز نطاق اختصاصات الجهة , أو تفوق الوسائل المتوفرة لديها أو الموضوعة رهن تصرفها .
- يقترح كل تدبير يتعلق باختيار الاستثمارات المراد انجازها في الجهة , من لدن الدولة أو من قبل شخص آخر من الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام .
- يبدي رأيه في السياسات المتعلقة بإعداد التراب الوطني والتعمير ووسائلها .
ومادام المجلس الجهوي يعد الجهاز العام والمسير لشؤون الجهة , فان القانون المنظم له قد نص على عدة أجهزة تتولى تدبير الشؤون الجهوية , قصد بها رئيس المجلس الجهوي ومكتب المجلس واللجان الدائمة .(1)

ثانيا : اختصاصات رئيس المجلس الجهوي وعامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة
حسب المادة 49 من القانون المذكور يرأس الرئيس المجلس الجهوي ويمثله بحكم القانون من لدنه أو احد نوابه بتكليف منه في المؤسسات العامة ذات الطابع الجهوي .


_____________________________________________________
1- حسب المادة 36 من ظهير 02 ابريل 1997 تتشكل اللجان الدائمة للمجلس الجهوي من اللجان الدائمة لدراسة المالية والميزانية , لجنة التخطيط وإعداد التراب , لجنة الفلاحة والتنمية القروية , لجنة الصحة, لجنة التعمير والبيئة , لجنة الثقافة والتعليم والتكوين المهني , ولجنة لدراسة المسائل الاقتصادية والاجتماعية وإنعاش الشغل .

20
فالجهاز الرئاسي في المجالس المنتخبة يعد الأداة الدالة على إرادة المشرع في تعزيز موقعها والارتقاء بها إلى مؤسسة لامركزية , وإذا كان رئيس المجلس الجماعي يعبر عن الاتجاه الأول نظرا للمكانة التي خاصة بها الميثاق الجماعي , فان رئيس مجلس العمالة أو الإقليم ورئيس مجلس الجهة يعبران عن الاتجاه الثاني , اعتبارا لما نقل إليهم من صلاحيات نظرية تحول دون اعتبارهما مؤسسة رئاسية .(1)

وان كان هنالك أجهزة أخرى معينة , خول لها القانون عدة صلاحيات في مجال تدبير شؤون الجهة ويتعلق الأمر بعامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة الذي يقوم بدور الوسيط مابين رئيس المجلس الجهوي وباقي مرافق الدولة , التي قد يستعين بها في ممارسة اختصاصاته , ثم إن القانون المنظم للجهة تارة يقدم وتارة يؤخر دور الرئيس في نسق يضمن اتخاذ القرارات تحت مراقبة عامل مركز الجهة .(2)

الفقرة الثانية : آليات تحسين التدبير الجهوي
بتكريس ثقافة القرب وترسيخ اللامركزية الجهوية , تم الإعلان عن تبني سياسة جديدة لتدبير الاستثمار , كمؤشر عن تجاوز الأسباب الكامنة وراء تعثر السياسات الاقتصادية وتقليص حجم الاستثمارات , لذلك تم إنشاء المراكز الجهوية للاستثمار . وبهدف تحسين أساليب الرقابة العليا على تدبير مالية الجماعات المحلية , وتجويد آليات تدخلها ,ثم إحداث المجالس الجهوية للحسابات بهدف تجاوز العراقيل التي تحول دون تحقيق التدبير الجيد للشأن العام المحلي .(3)




_____________________________________________________
1- بالزاغ(عبد الكريم) ," وظائف الجهة نموذج جهة الشاوية ورديغة " , مطبعة المعا ريف الجديدة , الرباط , 2003, ص 117.
2- El yaagoubi(Mohamed),"Décentralisation et constitution au Maroc" , REMALD, N14-15, 1996, P:24 .
3- حركات( محمد ) ," دور المجالس الجهوية للحسابات في تفعيل التدبير الجيد للشأن العام المحلي ", مجموعة البحث حول الاقتصاد الحضري الجهوي والبيئة , الرباط, 2002, ص 6.

21


أولا: المراكز الجهوية للاستثمار
جاءت الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول في موضوع التدبير اللامتمركز للاستثمار لوضع حد لتعقد الآليات القانونية والإدارية التي حالت دون تحقيق كثير من مشاريع الاستثمار , ورسم ملامح إستراتيجية عامة لتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية أمام الاستثمارات الوطنية والأجنبية , لذلك تم إحداث المراكز الجهوية للاستثمار من اجل القيام بمهمتين :
الأولى تتعلق بإحداث شباك مكلف بتقديم المساعدة على إنشاء المقاولات , بحيث يعد المخاطب الوحيد للأشخاص الذين يرغبون في إحداث مقاولة. (1)
أما المهمة الثانية , فتتعلق بإحداث الشباك الخاص بمساعدة المستثمرين ويضطلع بتوفير الشروط الملائمة لدعم الاقتصاد الجهوي وتحقيق تنمية متوازنة من خلال التوجه نحو القطاعات التي بإمكانها جدب المستثمرين , وتحقيق الإقلاع الاقتصادي بحيث يتولى :
* تزويد المستثمرين بكل مايفيدهم من معلومات بشان الاستثمار الجهوي .
* مهمة دراسة طلبات الترخيص الإداري .
* تسهيل عملية الحصول على المعلومات والوثائق الإدارية .
كما يتكلف الشباك بمهمة دراسة مشاريع العقود أو الاتفاقيات التي ستبرم مع الدولة , والتي تستدعي امتيازات إضافية للمستثمرين في قطاعات الصناعة والسياحة والسكن والتي تساوي أو تفوق 200 مليون درهم , والقيام بتوجيهها إلى السلطة الحكومية المختصة من اجل المصادقة والتوقيع عليها من لدن الأطراف المتعاقدة . وفي هذا الإطار, يقوم الوالي في حدود اختصاصه بإعداد وتنفيذ التراخيص والوثائق , والعقود الضرورية لانجاز الاستثمار موضوع الاتفاقية التي يتكفل بتنفيذها , واقتراح الحلول التوافقية لما قد ينشا من منازعات بين المستثمرين والإدارات .
و بالتالي المراكز الجهوية للاستثمار مكلفة بوظيفتين أساسيتين :
ا- التواصل بين الإدارة ومحيطها الاقتصادي باعتماد تقنية " الشباك الوحيد " في التعامل مع الإدارة .
ب- الشفافية والفعالية في عملية الحصول على الوثائق والتراخيص الضرورية , وتحقيق انسجام امثل بين المصالح الإدارية عبر توجيه التدخلات في إطار توجه عام يراعي البعد الوطني من جهة , والمتطلبات الجهوية والمحلية من جهة أخرى .

_____________________________________________________
1- الجريدة الرسمية , عدد 4970 , بتاريخ 17 يناير 2002 .

22

ثانيا : المجالس الجهوية للحسابات
تناط بالمجالس الجهوية للحسابات وظيفة خاصة في مجال ترسيخ مبادئ الحكامة المحلية . هذا ما أكدت فعاليته العديد من التشريعات المقارنة , التي عملت على لامركزة أجهزتها الرقابية كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا التي احدثث الغرفة الجهوية للحسابات عام 1982 حتى تكون هذه الغرفة قريبة من المجالس المنتخبة عوض محكمة الحسابات .
تتألف المجالس الجهوية للحسابات من رئيس المجلس ووكيل الملك والمستشارون والكتابة العامة وكتابة الضبط . وفيما يتعلق بالاختصاصات , فان هذه المجالس تتولى مراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيأتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها , بمعنى أنها تتكلف باختصاصات قضائية وأخرى إدارية طبقا لما ورد في مدونة المحاكم المالية .(1)

بالنسبة للاختصاصات القضائية , تتضح ملامحها من خلال تدخل هذه الوحدات الرقابية في البت في حسابات المحاسبين العموميين من جهة , والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية من جهة ثانية .

أما فيما يتعلق بالاختصاصات الإدارية , فإنها تتوزع إلى اختصاصات مراقبة القرارات المتعلقة بالميزانية , وكذا مراقبة التسيير ومراقبة استعمال الأموال العمومية .

وبالتالي , فالمجالس الجهوية للحسابات مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بلعب دور مهم في مجال مراقبة التدبير المالي المحلي , تماشيا مع المراقبة المالية الحديثة التي لاتقتصرعلى ضبط المخالفات وتطبيق العقوبات فحسب , بل تسعى إلى حث المسيرين على اتخاذ القرارات الملائمة والصائبة .




____________________________________________________
-1حيمود (محمد) ," إشكالية تقييم التدبير المحلي " , مقاربة نقدية على ضوء التوجهات الرقابية الحديثة , أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق , جامعة الحسن الثاني , الدار البيضاء , 2002 , ص203 .



23

المطلب الثاني : القانون المنظم للعمالات والأقاليم قانون رقم 00/79

كان قانون التنظيم الإقليمي لسنة 1963 بمثابة خطوة أولى نحو تحقيق نظام اللامركزية على مستوى العمالات والأقاليم , إلا أن الثغرات التي أظهرتها تجربة التطبيق أوجبت إصدار القانون رقم 79/00 قصد تطوير اللامركزية الإقليمية وتفعيل الدور التنموي للعمالات والأقاليم التي أصبحت عبارة عن وحدات غير ممركزة تمارس فيها المصالح الخارجية اختصاصاتها , إضافة إلى كونها وحدات ترابية لامركزية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي , ويتولى تدبير شؤونها جهازان أساسيان : (1)
- جهاز تداولي منتخب يدعى مجلس العمالة أو الإقليم .
- جهاز معين يمثله الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم .

الفقرة الأولى : اختصاصات مجالس العمالة اوالاقليم
صنف القانون الجديد المتعلق بتنظيم العمالة أو الإقليم الاختصاصات المنوطة بهذا المجلس إلى اختصاصات ذاتية واختصاصات منقولة , وأخرى استشارية .

فبالنسبة للاختصاصات الذاتية : فان المجلس يتكلف بالشؤون المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالعمالة أو الإقليم , برامج التجهيز والتنمية , الأعمال المتعلقة بإنعاش الاستثمار , البث في شان إحداث مقاولات وشركات الاقتصاد المختلط , إبرام اتفاقيات التعاون أو الشراكة مع الإدارات العمومية أو الجماعات المحلية والهيئات العمومية أو الخاصة , توقيع اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي وكل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية . طبقا للمادة 46.
كما يتكلف المجلس بدراسة الميزانية والحساب الإداري , فتح حسابات خصوصية واعتمادات جديدة , تحديد سعر الرسوم وتعرفة الوجيبات ومختلف الحقوق التي تقبض لفائدة العمالة أو الإقليم...الخ .

____________________________________________________
1- المتوكل (عبد الله)," الإدارة اللامركزية بالمغرب " , منشورات الإدارة المحلية للتنمية , سلسلة مؤلفات جامعية , عدد 12 , 1999 , ص 29.



24


أما فيما يتعلق بالاختصاصات المنقولة فهي كالتالي : (1)
* إحداث وصيانة الاعداديات والثانويات والمعاهد المتخصصة .
* إحداث وصيانة المستشفيات والمراكز الصحية .
* تكوين موظفي الجماعات والمنتخبين المحليين .

وبالنسبة للاختصاصات الاستشارية , فان المجلس يقدم اقتراحات وملتمسات وإبداء الرأي للدولة و لأي شخص معنوي آخر خاضع للقانون العام , حول الأعمال الواجب القيام بها لإنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعمالة أوالإقليم .

فماذا عن المهام الموكولة لرئيس مجلس العمالة أو الإقليم ؟

تضمن قانون 79/00 مقتضيات من شانها تقوية مركز رئيس مجلس العمالة أو الإقليم , تتمثل في تمثيله للعمالة أو الإقليم بصفة رسمية في جميع أعمال الحياة المدنية والإدارية والقضائية , وبالتالي , فهذه التمثيلية جعلته في وضعية أفضل من تلك التي كان عليها في ظل قانون 12 شتنبر 1963 على الرغم من عدم جواز رفعه لأي دعوى قضائية إلا بمقرر صادر عن المجلس , باستثناء حالة الدفاع أو استئناف حكم حسب المادة 41 من القانون الجديد , وكذلك الدعاوي المتعلقة بالحيازة أو الأعمال التحفظية أو الموقفة لسقوط حق والدفاع عن التعويضات المقدمة ضد اللوائح الموضوعة لتحصيل الديون المستحقة للعمالة أو الإقليم .
كما أصبح بإمكان رئيس مجلس العمالة أو الإقليم التوفر على رئيس الديوان ومكلفان بمهمة تحدد شروط تعيينهم ورواتبهم بمرسوم وفقا للمادة 39 , والغاية من هؤلاء مساعدة رئيس المجلس في أدائه , إضافة إلى حقه في استعمال مصالح الدولة بالعمالة أو الإقليم للقيام بالمهام المنوطة به .


___________________________________________________
1- Ben Bachir( Houssine), "Les rapports et les limites de la loi n 79.00relative a l organisation des préfectures et des provinces", Revue marocaine d administration et de développement , série thèmes actuels , n44 , 2003 , P:35 .

25

الفقرة الثانية : مكانة الوالي أو العامل ضمن القانون الجديد
يستمد الوالي أو العامل المكانة المتميزة التي تحيلها ضمن القانون الجديد انطلاقا من ازدواجية وظيفته , فمن جهة , يعتبر سلطة لامركزية يتولى بمقتضاها تدبير شؤون العمالة أو الإقليم , ومن جهة أخرى يمارس مهام سلطة غير ممركزة , إذ يقوم بمراقبة الجماعات المحلية بما فيها العمالة أو الإقليم . (1)

ويتولى الوالي أو العامل ممارسة جملة من الاختصاصات على مستوى العمالة أو الإقليم تتمثل فيما يلي :
- ينفد الميزانية ويضع الحساب الإداري .
- يتخذ القرارات لأجل تحديد سعر الرسوم وتعرفة الوجيبات ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل .
- يحافظ على أملاك العمالة أو الإقليم ويديرها . ولهذه الغاية يسهر على مسك جداول إحصاء أملاك العمالة أو الإقليم وتحيين سجل محتوياتها وتسوية وضعيتها القانونية ويتخذ كل الأعمال التحفظية المتعلقة بحقوق العمالة أو الإقليم .
- ينجز أعمال الكراء والبيع والاقتناء والمبادلة وكل معاملة تهم الملك الخاص للعمالة أو الإقليم .
- يبرم اتفاقيات التعاون والشراكة والتوأمة. (2)
كما أصبح رئيس مجلس العمالة أو الإقليم وفقا للمادة 45 ملزما بالإطلاع من قبل الوالي أو العامل على تنفيذ مقررات المجلس وذلك بطريقة منتظمة .

كما أن المادة 47 , تنص على توجيه طلب إلى الوالي أو العامل قصد مطابقة تدابير التنفيذ مع المقررات المتخذة من قبل مجلس العمالة أو الإقليم , وذلك بمقتضى مقرر يصوت عليه بالأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم , ويوجه للوالي أو العامل طلب معلل من اجل مطابقة التدابير المعنية مع مقرراته , وإذا لم يتلقى المجلس أي جواب داخل اجل ثمانية أيام تبتدئ من تاريخ تبليغ هذا الطلب , جاز له التصويت على ملتمس في هذا الشأن يوجه إلى وزير الداخلية .

____________________________________________________
1- المتوكل (عبد الله) , نفس المرجع السابق , ص 39.
2- التنظيم الإداري المحلي , نفس المرجع السابق , ص 192.

26
هذا الأخير يتوفر على اجل شهر يبتدئ من تاريخ تسلم الملتمس المذكور لإجابة المجلس , واذا لم يرد أي جواب أو في حالة ما إذا كان الجواب غير مقنع أمكن لمجلس العمالة أو الإقليم إحالة الأمر على المحكمة الإدارية داخل اجل ثلاثين يوما , تبتدئ من تاريخ انصرام الأجل المحدد للجواب أو من تاريخ الإجابة غير المقنعة . فتبث المحكمة الإدارية في القضية داخل اجل لا يتعدى شهرا ابتداء من تاريخ إحالة الأمر عليها .
نلاحظ إذن , أن المشرع احدث بعض الآليات التي تمكن المجلس من مراقبة الوالي أو العامل باعتباره هيئة تنفيذية , وذلك لضمان مطابقة وتجانس تدابير التنفيذ لمقرراته بإتاحة إمكانية مساءلته من طرف مجلس العمالة أو الإقليم , الأمر الذي يفرض على الوالي أو العامل الالتزام بمسؤولية تنفيذ مقررات المجلس . (1)
كما احدث نوعا من الرقابة التي يمارسها مجلس العمالة أو الإقليم على الوالي أو العامل , بحيث تخصص جلسة خلال الدورات العادية بطلب من الرئيس ليقدم الوالي أو العامل أجوبة عن الأسئلة التي يطرحها عليه الأعضاء حول المسائل التي تدخل في اختصاص المجلس . (2)
على العموم , مكانة الوالي أو العامل جد مهمة على مستوى العمالة أو الإقليم وذات وقع كبير على مستوى التنسيق , وهي أهمية تؤهله لاتخاذ التدابير التي تمكن من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان المحليين .

المطلب الثالث : القانون رقم 78/00 المتعلق بالميثاق الجماعي

تعود أسباب إصدار قانون رقم 78/00 إلى اختيار المغرب للمسار الديمقراطي , على اعتبار أن الجماعة المحلية تعد لبنة أساسية من لبنات المجتمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي عبر تكريس سياسة القرب من المواطنين وإشراكهم في تدبير شؤونهم المحلية , إضافة إلى تنمية الوعي الجمعوي , وترسيخ قيم الدعم و المساندة .

فماذا عن اختصاصات المجلس الجماعي ورئيس المجلس الجماعي ؟ ثم أين تتمظهر مكانة المنتخب الجماعي في ظل نظام وحدة المدينة ؟
____________________________________________________
1- حضراني (احمد) ," مكانة العامل ومشروع تعديل قانون التنظيم الإقليمي ", المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 32, 2001, ص 39.
2- Ben Bachir ( Houssine) , op-cit , P:41 .
27
الفقرة الأولى : اختصاصات المجلس الجماعي
يمارس المجلس الجماعي اختصاصات ذاتية واختصاصات منقولة , وأخرى استشارية كغيره من القوانين التي سبقته .

ففيما يخص الاختصاصات الذاتية , فقد حددها الميثاق الجماعي الجديد فيما يلي :
ا- على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية , يدرس المجلس الجماعي مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة ويصوت عليه طبقا لتوجهات وأهداف المخطط الوطني .
ب- على مستوى المالية والجبايات والأملاك الجماعية , يقوم المجلس بدراسة الميزانية والحسابات الإدارية , تحديد سعر الرسوم وتعرفة الوجيبات , تحديد الأملاك العامة الجماعية وترتيبها وإخراجها من حيز الملك العمومي وكل المعاملات المتعلقة بعقارات الملك الخاص . حسب المادة 37.
- على مستوى التعمير وإعداد التراب يتكلف المجلس باحترام ضوابط البناء المقررة في مخططات توجيه التهيئة العمرانية . طبقا للمادة 38.
- على مستوى المرافق والتجهيزات العمومية المحلية , يقوم المجلس بإحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية , أي كل ما يتعلق بالتزود بالماء الصالح للشرب وتوزيعه , توزيع الطاقة الكهربائية , جمع النفايات وإيداعها بالمطرح العمومي... , وذلك عن طريق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة والامتياز. حسب المادة 39.
- على مستوى التجهيزات والأعمال الاجتماعية والثقافية والبيئية , يقوم المجلس بتدبير التجهيزات الاجتماعية والثقافية والرياضية , مساندة المنظمات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والرياضي , وكذا المحافظة على البيئة .
- على مستوى التعاون والشراكة , يقوم المجلس بدراسة اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي والمصادقة عليها , وكل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية بعد موافقة سلطة الوصاية , وذلك في إطار احترام الالتزامات الدولية للمملكة , طبقا للمادة 42.
أما فيما يخص الاختصاصات القابلة للنقل المنصوص عليها في المادة 43 , فتتضمن إحداث وصيانة المدارس ومؤسسات التعليم الأساسي والمستوصفات والمراكز الصحية ومراكز العلاج , وكذا انجاز برامج التشجير وتحسين وصيانة المنتزهات الطبيعية ... , وتكوين الموظفين والمنتخبين الجماعيين .

28



وبالنسبة للاختصاصات الاستشارية , فهي تهم الاقتراحات والملتمسات وإبداء الرأي حول كل مشروع تقرر انجازه من قبل الدولة أو أية جماعة أو هيئة عمومية أخرى بتراب الجماعة , ويمكن للمجلس علاوة على ذلك تقديم بعض الملتمسات فيما يتعلق بجميع المسائل ذات الفائدة الجماعية , وذلك وفق ماهو منصوص عليه في المادة 44 .(1)

الفقرة الثانية : اختصاصات رئيس المجلس الجماعي
حرص الميثاق الجديد على تدقيق وتوسيع اختصاصات رئيس المجلس الجماعي , فخصص له المواد من 45 إلى المادة 56 على الشكل التالي : (2)

ا- اختصاصات الرئيس على صعيد تسيير المجلس الجماعي وتدقيق مقرراته , يتكلف الرئيس بتنفيذ مقررات المجلس الجماعي , واتخاذ كافة التدابير اللازمة لدلك حسب ما نصت عليه المادة 47 من الميثاق الجماعي الجديد , وفي هذا الإطار يتكلف بتنفيذ الميزانية ويضع الحساب الإداري , يحدد سعر الرسوم وتعرفة الوجيبات ومختلف الحقوق طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل..., إبرام اتفاقيات الشراكة والتعاون والتوأمة .
ب‌- اختصاصات الرئيس باعتباره رئيسا إداريا وممثلا قانونيا بالنسبة لسلطة الرئيس في مجال التقاضي حسب المادة 48 , فانه يمثل أي (الرئيس المجلس الجماعي) أمام المحاكم , وهو ملزم بالحصول على إذن من المجلس في حالة رفع دعوى قضائية , أما الحالات الأخرى المتعلقة بالدفاع وطلب الاستئناف في دعوى معينة , فان الرئيس غير ملزم بالحصول على إذن مقابل إطلاع المجلس بكل الدعاوي القضائية التي تم رفعها بدون إذن مسبق .
ج‌- اختصاصاته في مجال تسيير المصالح الإدارية الجماعية , للرئيس سلطة التعيين في جميع المناصب الجماعية بما فيها التعيين في المناصب العليا , فهو يزاوج بين مهمته كمستشار جماعي وكرئيس أعلى لموظفي الجماعة باعتباره المسير للمصالح الجماعية والرئيس التسلسلي للموظفين الجماعيين .

____________________________________________________
1- التنظيم الإداري المحلي , نفس المرجع السابق , ص59 .
2- العرج (محمد) ,"رئيس المجلس الجماعي في أحكام الميثاق الجماعي الجديد ", المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 44 , 2003, ص 121.

29
د- صلاحياته في مجال الشرطة الإدارية الجماعية , تتجلى هذه المهام حسب المادة 49 في ميدان الرقابة الصحية والنظافة والسكينة العمومية وكذا سلامة المرور.
يمكن القول أن الدور الجديد للجماعة أصبح يفرض عليها تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية , وتكريس مبادئ الديمقراطية المحلية , من اجل حكامة محلية جديدة تستجيب لتطلعات المواطنين ومتطلبات التنمية , لذلك تم منح اختصاصات مهمة للمجالس الجماعية ورؤسائها .

الفقرة الثالثة : مكانة المنتخب الجماعي في ظل نظام وحدة المدينة
المنتخب الجماعي اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى بان يكون في مستوى الاكراهات والضغوطات التي تواجه العمل الجماعي , ويبدو بان الحكامة المفهوم الأكثر إجرائية للإحاطة بالدور الجديد الذي يندرج ضمن تدبير الشأن العام المحلي , إذ يحيل على تجاوز النظرة الضيقة والمحدودة لملامسة الوضع المحلي وهو ما يكشف عن الوضعية التي أصبحت عليها المدن بارتفاع نسبة التمدن , مما افرز فاعلين جدد وشبكات متداخلة من المصالح وهو ما بات يفرض على المدن اكراهات ضخمة في جميع المجالات الأمر الذي يدفع إلى الاهتمام بالتسيير داخل المدينة ككل .

إذن , ماهي أهم الإصلاحات التي جاء بها الميثاق الجماعي قانون رقم 78/00 لتاطير وضعية المنتخب الجماعي في ظل نظام وحدة المدينة ؟

أولا : النظام الأساسي للمنتخب الجماعي
يتضمن الميثاق الجماعي الجديد من خلال الباب الثالث المتعلق بالمنتخب الجماعي , مجموعة من القواعد التي تهدف إلى توسيع حقوقه وضبط اختصاصاته وتبيان امتيازاته , بهدف تخليق المرفق العام المحلي وتحسين أدائه .
فيما يتعلق بالامتيازات , فان القانون يسمح لموظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية
والمؤسسات العامة الذين يزاولون انتدابا عموميا جماعيا , برخص استثنائية أو إذن بالتغيب مع الاحتفاظ بكامل المرتب دون أن يدخل ذلك في حساب الرخص الاعتيادية في حدود المدة الفعلية لدورات المجلس واللجان الدائمة المنتمين إليها طبقا للمادة 16 من نفس القانون .



30
بالنسبة للحقوق , تم إقرار مبدأ مسؤولية الجماعات عن الأضرار الناجمة عن الحوادث التي تقع لأعضاء المجالس الجماعية بمناسبة انعقاد الدورات أو اجتماعات اللجنة التي هم أعضاء فيها , أو أثناء قيامهم بمهامهم لفائدة الجماعة طبقا للمادة 18.
أما فيما يخص الالتزامات الواجبة , فهي حسب المادة 11 تتمثل في أن يشترط في انتخاب كاتب المجلس ومقرر الميزانية إتقانهم للقراءة والكتابة , وكذلك مانصت عليه المادة 28 من ضرورة التوفر على مستوى يعادل على الأقل مستوى نهاية الدروس الابتدائية للترشيح لمهمة رئيس المجلس الجماعي .
انطلاقا من هذا المنظور , فان التسيير الجماعي يستدعي باستمرار بعض المؤهلات , لان للمنتخبين صلاحيات هامة ومتعددة ترتبط بكل مجالات التسيير الجماعي , مما يضفي عليه صبغة تقنية تتطلب خبرة ودراية واسعتين طالما تواجهه صعوبات تتعلق أساسا بتدبير المدن الكبرى , وما يتطلبه هذا النظام الجديد من كفاءات عالية وخبرة في التسيير لإنجاحه . (1)

ثانيا : إحداث نظام خاص لإدارة المدن الكبرى
من المقتضيات الجديدة التي تم إقرارها في الميثاق الجماعي الجديد هي إحداث نظام خاص بالجماعات المحلية يسمى نظام المدن الكبرى أو وحدة المدينة , وهو نظام يقتضي حذف المجموعات الحضرية , وتقسيم المدينة إلى مقاطعات لاتتمتع بالشخصية المعنوية على رأسها جماعة حضرية بهدف التقليل من عدد الفاعلين في تدبير شؤون المدينة والوصول إلى توحيد القرار.
تماشيا مع هذا التوجه , صدرت مجموعة من القوانين والمراسيم تتعلق بتطبيق نظام الاقتراح باللائحة , وتحديد عدد المقاطعات وحدودها الجغرافية وأسماءها , وكذلك التقسيم الإداري للمملكة. (2)
____________________________________________________
1- اجعون (احمد) ,"تكوين المنتخب الجماعي والميثاق الجماعي الجديد ", المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 44, 2003, ص 129- 134.
2- مرسوم رقم 2003 -148 الصادر في 25 مارس 2003 , يغير بموجبه المرسوم رقم 2.280. 953 الصادر في 21 دجنبر 1998, المتعلق بتحديد قائمة الدوائر والقيادات والجماعات الحضرية والقروية بالمملكة, وعدد الأعضاء الواجب انتخابهم في مجلس كل جماعة , ويحدد عدد المستشارين الجماعيين في الجماعات الحضرية غير المقسمة إلى مقاطعات , والمحدثة طبقا للمادة 140 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي , ويلحق إداريا بالعمالات التابعة لها , منشور بالجريدة الرسمية عدد 5093 مكرر, بتاريخ 25 مارس 2003.



31


فحسب مقتضيات المادة 84 تم تطبيق نظام الجماعات الحضرية على المدن التي تفوق ساكنتها 500.000 نسمة , أي مدن (الدار البيضاء - الرباط - سلا- مراكش- فاس- طنجة) .
وهو نظام اقتبسه المشرع المغربي من التجربة الفرنسية التي قامت بتطبيقه منذ عام 1982 بمقتضى القانون رقم 82-1169 والقانون رقم 82-1170 على ثلاثة مدن كبرى (باريس- مرسيليا- ليون) . (1)
وعن طريقة حكامة المدن الكبرى , فهذه الأخيرة يتم تدبيرها من قبل جماعات حضرية تخضع للقواعد العامة المطبقة على كافة الجماعات الأخرى , وتحدث بهذه الجماعات مقاطعات مجردة من الشخصية القانونية , غير أنها تتمتع باستقلال مالي وإداري , ويتم تسييرها من قبل مجلس المقاطعة الذي يتكون من فئتين من الأعضاء :
- أعضاء المجلس الجماعي المنتخبون بالمقاطعة و مستشارو المقاطعة المنتخبون , الذين يخضعون للمقتضات العامة المتعلقة بالنظام الأساسي للمنتخب , كما هو وارد في الباب الثالث من القانون الجديد .
وفيما يتعلق بالصلاحيات , فمجلس المقاطعة يمارس اختصاصات تقريرية وأخرى استشارية , تشكل في الحقيقة امتدادا وتجسيدا لتلك التي يمارسها المجلس الجماعي .
إذن , الإصلاح الجماعي الجديد حرص على إعطاء دلالة جديدة للامركزية الجماعية تتجه نحو تحسين وتطوير وظيفة الجماعة , وخلق نظام حكماتي جيد يستدعي إشراك فاعلين جدد في التدبير, رغبة في تحويل الجماعة إلى مقاولة ترتكز على مبادئ تحديد الأهداف وترسيخ قيم الشفافية والمحاسبة . (2)

المبحث الثالث : محدودية اللامركزية في ظل التبعية والارتباط بالسلطة

رغبة في تدعيم اللامركزية المحلية منح المشرع المغربي المجالس المحلية صلاحيات هامة , وحملها أعباء تنموية عديدة اقتصادية واجتماعية وثقافية , غير أن نجاح اللامركزية لايتوقف فقط على حجم المهام الممنوحة للمجالس والمسؤولية المنوطة بها , بل إن هذا النجاح يتوقف بالأساس على نطاق الوسائل المادية والبشرية المرصودة للجماعات المحلية .

____________________________________________________
1- عمامو (جمال) ," تدبير المدن الكبرى على ضوء القانون الجماعي 78.00مدينة الدار البيضاء نموذجا ", رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام , كلية الحقوق , الدار البيضاء , 2003, ص 44.
2- السد جاري (علي) , " وحدة المدينة المفهوم ونقيضه ", المجلة المغربية للتدقيق والتنمية, عدد 14 , يونيو 2002, ص 23.

32

فالاستقلال المالي المعلن عنه من قبل المشرع لايعكسه واقع الجماعات المحلية فحسب , فمن جهة موارد الجماعات ترتبط بالدولة في جزء كبير منها , ومن جهة ثانية فان الموارد الخاصة بتاطير الجماعات المحلية تظل دون المستوى المطلوب . اظافة إلى أن المستوى الثقافي للمنتخب وضعف تكوينه قد ينعكس سلبا على مصير اللامركزية والديمقراطية المحلية نفسها .
وان كانت الجماعات المحلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري , فهذا لاينفي تبعيتها للدولة نتيجة التشدد في رقابة المجالس ونتيجة ضعف مواردها .
هذا بالاظافة إلى سياسة التقسيم المعمول بها منذ الاستقلال التي لم تعمل في حقيقة الأمر إلا على تكريس هذه التبعية , وذلك من خلال خلق وحدات محلية ضعيفة الإمكانيات تعتمد بشكل واسع على مساعدات وإعانات الدولة للقيام بمهامها , زيادة على تدخل السلطة المركزية والتوسع في رقابتها , والتي تتداخل اختصاصاتها وتتنازع مع مهام الجماعات المحلية . وهنا تطرح مسالة أخذ القرارات التي تصاغ دائما بطريقة فوقية , أي من الأعلى إلى الأسفل . (1)

المطلب الأول : تداخل الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية

إن تداخل الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية يرجع لعدة أسباب يمكن تحديدها في النصوص التشريعية المنظمة للجماعات المحلية , خاصة تلك المتعلقة بتحديد اختصاصاتها , الأمر الذي يجعل من الصعب وضع حد فاصل بين تدخلات الجماعات المحلية وتلك الموكولة للدولة ومؤسساتها وهيأتها بمختلف القطاعات والميادين .
فعلى سبيل المثال القانون رقم 78.00 في المادة 35 منه نجد صياغة : " يفصل المجلس بمداولاته في قضايا الجماعة , ولهذه الغاية يتخذ التدابير اللازمة لضمان تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية " , بينما في قانون 79.00 نجد المادة 35 منه وردت فيها عبارة : " يفصل مجلس العمالة أو الإقليم بمداولاته في قضايا العمالة أو الإقليم ولهذه الغاية يتخذ التدابير اللازمة لضمان تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع مراعاة الاختصاصات المسندة إلى الجماعات المحلية الأخرى" .
__________________________________________________
1- ألسعيدي مزروع (فاطمة) ,"الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب ", الطبعة الأولى , مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء , 2003 , ص 131.
33
بينما تنص المادة 6 من القانون المنظم للجهة على :" يبث المجلس الجهوي بمداولاته في قضايا الجهة ولهذه الغاية يقرر التدابير الواجب اتخاذها لضمان تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكاملة... ".
يتضح من خلال هذه المواد الثلاثة أنها جاءت بصيغ عامة تعوق تحديد المقصود من عبارة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , وهو ما يتيح لكل جماعة محلية إمكانية التدخل بلا حدود في كل المجالات والقطاعات ومع أكثر من جهة . لكن على الرغم من هذه الصيغ التي تضمنتها النصوص التشريعية المنظمة للجماعات المحلية , فان المشرع لم يقم بدوره في توضيح مضمون الاختصاصات وتبيان مجالات تدخل كل من الدولة والجماعات المحلية خصوصا وان الممارسة العملية تقتضي ذلك .
من جهة ثانية , ساعد على تكريس التبعية محدودية دور القضاء الذي كان من المفروض أن يلعب دورا حاسما في تقوية اللامركزية ببلادنا . ومن الأسباب التي تحول دون تقدم القضاء في هذا المجال , هو عدم المعرفة الكافية بالمهام الملقاة على عاتق المنتخبين , وذلك نتيجة ضعف تكوينهم وقلة مؤهلاتهم وتجربتهم العملية , مما يجعلهم يقبلون أي تأويل تقدمه السلطات المركزية وممثليها المحليين " الولاة - العمال- رجال السلطة ".
وبالتالي , فان فرص التقارب والتنازع في الاختصاصات تزداد في غياب الالتقائية والتعاون ما بين الوحدات الترابية المختلفة " اللامركزية وعدم التركيز" , وذلك بهدف تحقيق التكامل والتطابق فيما بين هذه الوحدات .
في هذا الإطار يمكن القول , أن المجال الاجتماعي يعرف العديد من مظاهر تداخل الاختصاصات سواء تعلق الأمر بمجال الصحة أو التعليم أو السكن , حيث إن الدولة والجماعات المحلية تقوم بنفس المشاريع التنموية وتخطط لنفس التجهيزات الاجتماعية , مما يساعد على ازدواجية الأعمال المنجزة والوقع السلبي لهذه الأعمال على الساكنة , وهو مايستدعي أن ينبني توزيع الاختصاصات مابين الدولة ومختلف الجماعات المحلية على أساس تحقيق التكامل والتطابق بناء على مبادئ محددة كمبدأي الالتقائية والمداركةSubsidiarité" " .
فيما يخص مسالة الوصاية , فان الإفراط فيها على الجماعات المحلية يفرغ اللامركزية من محتواها , ففرض وصاية مشددة يعني الحد من استقلاليتها , وتدخل السلطة المركزية في كل الشؤون المحلية وكان هذه الأخيرة غير مؤهلة لتحمل مسؤولياتها .


34
المطلب الثاني : محدودية التقسيم الترابي وتكريس التبعية

أولا: التقسيم الترابي
يعتبر التقسيم الإداري الترابي" Le découpage administratif territorial " بمثابة الإطار الجغرافي الذي يحكم ويضبط حركية التنمية المحلية .
وترتبط عملية التقسيم الترابي المعمول بها من طرف السلطات العمومية ببلادنا بدوافع عديدة تنطوي على مجموعة من الأهداف , فهناك العامل الإداري المتجسد في رغبة الدولة في تقريب الإدارة من المواطنين وتوسيع نطاق المشاركة في إدارة الشؤون المحلية , وهناك العامل الديمغرافي المرتبط برغبة الدولة في تحقيق تناسب مابين الإطار الجغرافي للوحدة المحلية والمعطيات الديمغرافية لهذه الوحدة , ثم هناك العامل الاقتصادي المتمثل في سعي الدولة إلى الرفع من المستوى المعيشي للسكان وتحقيق التوازن الاقتصادي بين مختلف مناطق البلاد . (1)
ومهما كان دور هذه العوامل في خلق الوحدات الترابية التي تسعى الدولة إلى خلقها , غير أن الشيء المؤكد هو أن العامل السياسي شكل في العديد من الأحيان السبب الرئيسي في تحديد الخريطة الترابية للبلاد . (2)
في نفس الإطار, تتمثل إستراتيجية الدولة من وراء التقسيم الترابي في إيجاد تاطير سياسي –امني أكثر فعالية , فسياسة التقسيم شكلت بالنسبة للدولة وسيلة فعالة للحفاظ على وحدتها الترابية وضمان سيطرة عامة على مجموع التراب الوطني , عن طريق رجال السلطة الذين يوجدون على رأس كل التقسيمات الإدارية , والذين يلعبون دورا أساسيا بخصوص عملية ضبط الأمن والمحافظة على النظام , تم مراقبة تنفيذ السياسة الحكومية ومتابعة اللامركزية عن قرب . (3)
كما أن تقسيم المدينة إلى عدة عمالات وأقاليم وممارسة السلطة على جزء صغير من التراب الوطني , مكن الدولة من الزيادة في عدد رجال السلطة وتوسيع نظام الأمن والاقتراب أكثر ما يمكن من السكان .

________________________________________________
1- العلوي (جعفر) , " نظام وحدة فاس في علاقته مع التقطيع الجماعي الجديد ", المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 44, سنة 2003, ص179 .
2- ألسعيدي مزروع (فاطمة) , مرجع سابق , ص 324.
'3- Samadi (Mohamed),"Le pouvoir local quel rôle pour l agent d autorité", mémoire de cycle supérieur de l'E.N.A.P, rabat ,1992 , P:76.

35

هذا ماعبر عنه جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني في خطابه :
" في الحقيقة هدا التقسيم إن كان من نتائجه انه قرب الإدارة من السكان , فهو عملية بسيكولوجية قربت الاطمئنان إلى الدين كانوا يريدون الاطمئنان , وقربت الأمن من الدين كانوا في حاجة إلى الأمن وجسدت إرادة الدولة" . (1)

ثانيا : تكريس التبعية والارتباط بالسلطة المركزية
من الأكيد أن آلية التقسيم الترابي تتيح للدولة مراقبة الوحدات الترابية , غير أنها من جانب آخر تعمل على خلق وحدات محلية تابعة للمركز , فالجماعات المحلية لايمكنها القيام بالمهام المنوطة بها إلا بتمكينها من الوسائل المالية اللازمة لذلك . لكن الملاحظ هو أن الجماعات المحلية لاتتوفر سوى على موارد مالية ضعيفة , مما يدفع بها للجوء إلى الدولة قصد الحصول على الأموال الضرورية لتغطية مصاريفها , الشيء الذي يترتب عنه تبعيتها للجهة الممولة .
وإذا كانت الجماعات الأم تشكو من ضعف قدراتها المالية , فان الاستمرار في إحداث جماعات جديدة سيجعل من سياسة التقسيم سياسة ذات أبعاد أخرى تنطوي على خلق وحدات ضعيفة الإمكانيات , مما يدل على أن سياسة التقسيم هذه تقف ورائها عدة حقائق .
فطوكفيل مثلا : " كان يرى أن السلطة المركزية تتعامل مع الجماعات المحلية بحيث تظل عديمة الموارد المادية والبشرية حتى تبقى خاضعة لنفوذها وقرارها ودائمة الارتباط بالسلطة المركزية".
ثم إن خلق جماعات بموارد ضئيلة يؤدي إلى تعميق تبعية الجماعات للإدارة المركزية والارتباط المطلق بها . (2)
وعليه , فتحقيق الحكامة الجيدة رهين بتحقيق اللامركزية المتوقفة على إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية , وعلى حيازة المجالس المحلية على سلطات حقيقية وعلى توفرها على موارد مالية كافية , وعلى كفاءة جهازها الإداري المبني على سلطة اتخاذ القرار بشكل جماعي وبصيغة موحدة .
________________________________________________
1- خطاب المغفور له الملك الحسن الثاني , أمام ممثلي ولاية الدار البيضاء الكبرى, بتاريخ 7 غشت 1984," الحسن ملك المغرب , انبعاث امة ", الجزء التاسع والعشرون , ص 273.
2- كثيري (مصطفى) ," دور الجماعات المحلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية محليا وجهويا ", الحوليات المغربية للاقتصاد , عدد 7, 1993, ص 7.


36

الفصل الثاني : الالتقائية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية
"[...]
إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ليست مشروعا مرحليا , ولا برنامجا ظرفيا عابرا, وإنما هي ورش مفتوح باستمرار.
[...]
إن المبادرة التي نطلقها اليوم , ينبغي [...] أن تعتمد سياسة خلاقة , تجمع بين الطموح والواقعية والفعالية , مجسدة في برامج عملية مضبوطة ومندمجة . (1)
[...]"
إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المعلن عنها في الخطاب الملكي المؤرخ في 18 ماي 2005, بالإمكان اعتبارها حدثا مجتمعيا له أكثر من معنى إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي .
فعلى المستوى السياسي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أصبحت البرنامج السياسي الرسمي المطلوب من الفاعل السياسي أن يتعامل معه بايجابية , لأنه يشكل سلم الاهتمام بإشكالات المعضلة الاجتماعية بالمغرب والمتمثلة في النسب المئوية التالية :

الفقر % 14.2 , الإقصاء %11 , الهشاشة % 17.02 , الأمية %42.7 , والإعاقة %7. (2)
أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي , فان السياسات العمومية المعتمدة اتسمت بالمحدودية وبتعدد الفاعلين العموميين خاصة في المجال الاجتماعي , وبتعدد أشكال التدخل والدعم , مما أفضى إلى محدودية في النتائج وهدر في الطاقات والموارد , وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى انعدام الانسجام والتكامل فيما ين البرامج التنموية , ويدعو على الخصوص إلى تفعيل مبدأ الالتقائية وانجاز عملية التقسيم المرحلي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية , وتعزيز إستراتيجية القرب وتنفيذ مخططات للتكوين وتقوية القدرات , والاستمرار في تنفيذ المشاريع المبرمجة كما هي مقررة وفق مخطط عمل 2008 . __________________________________________________
1- مقتطف من الخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس , والموجه للشعب المغربي بتاريخ 18 ماي 2005.
2- أرقام رسمية مواكبة للإعلان عن انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .

37

لقد جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كرهان للتأهيل المجتمعي على أساس مرجعي مفاده أن الإنسان هو أثمن رأسمال في التنمية , ومادام الإنسان هو محور تركيز جهود التنمية , فانه ينبغي توجيه هذه الجهود لتوسيع نطاق خياراته في جميع الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , فتتعزز خياراته حينما يكتسب الناس القدرات وتتاح لهم الفرص لاستخدامها... (1).
الأمر الذي يدعو إلى ضرورة التعرض لمختلف الجوانب المؤسسة لها , بدءا من المفهوم والسياق الداخلي والخارجي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومرتكزاتها الهيكلية والمالية , وكذا آليات تفعيلها على ارض الواقع .

المبحث الأول : السياق العام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

يبقى السياق العام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية محكوما من الناحية المنهجية باستحضار مستوييه الخارجي والداخلي , وكما هو الشأن بالنسبة للكثير من الظواهر السياسية , الاقتصادية والاجتماعية , فان حدث المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هو الآخر وفي كثير من جوانبه العامة والخاصة لايخرج عن التأثير المتبادل بين كل من المعطى الخارجي والمعطى الداخلي . (2)

فالتنمية البشرية هي تنمية الناس ومن اجل الناس , تشمل بناء القدرات الإنسانية عن طريق تنمية الموارد البشرية , ويعني القول التنمية من اجل الناس والتنمية من قبل الناس بمعنى تمكينهم من المشاركة بفعالية في التأثير على العمليات التي تشكل حياتهم . (3)
هذا التعريف البسيط يدعو في مرحلة أولى إلى ضرورة تناول السياق الخارجي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية , ثم الحديث عن عناصر السياق الداخلي في مرحلة ثانية .


__________________________________________________
1- اتلاتي (طارق) ," العدالة الانتقالية ومفهوم التنمية البشرية " , مسالك , العدد 5, مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء , 2006, ص 22.
2- جعفري (سعيد) وآخرون , " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , السياق العام , الأسس والآليات , القرارات والمهارات المطلوبة ", الطبعة الثانية , 2007 , الدار البيضاء , ص 7.
3- العلوي (مولاي إسماعيل) ,"طريق الحل الوسط التاريخي وتحسين الحكامة الاقتصادية ", تقرير الديوان السياسي للدورة 17 , الرباط 15 ماي 2005.
38
المطلب الأول : السياق الخارجي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

إن الخاصية المركزية لمفهوم التنمية البشرية , ترتبط في مستواها النظري بالإسهامات العلمية لمجموعة من الباحثين والمفكرين أمثال (امارسياسن) , عالم الاقتصاد الهندي الذي اعتبر أن التنمية البشرية تربط بين قدرات البشر من جهة , وبين خياراتهم من جهة أخرى وبينهما تتسيد قيم الحرية بجانبها الايجابي و اختيار نوعية الحياة , كما السلبي الحرية من الفقر , وهي هنا تحيل على المفاهيم المادية التي صيغت من قبلها .
أما في مستواها الإجرائي فترتبط باعتماد هذا المصطلح كمقاربة مؤطرة للتصورالاممي المعاصر في مجال الدفع بشروط تحقيق التنمية بالدول السائرة في طريق النمو. (1)

الفقرة الأولى : التوجهات الدولية للتنمية البشرية
عرفت هيئة الأمم المتحدة التنمية:" بالعملية التي يمكن من خلالها توحيد جهود المواطنين والحكومة لتحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمعات المحلية , ولمساعدتها على الاندماج في حياة الأمة والمساهمة في تقدمها بأقصى قدر مستطاع" . (2)
ويذهب العالم (روس) إلى أن تنمية المجتمع تعني: " العملية التي يتمكن بها المجتمع من تحديد حاجاته وأهدافه وترتيب هذه الحاجات والأهداف حسب أهميتها , ثم إذكاء الثقة والرغبة في العمل لمقابلة هذه الحاجات والأهداف , والوقوف على الموارد الداخلية والخارجية التي تتصل بهذه الحاجات والأهداف , وعن هذا الطريق تنمو روح التعاون والتضامن في المجتمع ". (3)
ومن ثمة , عرف مفهوم التنمية تطورا متدرجا إلى مفهوم التنمية المستدامة الذي تبلور أثناء مؤتمر ستوكهولم عام 1972 في إطار مناقشته للبيئة وعلاقتها بالفقر, ثم جاءت حلقة بلغراد عام 1975 لتدعو إلى تشجيع البحوث العلمية التي تصب في هذا الميدان .
__________________________________________________
1- امارسيا (سن) ," التنمية حرية ", سلسلة عالم المعرفة , العدد 303 , ماي 2004 , ص 7.
2 -United nation , Social Progress through Economic Development , U.N. Report , New York , 1956 , P:8.
3 -Ross( m)," Community organization", theory and principle , Harper and brothers , New York , 1955 , P:3
39
وأيضا مؤتمر تبلسي عام 1977 الذي أكد على تطوير التعليم والتربية البيئية , فالبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة عام 1990 عند تبنيه لمفهوم التنمية البشرية كمفهوم يدل على أن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم وان التنمية البشرية هي عملية توسيع اختيارات البشرية , وأخيرا مؤتمر ريو ديجانيرو أو قمة الأرض بالبرازيل عام 1992الذي كان بمثابة إشارة قوية على تزايد الاهتمام الدولي بحماية البيئة والتنمية المستدامة . (1)
لكن رغم رفع شعار التنمية المستدامة والتأكيد على دور البحث العلمي في تحقيقها , فان مفهوم التنمية المستدامة ظل قاصرا , إذ ظل معدل النمو الاقتصادي متدبدبا في مستويات متدنية بسبب التركيز على السياسات الماكر واقتصادية ومؤشراتها , كالناتج الوطني الخام للفرد ومستوى الدخل القومي , وحجم الاستثمار الأجنبي والتركيز على القطاع العام وعلى المقاولات الكبرى . (2)
في خضم هذه الأحداث ظهر مفهوم التنمية البشرية فعرفه تقرير التنمية البشرية في مطلع التسعينات بما يلي :
*عملية توسيع لخبرات الناس بزيادة القدرات البشرية .
* عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية الناس .
* أن يعيش الناس حياة صحية وان يكونوا مزودين بالمعرفة , وان يكون بإمكانهم الحصول على الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائقة .
إضافة إلى اعتماد برنامج (PNUD) على معايير جديدة للتنمية ترتبط بالحرية وحقوق الإنسان وأنظمة الحكم الصالح , بل أصبح ذلك يشكل أيضا التزاما وطنيا لدى المنظمات الدولية (ONG) مما سيجعل الوفاء بهذا الالتزام أمرا لابد منه .

هذا إلى جانب ظاهرة العولمة واكراهاتها المتعددة الجوانب الاقتصادية منها والاجتماعية وحتى السياسية , والتي فرضت على الدول إما أن تنخرط في قاطرتها بغض النظر عن ايجابياتها وسلبياتها , رافعة التحدي الذي تفرضه , وإما أن تقف متفرجة حول تسارع الأحداث .

__________________________________________________
1- بلمحجوب (إدريس) ,"أي جهود لحماية البيئة ؟ وأي دور للأجهزة القضائية في تفعيل القواعد القانونية للبيئة والتنمية المستدامة " , مجلة القضاء والقانون , عدد 150, 2004, ص 7.
2- جعفري (سعيد) وآخرون , مرجع سابق , ص 10.

40
والمغرب بدوره أصبح مجبرا على التعامل مع هذا المعطى بنوع من الذكاء والتنافسية المتمثلة في عقده جملة من الاتفاقيات والمعاهدات أبرزها اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية .
هذا التأثير الكوكبي إذن , فرض على الدول تعزيز قدرات الأفراد عبر محاربة الفقر وتحسين مستويات العيش والصحة , وذلك عبر وضع أهداف إنمائية محددة في التعامل مع المعضلات الاجتماعية , هذه الأهداف تتمثل في :

* القضاء على الفقر المدقع .
* تحقيق تعميم التعليم الابتدائي .
* تعزيز المساواة بين الجنسين الرجل والمرأة .
* تخفيض معدل وفيات الأطفال .
*تحسين صحة الأم .
* مكافحة فيروس المناعة المكتسبة (الايدز-الملا ريا)
* كفالة الاستدامة البيئية .
* إقامة شراكات عالمية من اجل التنمية .
كانت هذه ثمانية أهداف إنمائية للألفية , يمكن اعتبارها تعهدا سياسيا لرؤساء الدول نيابة عن شعوبهم على انتشال الفقر والجوع المدقع والعمل على نشر المساواة وتحسين الصحة...الخ , وفي نفس الوقت يمكن اعتبارها نوعا من التوجيه من الأمم المتحدة إلى الدول وحكوماتها من اجل تحسين وضعية شعوبها . (1)

وبالتالي , فالبرامج الاجتماعية التي قد تتبناها بعض الدول تخدم بشكل ضمني التوجه الذي ترعاه الأمم المتحدة بالتزام من الدول الأعضاء نفسها التي تعهدت بالوفاء بها مع حلول عام 2015.



__________________________________________________
1- انظر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول متابعة نتائج مؤتمر قمة الألفية في الدورة التاسعة والخمسين بتاريخ 27 غشت 2004, انه : " إذا أريد تحقيق النتائج المستهدفة لعام 2015 يتعين على البلدان النامية الوفاء بالتزاماتها على نحو ما وردت في الإعلان بشان الألفية " .

41
الفقرة الثانية : التنمية البشرية وتعزيز حقوق الإنسان
أصبحت حقوق الإنسان تحظى بأهمية بالغة من طرف المنتظم الدولي , لأنها تشكل حقلا خصبا يمكن الأفراد والمجتمعات من العيش بكرامة وحرية . هذا ما أرسته جملة من القواعد والمؤسسات المهتمة بترسيخ حقوق الإنسان على المستوى الدولي , وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المؤرخ في 10/12/ 1948 , والعهدان الدوليان المتعلقان بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية , وقد شهدت الساحة الدولية منذ بداية التسعينات توسعا كبيرا في الأنشطة التي تضطلع بها بعض المؤسسات كمركز حقوق الإنسان في جنيف , الذي يعمل على وضع سياسة دولية متماسكة في مجال حقوق الإنسان .
على المستوى الوطني , السياق الدولي حاضر بقوة في بلادنا من خلال الاهتمام بشكل جدي بملف حقوق الإنسان عن طريق تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة بتاريخ 7 يناير 2004, والتي انيطت بها مجموعة من المهام في مجال التقييم والبحث والتحري والتحكيم فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان , هذه الحقوق التي احتلت مجالا مهما مع بداية سنة 2005 في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , حيث جاء على لسان الملك محمد السادس حفظه الله :
"إن هدفنا الأسمى من وراء تحقيق هذا المشروع هو توسيع دائرة الاستفادة من الإمكانات المتوفرة , وإتاحة اكبر قدر من فرص الاختيار أمام كل المغاربة رجالا ونساء . وهو الأمر الذي لن يتأتى إلا بالعمل على استئصال آفة الفقر والبؤس , التي تقف عقبة في وجه استثمار المواطن المغربي لمؤهلاته الذاتية , وتحول دون إسهامه واندماجه الكامل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية" . (1)
إذن , الخطاب السامي يؤسس لثقافة حقوق الإنسان ببلادنا بهدف تحسين الواقع الاجتماعي , لان الوسائل الاجتماعية هي وسائل تحتاج إلى تكييف مع الواقع سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي , وذلك عبر ملائمة احتياجات المجتمع والفرد , وهو ماينبني على سياسة حسن اختيار الوسائل والأساليب المقتبسة دوليا لضمان وتأكيد فعاليتها مع الواقع الاجتماعي الوطني .
يمكن القول , أن موضوعة التنمية البشرية تجد جانبا من مرجعيتها في المواثيق الدولية سواء في الجوانب السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية , إلا أن البعد الدولي للتنمية , لايقلل من أهمية استحضار المعطيات الداخلية في التعاطي الجدي مع إشكالات المعضلة الاجتماعية .
__________________________________________________
-1نص الخطاب الملكي السامي , بتاريخ 18 ماي 2005.

42

المطلب الثاني : السياق الداخلي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية

عمد المغرب منذ عدة سنوات على إخراج مجموعة من البرامج الاجتماعية التي كانت تهدف إلى الرقي بالمؤشرات الاجتماعية , إلا انه ظل مع ذلك من ضمن الدول المتأخرة على مستوى مؤشر التنمية البشرية , مما يؤكد بالملموس أن رهانات أي دولة متأخرة تستشرف المستقبل , لايمكن أن تتحقق إلا عبر تحرير المنظومة التنموية من طابوهات الماضي واكراهاته , والتحرر من قيود التهميش والإقصاء .
هذا ماتنبه إليه المغرب من خلال إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كمبادرة خلاقة ستقطعه مع دابر سنوات التهميش والإقصاء , خاصة وان الأمر يتعلق بالنقص الحاصل على مستوى مؤشرات المسالة الاجتماعية التي طالت ميادين متعددة , أصبح معها إخراج برنامج متكامل ومندمج ضرورة ملحة لمطامح مجتمع متعطش لكل خطوة ايجابية تستأصل كل الظواهر السلبية من بطالة وفقر وأمية...الخ .

الفقرة الأولى : معضلة المسالة الاجتماعية
شكلت المسالة الاجتماعية هاجسا حقيقيا لدى مختلف الفاعلين السياسيين , والاقتصاديين لبلد ما هاجسا جعل صناع القرار السياسيين يضعون نصب أعينهم البحث عن السياسات العمومية الكفيلة بضمان التنمية الاجتماعية والرخاء السياسي والاقتصادي . فكيف تعامل المغرب مع المعضلة الاجتماعية ؟
صنف مرصد المنافسة الدولية للاقتصاد المغربي التابع لوزارة التجارة والصناعة التقليدية المغرب عام 1995 من بين الدول التي حققت نتائج اقل من المعدل في مجالات الدينامكية الماكرو اقتصادية , الدينامكية المالية والبنية التحتية . وهو ما حدا بالمغفور له الحسن الثاني إلى الإعلان أن المغرب مقبل على السكتة القلبية لا قدر الله . ومنذ ذلك الحين رغم تعدد الاتفاقيات الدولية المهمة والإصلاحات الكبرى والمشاريع المنجزة والمبرمجة ...لم تتحسن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب . (1)

__________________________________________________
1- المجال الجغرافي والمجتمع المدني , خاص:" التنمية البشرية والحكامة المحلية " , مجلة سنوية , العدد 11 , 2007, مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء , ص 17.

43
ففي سنة 2004 احتل المغرب الرتبة 146 من بين 227 دولة على الصعيد العالمي فيما يخص الناتج الوطني الخام للفرد , والمرتبة 15 على مستوى دليل التنمية البشرية ضمن 20 دولة عربية . (1)
كما إن تقرير التنمية البشرية لعام 2005 وضع المغرب في المرتبة 124 من ضمن 177 دولة على المستوى العالمي , وهي مراتب لا تشرفه لأنها تضعه في خانة البلدان نسبيا فقيرة . فيأتي تقرير البنك الدولي لسنة 2006 ليطرح سؤالا: لماذا لا يفهم ما يقع في المغرب رغم المجهودات المبذولة , فان وضعيته لا تتحسن ؟
لن نبحث في هذا الموضوع ولن نقدم مختلف المؤشرات لإثبات أو دحض ذلك , فقط سوف نكتفي بمؤشر واحد ألا وهو العجز الاجتماعي الذي يشمل المجالات التالية :
ا – على مستوى نسبة الفقر : هناك نسبة 14.2% من السكان يعيشون تحت عتبة الفقر, نسبة 22% بالعالم القروي و7.9% بالعالم الحضري .
ب- على مستوى التعليم : انتقل معدل التمدرس خلال فترة المخطط الخماسي 2000-2004 من 79 إلى % 92.2 , غير إن ذلك لا ينفي استمرار الحاجة لبذل المزيد من المجهودات لتقليص النسب العالية للانقطاع عن الدراسة وتحسين مردودية النظام التربوي , و فيما يخص محاربة الأمية فقد بذلت مجهودات هامة تجسدت في ارتفاع عدد المستفيدين من 123.500 سنتي 1997-1998 إلى 720.000 مستفيد سنتي 2002- 2003, وتشكل نسبة النساء 80% منهم .
بالرغم من ذلك معدل الأمية مايزال مرتفعا حيث ناهز 45 سنة 2001, وبذلك فهو يظل بعيدا عن نسبة 35 المعتمدة في المخطط , وهذا ما يدعو إلى التفكير في كيفية تحقيق التمدرس الشامل . (2)
ج- على مستوى الحالة الصحية للسكان : همت الجهود المبذولة بشكل خاص إنشاء مؤسسات العلاج الصحية التي ارتفع عددها بنسبة 25 مابين 1997 و 2003 . كما إن نسبة التاطير الطبي تضاعفت خلال نفس الفترة , في حين بقي التاطير شبه الطبي محدودا , كما ظلت نسبة الوفيات متفشية في صفوف الأطفال والأمهات الحوامل خاصة بالوسط القروي .


__________________________________________________
1- تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2004 .
2- مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية (2000- 2004) , المندوبية السامية للتخطيط .


44
ع- على مستوى البطالة : تضاعف عدد العاطلين بين سنة 1982 و 1994, إذ انتقل من 642.000 إلى 1.300.000 عاطل أي بزيادة سنوية تقدر ب 6.2%.


د- على مستوى الإقصاء الاجتماعي : تم تسجيل سنة 2001 أزيد من 780.915 أسرة تعيش في سكن غير لائق , منها 518.787 أسرة في أحياء عشوائية و 262.128أسرة في أحياء قصديرية أو دور الصفيح .

ه- على مستوى عدم الاستقرار الاجتماعي : يضم هذا المستوى النساء المعنفات والأطفال في وضعية صعبة كالأيتام – أطفال الشوارع – الغير المتمدرسين , وكذا الأشخاص المعاقين والعجزة.
بالتالي , هذه المعطيات تؤكد مدى الهشاشة الاجتماعية التي يعيشها المغرب في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية , والتي يحاول بعض الفاعلين الاجتماعيين معالجتها بإخراج برامج اجتماعية تهدف إلى محاربة الفقر بكل أشكاله من اجل تحقيق التنمية المنشودة في هذا المجال .












__________________________________________________
-1تقرير العام الموجود بشبكة الانترنت على الموقع: www.rdh50.ma


45
الفقرة الثانية : محدودية البرامج الاجتماعية
تبنى مجموعة من المتدخلين العموميين برامج اجتماعية تسعى إلى التخفيف من وطأة الفقر والإقصاء والتهميش , تضمنت محاور عديدة بتكلفة مالية مهمة , إلا أن هذه البرامج لم تستطع الرفع من المؤشرات الاجتماعية , فاتسمت بطابع المحدودية , والسبب في ذلك يرجع إلى كون القطاعات المعنية كانت تتبنى برامج تنموية غير متكاملة وغير منسجمة .

يمكن القول , في هذا الإطار أن السياسة القطاعية بالمغرب هي سياسة انعزالية لم تعتمد قط مبدأ الالتقائية والتنسيق فيما بين القطاعات , الشيء الذي طبعها بالضعف والمحدودية . إذن ذلك يدل على ضعف مستوى تكوين العنصر البشري الذي يجب أن لايسمح بوضع برامج اجتماعية تنموية إلا في إطار رؤية شمولية تجمع بين الجانبين التشاركي والاندماجي .

المبحث الثاني : أسس ومرتكزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

تقوم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مجموعة من الأسس والمرتكزات المرجعية الدولية والوطنية التي يدور رحاها حول التصدي للمعضلة الاجتماعية بالمغرب , وتؤطر في نفس الوقت للآليات والهياكل الداعمة لتحسين مؤشر التنمية البشرية .

يمكن تحديد مرتكزات المبادرة في أربع معطيات أساسية تروم الأولى : العمل على تشخيص الإشكالية الاجتماعية , والمرتكز الثاني : يهدف إلى تبني سياسة عمومية مندمجة تتصف بالشمولية والتكامل , تم المرتكز الثالث : فينبني على معطى التعبئة الاجتماعية , أما المرتكز الرابع والاهم فيعتمد مفاهيم جديدة تجد اصطلاحها في نظام الحكامة المحلية . (1)


__________________________________________________
1- يقصد بالتعبئة الاجتماعية :" إن ينخرط الإنسان في مسلسل التصدي لتبعات ظاهرة الفاقة ودواعيها ". فيما يلي مقتطف من الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بتاريخ 05/07/ : 2006" لا يجدر بأي سياسة اجتماعية قطاعية , كما نتوخاها جميعا من خلال مشاريع محددة , أن تتحقق بمعزل عن سياسات عمومية قطاعية أخرى تكون قريبة منها , إذ إن التكامل فيما بينها كفيل بتحقيق التعبئة الاجتماعية المنشودة ."

46


المطلب الأول : أسس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

أصبحت الأدبيات الأممية في تعاطيها مع إشكالية التنمية خاصة في الدول النامية تعتد أكثر بالعناصر غير المادية للتنمية , وما مفهوم التنمية البشرية الموظف من قبل مؤسسات المنتظم الدولي كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلا أداة محورية لمقاربة إشكاليات التنمية بهذه الدول .
وبما أن المغرب يحتل المراتب الدنيا في مختلف التقارير المتعلقة بالتنمية البشرية , إلا أن تعاطيه مع هذه المؤشرات يدفع في مرحلة أولى إلى استحضار الأهداف العامة للمبادرة , وفي مرحلة ثانية اعتماد برامج اجتماعية محضة .

الفقرة الأولى : مقومات المبادرة
يتمثل التوجه العام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في العناصر التالية :(1)

- تقوية دولة الحق والقانون
- عصرنة الاقتصاد
- عصرنة الإدارة
- إنعاش حق المرأة والطفل والفئات الهشة
- تقسيم ترابي متماسك
- تنمية البنيات التحتية
هذه العناصر وغيرها تشكل المحاور الفرعية للمبادرة التي تستند على مرتكزين اثنين هما :

-1التصدي للعجز الاجتماعي الذي تعرفه الجماعات القروية المهمشة والجماعات الحضرية الفقيرة , عن طريق توسيع استفادتها من المرافق والخدمات والتجهيزات الاجتماعية .

-2تشجيع الأنشطة المدرة للدخل والمتيحة لفرص الشغل .

__________________________________________________
-1 جعفري (سعيد) وآخرون , مرجع سابق , ص47 .

47

الفقرة الثانية : برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
وضعت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كأفق استراتيجي لها أربع مقومات أولية كالتالي :

- برنامج محاربة الفقر في المجال القروي
- برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي في المجال الحضري
- برنامج محاربة التهميش
- البرنامج الأفقي
و يمكن إدماج البرامج الثلاثة الأولى فيما اصطلح على تسميته ب" البرنامج العمودي للمبادرة ", ذلك أن محتواه يتكامل في عناصر تدخلاته سواء بالنسبة للمجال القروي أو الحضري .
أما البرنامج الرابع والأخير فقد أوجدته المبادرة كبرنامج أفقي , بمعنى " برنامج وطني" الهدف منه دعم العمليات ذات الوقع الكبير على التنمية البشرية على صعيد كافة الجماعات القروية والحضرية غير المستهدفة , وذلك من خلال اقتراح مشاريع على مستوى العمالات والأقاليم .

أولا : البرنامج العمودي للمبادرة
يرتكز البرنامج العمودي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على ثلاثة برامج محورية كالتالي:
أ‌- برنامج محاربة الفقر بالوسط القروي
يستهدف هذا البرنامج 360 جماعة قروية من ضمن الجماعات الأكثر فقرا في المغرب , طبقا لخريطة الفقر المنجزة من قبل المندوبية السامية للتخطيط متوسط الساكنة للجماعة القروية حوالي 10.300 نسمة . (1)
تتوزع أهداف برنامج محاربة الفقر في المجال القروي إلى أربعة أهداف رئيسية موازاة مع خلق الانسجام بين البرامج القطاعية وبرامج التنمية القروية المندمجة :



__________________________________________________
-1المملكة المغربية , المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , أرضية عمل , غشت 2005 .



48
* تقوية الحكامة والقدرات المحلية , بمعنى تقوية قدرات الفاعلين المحليين ودعم الجمعيات المحلية الناشطة في مجال التنمية البشرية , وترشيد الوسائل المادية المتاحة وعقلنتها .

هذا إلى جانب تنظيم ملتقيات إعلامية وتحسيسية , وكذا توجيهية لفائدة الشباب والنسيج الجمعوي بأهمية العمل التنموي .

* دعم الولوج إلى التجهيزات الاجتماعية والصحية والتربوية الأساسية بمعنى الاستفادة من الماء الصالح للشرب والكهرباء والتجهيزات الأساسية , ثم الرفع من نسبة الخدمات الصحية خاصة فيما يتعلق بصحة الأم والطفل .

* دعم عملية التنشيط الاجتماعي بمعنى تحسين وتقوية العنصر البشري , وتتجسد عمليات الدعم الاجتماعي في إقامة التجهيزات الاجتماعية المساعدة على الرفع من الخدمات الاجتماعية خاصة لفائدة الشباب والمرأة والطفل , وذلك عبر بناء دور الشباب , الخزانات وإنعاش البرامج الموجهة للمرأة والطفل .

* إنعاش النسيج الاقتصادي المحلي عبر أنشطة مدرة للدخل من خلال تشجيع المشاريع المحلية المتمثلة في :

(تربية النحل - المنتجات المعطرة - صناعة الزرابي - إنعاش السياحة القروية - دعم التعاونيات سواء للإنتاج الفلاحي أو تربية المواشي – تشجيع القروض القروية الصغيرة - تشجيع عمليات المحافظة على البيئة ) .







49
يبين الجدول أسفله عدد الجماعات القروية التي تتعدى فيها نسبة الفقر 30 بمختلف عمالات وأقاليم المملكة : (1)
العمالة عدد الجماعات القروية التي تتعدى فيها نسبة الفقر 30 في المائة الإقليم عدد الجماعات القروية التي تتعدى فيها نسبة الفقر 30 في المائة
عمالة مراكش 1 إقليم جرادة 8
عمالة مكناس 10 إقليم 11
عمالة طنجة 1 إقليم 13
عمالة وجدة-أنكاد 2 إقليم 1
عمالة الحوز 9 إقليم 1
عمالة الحسيمة 3 إقليم 9
عمالة ازيلال 12 إقليم 11
عمالة بني ملال 1 إقليم 6
عمالة بن سليمان 1 إقليم 2
عمالة بركان 1 إقليم 1
عمالة بولمان 7 إقليم 10
عمالة شيشاوة 18 إقليم 2
عمالة اشتوكة ايت باها 3 إقليم 5
عمالة الحاجب 6 إقليم 42
عمالة الجديدة 4 إقليم 4
عمالة قلعة السراغنة 19 إقليم 5
عمالة الرشيدية 26 إقليم 2
عمالة الصويرة 46 إقليم 11
عمالة فكيك 9 إقليم 19
عمالة كلميم 2 إقليم 3
عمالة افران 1
المجموع 348

ب‌- برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي في المجال الحضري
يهدف برنامج محاربة الإقصاء في المجال الحضري إلى تقليص نسبة الإقصاء الاجتماعي , والى الإدماج والتلاحم الاجتماعيين . كما يستهدف في المجال الحضري الأحياء وضواحي المدن الكبرى التي تستفحل فيها ظواهر الإقصاء الاجتماعي بشكل خطير(البطالة – الانحراف – صعوبة الولوج إلى الخدمات العمومية الأساسية - انعدام البنيات والتجهيزات الحضرية) .
ونظرا لارتباط هذه الظواهر بحجم التجمعات السكنية وجودة السكن فيها , سيتم تحديد 250 حيا المستهدفة على مستوى العمالات والأقاليم أي 15 مليون ساكن في :
_________________________________________________
-1مذكرة توجيهية لانجاز مشاريع لمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالنسبة للفترة الممتدة من 2006 إلى 2010, دجنبر 2005, ص 12.
50
- (المدن التي يفوق عدد سكانها 100.000 نسمة المدن – مراكز الجهات- المدن- مراكز الأقاليم الجنوبية) .
يبين الجدول الآتي عدد الأحياء المستهدفة بالنسبة لكل عمالة أو إقليم على أساس سقف عدد السكان : (1)
المدن المستهدفة عدد الأحياء
المدن التي تتعدى ساكنتها 500.000 نسمة الدار البيضاء الكبرى
الرباط- سلا- تمارة-الصخيرات
فاس
مراكش
طنجة 50
30
20
20
20
المدن التي تتعدى ساكنتها 200.000 نسمة مكناس
وجدة
القنيطرة
اكادير
تطوان
أسفي
انزكان-ايت ملول
العرائش-القصر الكبير 10
10
8
8
8
8
6
6
المدن مراكز الجهات العيون
بني ملال
سطات
كلميم
وادي الذهب-الداخلة
الحسيمة 4
4
4
4
4
4
المدن التي تتعدى ساكنتها 100.000 نسمة خريبكة
الجديدة
تازة
الناظور
الخميسات 4
4
4
4
4
المدن مراكز الأقاليم الجنوبية




طانطان
السمارة
بوجدور
أسا الزاك
طاطا
اوسرد 2
2
2
2
2
2
المجموع 30 260
___________________________________________
1- مذكرة توجيهية لانجاز مشاريع لمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالنسبة للفترة الممتدة من 2006 إلى 2010 , دجنبر 2005 , ص 12.
51
ج- برنامج محاربة الهشاشة والتهميش
يتوخى برنامج محاربة الهشاشة والتهميش , الاهتمام بالأشخاص المهمشين والموجودين في حالة صعبة كشباب دون مأوى وأطفال الشوارع المتخلى عنهم , والمختلون عقليا بدون مأوى والمعاقون بدون مورد...الخ .
يرمي هذا البرنامج إلى :(1)
* توفير ظروف إعادة الإدماج العائلي والاجتماعي للأشخاص المعنيين .
* تحسين جودة الخدمات المقدمة حاليا من قبل الجمعيات والهيئات العمومية , وذلك لتوفير مواصفات الجودة التي تضمن شروط الحفاظ على الكرامة الإنسانية .
* إحداث قدرات إضافية لاستقبال الأشخاص المعنيين في المناطق ذات الخصاص .
ويتوزع عمل برنامج محاربة الهشاشة والتهميش على ثلاثة محاور هي :
- الدعم المادي للجمعيات النشيطة في هذه الميادين , وذلك من اجل مساعدتها على الرفع من قدراتها الإيوائية وتحسين جودة خدماتها .
- تأهيل مراكز الاستقبال الموجودة من اجل تحقيق أدنى مواصفات الاستقبال وجودة الخدمات , ومنهجية التدبير والحكامة كما هي محددة في الوثائق الخاصة ببرنامج محاربة الهشاشة والتهميش .
- بناء وتجهيز مراكز إيواء جديدة تستجيب لحاجيات الساكنة المهمشة .
ثانيا : البرنامج الأفقي
البرنامج الأفقي للمبادرة هو برنامج وطني , لدعم العمليات ذات الوقع الكبير على التنمية البشرية على صعيد كافة الجماعات القروية والحضرية غير المستهدفة , وذلك من خلال اقتراح مشاريع على مستوى العمالات والأقاليم .
و يهدف البرنامج إلى تمويل : (2)
* المشاريع ذات الوقع الكبير على التنمية البشرية , خاصة بالنسبة للجماعات القروية والمراكز الصغرى والأحياء الفقيرة والغير مستهدفة , وذلك حسب مسطرة طلب مشاريع على المستوى الإقليمي , مفتوحة لفائدة الجماعات المحلية والنقابات والغرف المهنية والجمعيات وباقي المجموعات الفاعلة في مجال التنمية البشرية وكذا التعاونيات...الخ .
____________________________________________
-1المملكة المغربية , المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , أرضية عمل , غشت 2005.
2- Circulaire n36 , Orientations Méthodologiques pour la mise en œuvre de l' INDH pour 2007.
52
* برامج تقوية ودعم الكفاءات المحلية والتكوين والخبرة وتقديم المساعدة التقنية لفائدة :
- اللجان الإقليمية والمحلية للتنمية البشرية
- اطر ومستخدمي الجماعات المحلية والعمالات والأقاليم والمصالح اللاممركزة للدولة والمؤسسات العمومية والجمعيات المساهمة في أنشطة ومشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
- مختلف الفاعلين الاجتماعيين خاصة في مجال محاربة الفقر.
* دعم جمعيات القروض الصغرى
* دعم التواصل والتسيير خاصة على مستوى النقل والإيواء بكلفة لاتتجاوز 10 من مجموع الغلاف المخصص للبرنامج الأفقي .

يمكن تجميع مختلف أهداف البرنامج الأفقي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في العناصر التالية : (1)
الأهداف العامة للبرنامج الأفقي INDH
الهدف طبيعة المشروع
دعم المشاريع المهمة
(المشاريع ذات الوقع القوي) المشاريع والعمليات الأفقية كالأنشطة المدرة للدخل – دعم جمعيات القروض الصغرى
تحسين الاستفادة من الخدمات الاجتماعية تحسين ظروف الولوج إلى الخدمات والبنيات الأساسية التعليم – الصحة - الطرق- الماء- الكهرباء...الخ.
التنشيط الاجتماعي والثقافي , الفني والرياضي دعم عملية التنشيط الاجتماعي
دعم التظاهرات الثقافية والفنية
ترشيد الحكامة المحلية
تعزيز الهندسة الاجتماعية
الكفاءات والتكوين والخبرة
إحداث مرصد للتنمية البشرية
نظام للمعلومات والاتصال


____________________________________________
-1جعفري (سعيد) وآخرون , مرجع سابق , ص 77.



53
المطلب الثاني : المرتكزات الهيكلية والمالية للمبادرة

جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتتوج المجهودات التي تقوم بها الدولة والجماعات المحلية على المستوى الاجتماعي , وتحقيق التقائيتها .
ولأجل السهر على تطبيق برامج ومخططات المبادرة , رصدت العديد من الآليات والأجهزة التي تعتمد على مبادئ المجالية واللامركزية والاندماج والمشاركة , بالإضافة إلى تعبئة الموارد المالية الضرورية الكفيلة بانجاز البرامج والمشاريع المسطرة .
فماهي مكونات البناء العام الهيكلي والمالي الموكول إليه التكريس الموضوعي لبرامج المبادرة وأهدافها ؟
الفقرة الأولى : أجهزة الحكامة
تعتمد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على نهج مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة والديمقراطية , والتشاركية من خلال توفير مجموعة من الأجهزة والآليات المؤسساتية التي تتوزع بين ماهو مركزي , وماهو محلي مع إحداث مرصد وطني للتنمية البشرية .

أولا: أجهزة الحكامة المركزية
على المستوى المركزي كلف الوزير الأول برئاسة اللجنة الإستراتيجية للتنمية البشرية , التي تتكون من أعضاء الحكومة والمؤسسات والهيئات العمومية .
إلى جانب إحداث لجنة مديرية تدعى لجنة قيادة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية برئاسة الوزير الأول , والمكونة أساسا من وزارة الداخلية التي تقع في مركز التدبير لأنها الوحيدة القادرة على تاطير وتغطية التراب الوطني , ووزارة المالية التي تسهر على جانب التمويل , ومن وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والطفولة التي تعمل على تمكين الجمعيات من لعب دور مهم في تسيير السياسة المحلية .
إلى جانب كتابة الدولة المكلفة بالتنمية القروية الموكول إليها دور تقريب ومقاربة مشاريع المبادرة بالعالم القروي .
ويتمثل الدور الذي يضطلع به جهاز الحكامة على المستوى المركزي في : (1)
- تحديد الإطار المالي .
____________________________________________
1- موقع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية http//:www.indh.gov.ma
54

- رصد موارد تتناسب والتجمع الإقليمي للمبادرات المحلية للتنمية البشرية وتتطابق مع التوجهات العامة للمبادرة.
- التواصل المؤسساتي .
- إنعاش التعاون الدولي .
- التتبع العام لمؤشرات التنمية البشرية والتقييم العام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية .

ثانيا : جهاز الحكامة على المستوى الجهوي والمحلي
تدعيما لسياسة اللامركزية التي تنهجها الدولة , أبت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلا أن تشرك كل القوى المحلية والإقليمية والجهوية في رسم وتفعيل الخطوط الكبرى التي جاءت بها , بالإصغاء والتشاور مع الجميع من أحزاب سياسية ومنظمات نقابية وجماعات محلية وهيأت المجتمع المدني , القطاع الخاص , الجامعات وحتى المواطنين الذين لهم خبرة في ميدان التنمية , وذلك وفق مقاربة تشاركية تاخد بعين الاعتبار حسب الإمكان آراء وتطلعات كل المجموعات والأطراف المعنية .
أ‌- على المستوى الجهوي
يسهر الوالي على اللجنة الجهوية للتنمية البشرية التي تضم عمال الأقاليم والعمالات ورئيس المجلس الجهوي ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم , والمصالح اللامركزية للدولة والمؤسسات العمومية المعنية , بالإضافة إلى ممثلي النسيج الجمعوي الجهوي , قطاع القروض الصغرى , والقطاع الخاص .
و يتمحور دور اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالأساس في خلق انسجام شامل بين المبادرات الإقليمية للتنمية البشرية , مع العمل على خلق تناسق وتكامل بين برامج الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية وعمليات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
ب‌- على المستوى الإقليمي
على غرار المستوى الجهوي فقد أحدثت لجنة على المستوى الإقليمي يرأسها العامل , وتضم المنتخبون من ممثلي الجماعات المحلية , بما فيهم رئيس المجلس الإقليمي ورئيس المجلس الجماعي للمدينة مركز الإقليم , إضافة إلى المصالح اللامركزية المعنية بما في ذلك الصحة والتربية الوطنية , وكذلك ذوي الخبرة المعينون من طرف العامل ممثلو النسيج الجمعوي والقطاع الخاص ...الخ .



55
تلعب اللجنة الإقليمية للمبادرة دورا أساسيا في ضمان الانجاز الجيد للبرامج على المستوى الإقليمي , بالإضافة إلى اعتبارها :
- أداة ربط بين الهياكل الجماعية واللجنة التقنية الإقليمية واللجنة الوطنية .
- تلقي وتحليل وإحالة المخططات الجماعية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وبرامج العمل على اللجنة التقنية الإقليمية للمصادقة عليها .
- إحالة برامج العمل المصادق عليها من قبل الفاعلين المحليين على اللجنة الوطنية .
- تقديم الدعم التقني الضروري للهيئات المحلية .
- تنسيق الأنشطة المشتركة التي تهم عدد من الجماعات القروية .
- تسهيل عمل بعثات المتابعة التي يقوم بها أعضاء اللجنة التقنية الإقليمية للجنة الوطنية المركزية .
موازاة مع ذلك , فالمجلس الإقليمي مدعو لمراجعة مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم 79.00.

ج- على المستوى المحلي
احدثث لجنة محلية للتنمية الاجتماعية , تضم ممثلي ومنتخبي الجماعات والمقاطعات الحضرية , ورئيس اللجنة المكلفة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , بالإضافة إلى النسيج الجمعوي الحاضر بقوة في تفعيل برامج المبادرة , إلى جانب المصالح التقنية اللامركزية والسلطة المحلية .
و يتمثل دور اللجنة المحلية للتنمية البشرية في :
- إعداد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على المستوى المحلي , مع إمكانية الدعم والمساعدة من طرف الجهات الخارجية .
- التنفيذ العملي للمشاريع والأعمال المعتمدة على المستوى المحلي .

موازاة مع ذلك , فالجماعات المحلية الحضرية والقروية مطالبة بمراجعة مخططها التنموي الاقتصادي والاجتماعي المنصوص عليه بالميثاق الجماعي 00.78 , قصد تحقيق الانسجام بين البرامج القطاعية وتناسقها مع برامج المبادرة .



56
ثالثا : المرصد الوطني للتنمية البشرية (1)
حتى يكون للمبادرة جهاز خاص بها , يسهر على تحديد أولوياتها وتوجهاتها العامة , بات من الضروري إحداث إطار قار تمثل في المرصد الوطني للتنمية البشرية الذي يتكون من أطياف ومشارب , ومن فعاليات متعددة تتمثل في الإدارات العمومية , ممثلون عن البرلمان , بالإضافة إلى المجتمع المدني الذي يتكون من الجمعيات , الجامعة , المقاولات والإعلام .
تتمثل مهام المرصد في :
- انجاز البحوث والدراسات الميدانية حول قضايا الفقر والهشاشة والإقصاء .
- تتبع وتقييم وقع المبادرة على مؤشرات التنمية البشرية الكمية والنوعية .
- تعميم وتجميع التجارب الناجحة بهدف تبادل التجارب وتلاحقها .
ومن اجل ضمان إنجاح المبادرة , تم وضع هندسة اجتماعية عن طريق خلق العديد من الآليات , بدءا من إدارات أقسام العمل الاجتماعي على مستوى الأقاليم والعمالات , ثم إنشاء شبكة جهوية لخبراء المساعدة التقنية والفنية في مجال التنمية البشرية . و يدخل ضمن هذه الهندسة وضع برامج لتكوين وتأهيل الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين , العاملين الاجتماعيين , المنشطين , المؤطرين...الخ .
الفقرة الثانية : التمويل والاجراة
بما أن الاعتمادات المالية وطريقة تصريفها واجراتها يعتبران الركيزة الأساسية لنجاح أي مشروع مجتمعي كيفما كانت صفته وأبعاده , فقد رصدت للمبادرة الاعتمادات المالية الكافية من الميزانية العامة للدولة قدرت في غلاف مالي يفوق 10 ملايين درهم , لمواجهة الحاجيات الملحة خلال الفترة الممتدة من 2006-2010 مع توقع ارتفاع تدريجي يبدأ ب 1.5 مليار درهم خلال سنة 2006 على أن يصل إلى 2.5 مليار سنة 2010.
وسوف يتم اعتماد هذا المبلغ من الميزانية العامة للدولة في حدود %60 , ومساهمات الجماعات المحلية في حدود % 20, ومن خلال التعاون الدولي في حدود 20 في المائة .
ثم سيتم تقسيم هذا المبلغ المالي إلى أربعة أقسام متساوية 2.5 مليار درهم ستخصص على مدى الخمس سنوات القادمة لتاطير كل برنامج من برامج المبادرة على حدة (البرنامج القروي - البرنامج الحضري - برنامج محاربة التهميش والبرنامج الأفقي ) أي 10 مليارات درهما على مدى خمس سنوات .
___________________________________________
-1المملكة المغربية , المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , أرضية عمل , غشت 2005 .

57
أما بخصوص الشطر الثاني لسنة 2005 , فسيتم تخصيص 2050 مليون درهم من ميزانية الدولة و100 مليون درهم لكل من الجماعات المحلية وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من اجل تمويل البرنامج المخصص على المدى القصير, والموجهة أساسا إلى محاربة التخلي عن الدراسة , دعم الصحة وإطار عيش السكان , حيث سيتم تخصيص 160 مليون درهم للبرامج الحضرية والقروية التي ستوزع على أساس ترابي بمعدل 1.5 مليون درهم للعمالة أو الإقليم ومن 2 إلى 5 مليون درهم لمقرات الجهات , فيما سيتم تخصيص 80 مليون درهم لبرنامج محاربة التهميش موزعة حسب المشاريع المقدمة من طرف الجهات لتأهيل المراكز الاجتماعية مع إعطاء الأولوية للمشاريع التي تهم أطفال الشوارع والمتسولين والمتشردين , ليتم بالتالي , تخصيص 10 ملايين درهم الباقية للبرنامج الأفقي .(1)
فيما يتعلق بمساطر التنفيذ بالنسبة لنفقات المبادرة , فان سقف سندات الطلب حدد في 200.00 درهم لكل عملية وليس ببند الميزانية , أما بالنسبة للنفقة في إطار الشساعة فسقف الصندوق يحددها في مليون درهم مع إمكانية اللجوء إلى الاستشارة المحددة بالنسبة للعمليات التي تقل عن مليون درهم , وتقليص اجل الاستشارة إلى 10 أيام بدل 15 يوما , فيما ستكون تأشيرة مراقبة الالتزام بالنفقات مصحوبة بملاحظة غير موقوفة الالتزام والأداء , كما سيتم اعتماد آجال مختصرة لكافة مراحل النفقة . (2)

ولضمان الشفافية والمراقبة فيما يتعلق بقنوات النفقات , سيتم تنظيم عمليات افتحاص مشتركة مابين المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية , فضلا عن إمكانية اللجوء إلى القطاع الخاص للقيام بهذه العملية .
ولكي تتم عملية اجراة ميزانية المبادرة بشكل فعال , تم الاعتماد على الخريطة الجماعية للفقر لسنة 1994, وكذا على معطيات حول السكن الغير اللائق لتحديد المجال الترابي بالنسبة للبرنامج ألاستعجالي .
كما تم تحديد معايير لانتقاء المشاريع المعروضة على تمويل المبادرة الوطنية , تراعي مدى مساهمة المشروع في تأهيل المواطنين وتحسين مؤشر التنمية البشرية لديهم , ومدى ملائمتها للمشاريع المدرة للدخل القار.
____________________________________________
-1المملكة المغربية , المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , أرضية عمل , غشت 2005 .
-2مرسوم رقم 1017-05-2 صادر في 12 جمادى 1462 (19 يوليوز 2005) يتعلق بمساطر تنفيذ النفقات المبرمجة في إطار الحساب المرصود لأمور خصوصية , صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
58
على ضوء ماسبق مالذي يمكن قوله عن الالتقائية واليات تفعيلها من خلال برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ؟

المبحث الثالث : تفعيل الالتقائية من خلال برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

الالتقائية كما سبقت الإشارة إليها , تتوخى تحقيق التلاقي بين البرامج القطاعية من جهة , وضمان تكاملها مع المبادرات المحلية للتنمية البشرية من جهة ثانية , من اجل خلق الانسجام بين التدخلات العمومية وأهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
وما دمنا نعمل على تحليل هذا المعطى في إطار الحكامة المحلية الجديدة ببلادنا , فإننا لا نرى بدا من تفعيل الالتقائية إلا من خلال برامج المبادرة الوطنية لصاحب الجلالة , بعد التعرف على آليات التفعيل والمتابعة لهذه البرامج التنموية , حتى نتمكن من ملامستها على ارض الواقع بشكل واضح من خلال تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية والحضرية برسم سنة 2008 .

المطلب الأول : آليات التفعيل والمتابعة

بالإمكان اعتبار آليتي التفعيل والمتابعة من ابرز تجسيدات الحكامة المحلية ببلادنا , فالترابط الموضوعي بين ادوار مختلف المنتمين للقطاع العام أو الخاص والدور المركزي لمختلف مكونات المجتمع المدني والإمكانات المفتوحة أمام الفاعلين الجمعويين , ستمكن من الدفع الموضوعي بالحركية المجتمعية , ليس فقط في اتجاه الحد من الاثارالسلبية للمعضلة الاجتماعية بل بتنمية المجتمع التي يقصد بها عملية تعبئة وتنظيم جهود أفراد المجتمع وجماعاته .
في هذا الإطار, عرف ادوارد-ج- بلاكيلي : " التنمية الاجتماعية بعلم سلوكي تطبيقي له جذوره في النظرية الاجتماعية والسلوكية الإنسانية المعاصرة".(1)
الفقرة الأولى : آليات تفعيل المبادرة
يرتكز تنفيذ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على آليتين رئيسيتين هما المقاربة التشاركية والمقاربة المندمجة , فإذا كانت الأولى تعتبر آلية تجديدية في ثقافة تدبير السياسات العمومية للمبادرة الوطنية , فان الثانية , بالإمكان اعتبارها آلية توحيدية لمختلف المتدخلين المعنيين بتفعيلها.
____________________________________________
-1بلاكيلي.ج.(ادوارد) ,"بحوث تنمية المجتمع", ترجمة د. الحناوي (حمدي) , ميدشو للتنمية والرعاية الصحية , نيقوسيا , 1990 , ص21 .
59
أولا: المقاربة التشاركية
تعتبر المقاربة التشاركية إحدى منهجيات العمل المرتبطة بتدبير الشأن العام المحلي والوطني , على أنها :" مسلسل تواصلي يمكن الأفراد والأطراف المعنية من تحديد احتياجاتهم وأهدافهم والتزاماتهم , ويؤدي إلى قرارات مركزة تاخد بعين الاعتبار آراء وتطلعات كل المجموعات والأطراف المعنية " .
بناءا على هذا التعريف , فان أي عمل تشاركي ينبغي أن يتضمن العناصر التالية :
- عنصر الحوار
- عنصر الالتزام الذي هو نتيجة للتواصل والحوار
- عنصر الاعتماد على المعنيين المباشرين في تحديد الاحتياجات والأهداف
- عنصر وضوح القرارات ودقتها .
وتكمن أهمية المقاربة التشاركية في التنمية في كونها :
ا- تمكن من تحديد الاحتياجات الحقيقية للسكان وما ينبغي الاهتمام به من مشاريع
ب- تساعد على تجاوز العوائق التي يمكن أن تنتج عن تصادم مقترحات الجهات والسلطات مع تطلعات السكان المحليين .
ت- تمكن الخبراء من رصد مدى أهمية المشاريع المقترحة وفعاليتها , وكذا إمكانية انجازها من عدمه .
كما تعتبر الضمان الوحيد لإدماج المواطنين بشكل مباشر في التنمية وممارسة السلطة . بعبارة أخرى مشاركة المواطنين في التنمية المحلية من خلال إشراكهم ومشاركتهم في اتخاذ القرار, وصنعه من اجل تدبير فعال ومثالي للشأن العام المحلي الذي يعتبر إحدى ابرز شروط الحكامة الجيدة . (1)
لقد أشار الخطاب الملكي السامي إلى مفهوم المقاربة التشاركية في قوله :" إنها تجارب تؤكد على العكس من ذلك مدى نجاعة الأساليب التي تستهدف التحديد الدقيق للمناطق والفئات الأكثر خصاصة.., وأهمية السكان ونجاعة المقاربات التعاقدية والتشاركية " . (1)
___________________________________________
1- Abbadi(Driss),"Gouvernance participative locale au maroc" ,Edition 2004 , imprimerie de fédala mohammedia , P:17
-1خطاب صاحب الجلالة المؤرخ في 18 ماي 2005.

60

يمكن ان نظيف الى المقاربتين المدرجتين بهذا الخطاب مقاربتين اخريتين بالاهمية بما كان هما :
( المقاربة اللامركزية ومقاربة النوع) , الاولى تعتبر مسالة اولية وسابقة , لانها متصلة بالالتزامات الدستورية والقانونية والسياسية , ذلك ان تطبيق المقاربة التشاركية يؤدي الى الاستجابة لمطالب الساكنة في الرفع من مستوى اوضاعها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية .
كما ان تطبيق نفس المقاربة وفق منظور الحكامة المحلية الجيدة سيساهم في تحقيق الاستقرار الداخلي , وفي تجويد النظام الديمقراطي للبلاد , اما الثانية ( أي مقاربة النوع) فانها تعني اعطاء المزيد من الاهتمام للمراة القروية وتشجيعها حتى تثمن ادوارها الريادية في احداث التنمية الفلاحية و القروية , والدفاع عن حقوقها المادية المكتسبة والحيلولة دون هضمها .

بالرجوع الى الخطاب السامي مجددا , فاننا نجده يؤكد على اهمية هذه المقاربة من خلال قوله : " ... والنهوض بحقوق المراة والطفل , وباوضاع الفئات الاجتماعية التي تعاني الفاقة والضعف (..) واتاحة اكبر قدر من فرص الاختيار امام المغاربة رجالا ونساءا(...) , كما انها تستهدف التاهيل... مراكز الاستقبال الموجودة بمساعدة الاشخاص في وضعية صعبة... والنساء المعوزات اللواتي لا سند ولا ماوى لهن " .
ثانيا : المقاربة المندمجة
قدم الخطاب الملكي السامي المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية شرحا مستفيضا عن المقاربة المندمجة , وذلك حينما اكد جلالته على :" ان التنمية الفعالة والمستدامة لن تتحقق الا بسياسات عمومية مندمجة ضمن عملية متماسكة ومشروع شامل وتعبئة قوية متعددة الجبهات , تتكامل فيها الابعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والتقافية والبيئية" , " كما تدلنا تلك التجارب على محدودية جدوى المقاربات التنموية غير المندمجة , ذات الطابع القطاعي الانفرادي المنعزل عن باقي القطاعات الاخرى , فضلا عما تؤدي اليه من اختلالات ناجمة عن تعدد الفاعلين وتشتيت الجهود وتبديرالموارد".


61
كما وقد اكد الخطاب الملكي على اهمية البرمجة المندمجة , وحدد محاورها حين قال : " تاسيسا على هذه المقومات والمرجعيات والتجارب , فان المبادرة التي نطلقها اليوم ينبغي ان تركز على المواطنة الفاعلة والصادقة , وان تعتمد سياسة خلاقة تجمع بين الطموح والواقعية والفعالية , مجسدة في برامج عملية مضبوطة ومندمجة قائمة على ثلاثة محاور: اولها التصدي للعجز الاجتماعي.. , تانيها تشجيع الانشطة المتيحة للدخل القار والمدرة لفرص الشغل , تالثها العمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للاشخاص في وضعية صعبة , او لذوي الاحتياجات الخاصة لانتشالهم من اوضاعهم المتردية " .
من خلال ماسبق , يمكن تحديد المقاربة المندمجة في تعريف يجعلها عبارة عن سياسات عمومية تندرج ضمن عملية متماسكة ومشروع شامل , وتعبئة قوية متعددة الجبهات تتكامل فيها الابعاد السياسية , الاجتماعية والاقتصادية , التربوية والتقافية ثم البيئية .
وبالتالي , فهي مقاربة ضد المقاربات القطاعية الانفرادية التي تعمل بمعزل عن باقي القطاعات الاخرى , ذلك انها تقوم على ثلاثة وظائف اساسية هي :
أ‌- وظيفة التخطيط المندمج
تؤدي هذه الوظيفة هدفا استراتيجيا يتمثل في تحديد المشروع المستقبلي بناءا على نظرة استراتيجية للمستقبل المشترك , يتم من خلالها التعامل مع العملية التنموية تعاملا استراتيجيا يرتكز على التخطيط العلمي والعملي الذي تندمج في صياغته جميع القطاعات المعنية وحتى غير المعنية , لان الكل في النهاية سيصبح معنيا بالامرولو بطريقة غير مباشرة .

ونظرا , لاهمية التخطيط في التحديد الاستراتيجي للمشاريع النموذجية , فقد اكد الخطاب الملكي في هذا الاطار بالقول :" وتنبع مبادرتنا في المقام التاني من اقتناعنا بان اعادة التاهيل الاجتماعي عملية معقدة , شاقة وطويلة النفس , لا يمكن اختزالها في مجرد تقديم اعانات ظرفية , او مساعدات موسمية مؤقتة , كما لايمكن التعويل فيها على كل الاعمال الخيرية..." .
وعليه , فالتخطيط ينطلق من التشخيص والاعداد الى التفعيل والمتابعة , والانجازثم التقييم , فالمساءلة فيما يتعلق بمسؤوليات المتدخلين .

62
ب‌- وظيفة الترشيد المندمج
تنطلق هذه الوظيفة من احدى اهم شروط الحكامة المتمثلة في الفعالية التي لايمكن تحقيقها دون تكثيف الجهود في العملية التنموية , ذلك ان الفعالية في اطارالمقاربة المندمجة تسمح بتقاسم الوسائل الضرورية لمختلف الشركاء وباقي الاطراف الاخرى , والمتمثلة في الخطوات الاتية : (1)
- تحديد الحاجيات
- تشخيص الوضعية الحالية
- وضع الوسائل الضرورية في خدمة الجميع ( الوسائل المادية – البشرية - المهارات والكفاءات) .
ان الاستغلال المشترك والمندمج لهذه الوسائل , بدون شك سيوحد العمل التنموي وسيوفر الجهد ويقلص الوقت .
ج‌- وظيفة الرصد المندمج
جميع العمليات التنموية هي في حاجة ماسة الى عملية رصد مستمرة لا على مستوى الاعداد او التشخيص او التنفيذ , كذلك هي في حاجة ماسة الى فريق عمل مندمج , ومتكامل ومن مختلف التخصصات من اجل تحسين اثر المشاريع على الساكنة المستهدفة , وضمان اقصى فائدة ممكنة لهم , لما لهم من دور كبير في هذا المجال , خاصة وان هؤلاء هم السبب الرئيسي في ان العمليات الانمائية تحصل على اموال صندوق المبادرة .
بالنتيجة فان المقاربة المندمجة , لايمكن ان تكون ناجحة وفعالة وشفافة دون ارتكازها على المقاربة التشاركية المبنية على تدعيم الحكامة الرشيدة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية .

الفقرة الثانية : اليات متابعة المبادرة
اوكلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الى الحكومة والسلطات المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني مجموعة من الادوار من اجل انجازها , وقد عززت هذه الادوار بمجموعة من اليات المتابعة في اطار هياكل وبنيات تنتهي بعمليات التقييم , ثم التقويم الدائمين عبر مراحل دورية تنطلق من بداية الانجاز الى نهايته .
___________________________________________
1-Initiative National pour le Developpement Humain , P:64.


63
و يقصد بالمتابعة : " تتبع وتقييم مراحل التخطيط انطلاقا من التنظيم والمشاركة , الى ملائمة الحاجيات والمشاريع والموارد , الى التنفيذ وقياس اثار هذه المشاريع على الساكنة " , و تكمن اهمية المتابعة في تحقيق التقييم النهائي الذي دعا اليه الملك محمد السادس في خطابه السامي بعد ثلاث سنوات من تنفيد المبادرة .
اولا- دورالسلطات العمومية
يختلف دور مكونات السلطات العمومية في علاقتها بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية , بالنظر الى طبيعة المهام المركزية الموكولة الى الحكومة , ثم المهام ذات الطابع المحلي الموكولة الى السلطات المحلية .
أ‌- دور الحكومة
تعتبر الحكومة الجهة المكلفة رسميا بتفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , وبتفعيلها ومتابعتها , من خلال تكليف الوزير الاول بالسهر على ان تنكب الحكومة على تجسيد المبادرة ضمن برامج مندمجة وملموسة , الى جانب مهمة تقديم التوجيهات اللازمة النابعة من المتابعة اليومية لتنزيل المبادرة الوطنية في شكل بحوث اجتماعية ودراسات خاصة بالعالم القروي .
كما ان الحكومة مطالبة بتخصيص الموارد البشرية والمالية الازمة للمبادرة . وبخصوص الموارد البشرية والادارية , فان الحكومة مطالبة بانشاء شبكة جهوية لخبراء المساعدة الفنية والتقنية في مجال التنمية المستدامة .
و في اطار المقاربة المندمجة دائما , الحكومة مطالبة بتقوية قدرات وامكانيات التعاون الوطني ووكالة التنمية الاجتماعية وباقي المصالح المركزية والخارجية , حتى يلتقي الكل مع المبادرة الوطنية . كذلك الحكومة مطالبة ب " نهج خطة عمل ترتكز على مبادئ حسن التدبير من مسؤولية وشفافية وقواعد الاحترافية , مع اشراك واسع للمواطنين وتحديد وعقلنة مجال تدخل المؤسسات والاجهزة العمومية فضلا عن المتابعة والتقويم المستمرين للمنجزات" .
ب‌- دور السلطات المحلية
يتجلى دور السلطات المحلية المنصوص عليها بالفصل 100 من الدستور المغربي المراجع لسنة 1996 , في كونها مكلفة بالقيام بدور التشخيص وتحديد المواقع , وتفعيل المشاريع على مستوى اللجنة المحلية , ثم هي مكلفة بتحديد المستهدفين من المبادرة , والمصادقة على المبادرات المحلية للتنمية البشرية على مستوى اللجنة الاقليمية , وبتفعيل البرامج والمشاريع على مستوى اللجنة الجهوية .

64
وفي ذلك اشارة هامة الى ضرورة تطبيق وتحقيق الالتقائية بين البرامج القطاعية المحلية وبرامج المبادرة المحلية للتنمية البشرية , والبرامج التنموية المتخدة على صعيد الجماعات المحلية في اطار مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية المدعو للمراجعة واعادة النظر, والمكلفة باعداده لجنة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
و بذلك سيتم خلق ديناميكية تنموية محلية متكاملة ومنسجمة , تتكامل فيها المخططات التنموية للاطراف السابقة , وسيتم فيها ترشيد الجهود والموارد البشرية والمالية , وتدبير عنصر الزمن مما سيحقق لنا كذلك وظيفة المتابعة والتقييم بفعالية ودقة عن طريق الرصد المندمج .
اذن , المطلوب من الجماعات المحلية الان باصنافها الثلاثة , اعتماد التخطيط الاستراتيجي التشاركي . وبشكل عام فان هذا النوع من التخطيط يسمح للفاعلين المحليين من تحقيق الاهداف التالية :
ا- اعطاء الاولوية للاستراتيجيات والمشاريع التنموية التي تستجيب لانتظارات السكان .
ب-جعل الجماعات المحلية قادرة على وضع اهداف مضبوطة قابلة للقياس وتمكن من مراقبة مدى تحقيقها . (1)
ت‌- خلق الظروف الملائمة من اجل تنمية مستدامة تستفيد منها الاجيال الحاضرة والمقبلة .

تانيا- دور المجتمع المدني
يعد المجتمع المدني ذو اهمية كبرى داخل المبادرة , لان هذه الاخيرة تهدف الى الرقي بالعنصر البشري وادماجه في الدينامية التنموية المنشوذة , والحد من مظاهر الاقصاء والفقر والامية ونشر ثقافتي المواطنة الحقة والمشاركة الفاعلة , وتجاوز ثقافة الياس والشعور بالتهميش السائدة داخل بعض شرائح المجتمع المغربي التي تجعلها فريسة سهلة للاستقطاب والتطرف والانحراف .(2)
يمكن القول , ان المجتمع المدني عالم ذو علاقة وسطية بين الحكومة والعائلة , تشغلها مؤسسات منفصلة عن الحكومة وتتمتع باستقلالية في علاقتها مع الحكومة , وانها تتشكل بشكل تطوعي من اعضاء في المجتمع لحماية او زيادة اهتماماتهم او قيمهم .(3)
___________________________________________
1-" دليل عملي للتخطيط الاستراتيجي التشاركي والميزانية المتعددة السنوات" , الوكالة الامريكية للتنمية الدوليةUSAID , وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية) , دجنبر 2003.
2- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ," التتبع والتقييم التشاركي" , اكتوبر 2007, القنيطرة.
3- الكايد زهير (عبد الكريم)," الحكمانية" , قضايا وتطبيقات , منشورات المنظمة العربية للتنمية الادارية , بحوث ودراسات , العدد 372 , طبعة 2003 , ص 80.


65
أ‌- القطاع الخاص
يشكل القطاع الخاص العمود الفقري للتنمية بالدول الليبرالية , هذا ما اكدته مختلف الدراسات حينما ابانت عن وجود علاقة ايجابية بين انشطة القطاع الخاص والنمو الاقتصادي , من خلال التاكيد على ان التاثير الايجابي لاستثمارات القطاع الخاص على النمو , يفوق تاثير استثمارات القطاع العام باكثر من مرة ونصف .
اذن , القطاع الخاص يعتبرالان اهم شريك داخل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , حيث يتموقع بداخلها على ثلاث مستويات هي : التمثيل والتكفل بمجموعة من مشاريع المبادرة والاستثمار فيها , ثم الاستفادة من تمويلاتها ومن السلفات الصغرى التي تؤطرها الجمعيات .
فعلى مستوى التمثيلية , القطاع الخاص ممثل ضمن الشبكة الجهوية لخبراء المساعدة التقنية والفنية في مجال التنمية المستدامة , حيث يعزز هذه الشبكة في شكل مقاولة , هذا الى جانب الجامعة والنسيج الجمعوي الممثل ايضا ضمن مكونات المرصد الوطني للتنمية البشرية في شخص الشركات , الجمعيات , وسائل الاعلام , ممثلي البرلمان...الخ .
وهنا تبرزاهمية القطاع الخاص المتمثلة في تقديم الخبرة والمتابعة وتقييم مختلف عمليات المبادرة .
اما على مستوى التكفل بمشاريع المبادرة والاستثمار فيها , فالقطاع الخاص يعد الجهاز المكلف بالتنمية والانجاز في كثير من مشاريع المبادرة وبرامجها الثلات الاصلية , وكذلك فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية من ماء وكهرباء وطرق , ومستوصفات ومراكز استقبال الى غير ذلك .
ب‌- النسيج الجمعوي
يشكل النسيج الجمعوي احد الاركان الاساسية ضمن جهود حركة المجتمع المدني , لما له من دور في قيادة المسيرة التنموية صحبة الدولة والقطاعات الاخرى . حضور قوي يؤكده مايقارب اربعين الف جمعية تغطي جل التراب الوطني واكثر من مليون منخرط . (1)
ان النسيج الجمعوي حاضر بقوة في جميع هيئات المبادرة ولجانها ان على المستوى المركزي او اللامركزي , فهو ممثل باللجان المحلية المكلفة بتنزيل برنامج محاربة الفقر في الوسط القروي وبرنامج محاربة الاقصاء بالوسط الحضري , الى جانب مسوؤليته عن متابعة اشغال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من خلال المهام المتعددة الموكولة اليه , خاصة اذا كان الامر يتعلق بالمشاريع المبرمجة , فانه مطالب بمتابعتها ومعرفة مدى جدوائيتها وصلاحيتها للبرمجة .
___________________________________________
1- لخيار (زهير) , "المجتمع المدني والحكامة نحو تقوية القدرة التفاوضية للعمل الجمعوي , (سؤال الحكامة في المغرب رهانات وتطبيقات)", العدد الثامن , 2008 , ص 21.

66
فمن الاشياء الممكن متابعتها من طرف النسيج الجمعوي , بخصوص برنامج محاربة الفقر في العالم القروي متابعة انجاز التشخيص التشاركي بكل جماعة مستهدفة من طرف لجانها المحلية , وتقييم حجم مشاركة الساكنة المستهدفة في صياغة المشاريع وتحديد العمليات , ثم الخروج بتوصيات تحدد كيفية تحسين شروط الفعالية والاداء .

اما على مستوى برنامج محاربة الهشاشة , فان متابعته تثمثل في المتابعة الدقيقة لعملية وضع " خارطة الهشاشة والتهميش" , و"التصميم الجهوي لمحاربة الهشاشة والتهميش" ومدى تحقيقهما على ارض الواقع . (1)

وعلى مستوى المرصد الوطني للمبادرة الوطنية وشبكة النظم المعلوماتية , فالنسيج الجمعوي يقوم بمتابعة اثرالانجاز عبر معيار المؤشر المندمج للتنمية البشرية , وكذا تحليل تطور مبادرة التنمية البشرية والمؤشرات الاخرى للمرصد .

كانت هذه اليات وتقنيات للتفعيل والمتابعة في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , يقوم بها رجال منمون من مختلف طبقات المغرب من مختلف التخصصات والمشارب يسهرون على تحقيق التناغم والانسجام فيما بينهم اولا , وفيما بين المشاريع التنموية ثانيا من اجل تحقيق الهدف السامي لصاحب الجلالة والمغاربة قاطبة والمثمثل في " التنمية البشرية المستدامة " , التي لن تتحقق الا وفق حكامة جيدة منطلقها اللامركزية واللاتمركز ببلادنا .

فما الذي يمكن قوله عن الالتقائية بالجماعات الحضرية والقروية برسم سنة 2008 ؟ ولماذا تفعيل الالتقائية بهذه السنة بالذات ؟

___________________________________________
1- ان التشخيص التشاركي يعتبر من اهم المراحل لنجاح وضمان استمرارية المشروع , لا من خلاله يتم تحديد العوائق والحاجيات والاولويات التي يتم من خلالها اعداد برنامج العمل , وذلك من خلال التفكير مع السكان في حالتهم ووضعيتهم وتسهيل الحوار الجماعي , والتواصل بشكل عام حتى يتسنى للجميع التعبير عن ارائهم والمشاركة في اخد القرار والالتزام بع , وتقاسم المعلومات والمسؤوليات وكسب ثقة السكان في نهاية المطاف. للمزيد من التفصيل انظر: " دليل مكون اللجنة الجماعية في مجال التخطيط التشاركي " , ص 26.


67

المطلب الثاني : تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية والحضرية برسم سنة 2008

لماذا الالتقائية سنة 2008؟ للاجابة على هذا السؤال لابد من الاحاطة بالمعطيات السابقة التي ميزت السنوات الاولى لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الى يومنا هذا :

أ‌- سنة 2005 (سنة الانطلاقة) : يعتبر البرنامج الاولي برنامج انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , ذلك انه يرتكز على التحديد المباشر للمشاريع ذات الوقع القوي على المستوى الاقليمي بتنسيق مع الجماعات المحلية المعنية والجمعيات المحلية .
كما ان اجهزة الحكامة خلال هذه السنة لم تفعل بشكل حقيقي , فتم التعجيل بالبرنامج الاستعجالي من اجل تحقيق المكتسبات المرسومة بهذا البرنامج الذي حقق انجازا مميزا تمثل في انجاز اكثر من 1100 الف مشروع .(1)

ت‌- سنة 2006 (سنة البناء) : تم اعطاء انطلاقة عمليات خلق الانسجام بين البرامج القطاعية على الصعيد الجهوي , خاصة في المناطق الاقل حظوة , فكان المنطلق الاول لبروز مفهوم الالتقائية ببلادنا ذلك الملتقى الحكومي المنعقد بمدينة بني ملال بتاريخ 22 شتنبر 2006 , والذي تمت من خلاله مطالبة الجماعات المحلية بالعمل على تحيين مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية , والحرص على انسجام البرامج المسطرة في اطارها مع اهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتدخلات العمومية . هذا الى جانب ظهور المعالم الحقيقة لاجهزة الحكامة .(2)

ج- سنة 2007 ( سنة الاحترافية في التنفيذ) : عرفت هذه السنة انطلاق استراتيجيتين اساسيتين في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , تتعلق الاولى بالتكوين وتقوية الكفاءات , حيث تم تكوين مايزيد عن 18.000 مستفيد في ميادين متعددة كالهندسة الاجتماعية والتقييم والتتبع والتدبير المالي للمشاريع .
___________________________________________
1- مذكرة توجيهية لانجاز مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالنسبة للفترة الممتدة من 2006 الى 2010 , دجنبر 2005, ص 3.
2 - المملكة المغربية , المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , أرضية عمل , غشت 2005 .
68
د - اما المرحلة الثانية , فتتعلق بتواصل القرب , وتهدف الى تشجيع الفاعلين المحليين على المشاركة في اعداد وانجاز المشاريع , والعمل على استيعاب مبادئ ومساطر المبادرة , وذلك من خلال وضع مخطط وطني موازاة مع مخططات اقليمية للتواصل .(1)
هذه السنة كذلك عرفت تشكل حكومة جديدة بزعامة عباس الفاسي الذي ضمن في برنامجه الحكومي , ان الحكومة ستحرص على مباشرة اصلاحات جوهرية تهم الحكامة الجيدة والتدبير الامثل لمختلف السلط , وكذا للادارة العمومية والتنظيمات المحلية والجهوية , فضلا عن تخليق الحياة العامة .(2)

ه- سنة 2008 (سنة تعزيز الالتقائية بامتياز) : تم خلال هذه السنة وضع مخطط عمل لتفعيل الالتقائية في اطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , ابتدا العمل به شهر يناير الماضي , حيث يتطلب من كافة القطاعات الحكومية اتخاذ مايلزم من التدابير لتعزيز وتوسيع مسؤولية المشرفين على المصالح الخارجية في اتخاذ القرارات الادارية والمالية وتمكينها من الوسائل الضرورية لضمان استعمال انجع للموارد المتاحة بغية ملاءمة برامجها , وتحقيق الانسجام والتلاقي فيما بينهما .
كما ويلزم جميع القطاعات الحكومية باتخاد التدابير الكفيلة بتعزيز مشاركة النساء والشباب والاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة , في اعداد وانجاز هدا المشروع المجتمعي , وتعزيز اجهزة الحكامة ضمن مقاربة تشاركية تتبنى التخطيط المتعدد السنوات كمنهج علمي للعمل يتوخى الزامية النتائج عن طريق تفعيل التدبير المالي .(3)

هذا الى جانب عقد العديد من الملتقيات الجهوية على الصعيد الوطني حول الالتقائية بكل من مدن (طنجة – اسفي- سلا – الجديدة) .

___________________________________________
1- كلمة الوزير الاول عباس الفاسي بمناسبة الاجتماع الخامس للجنة الاستراتيجية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية , الرباط يوم 24 ديسمبر 2007.
2- البرنامج الحكومي للوزير الاول" عباس الفاسي" , الرباط, في يوم الاربعاء 12 شوال 1428 الموافق ل 24 اكتوبر 2007 .
3- انظر اللقاء الاقليمي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية المنعقد بالجديدة , وكدا اللقاء التواصلي المنعقد بسلا حول موضوع: " الالتقائية في اطار البرمجة المتعددة السنوات", الاتنين 31مارس 2008.

69
انطلاقا من هذه السنوات الاربع , يمكن القول ان فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تتمثل في اعطاء الاولوية للمبادرات المحلية عن طريق تمكين المسؤولين عن المصالح والادرات المحلية من سلطة اتخاذ القرارات الملائمة والمنسجمة مع برامج قطاعاتهم وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , الى جانب وضع برامج تنموية متعددة السنوات يمكن اعتبارها نموذجا لتطبيق التوجيهات الملكية السامية , التي تؤكد على ضرورة العمل على التقائية تنفيذ السياسات الحكومية مع برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
فماذا عن تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية والاحياء الحضرية ؟

الفقرة الاولى : تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية المستهدفة برسم 2008. (1)
يتمظهر تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية ببلادنا من خلال عدد المشاريع التنموية التي يستفيد منها الوسط القروي , والتي بلغت حوالي 4934 مشروعا بمساهمة مالية بلغت 2.704 مليار درهم أي بنسبة 82.5 في المئة من التكلفة الاجمالية لانجاز المشاريع, وذلك حسب القطاعات تبعا للجدول التالي :

القطاع عدد المشاريع المساهمة المالية
الفلاحة والصيد البحري 473 192 443 998
التنمية الاجتماعية 166 13 482 00
الماء والبيئة 94 627 595 600
التعليم 248 360 451 08
التشغيل والتكوين المهني 24 1860 000
الطاقة والمعادن 3770 123 248 812
التجهيز 40 458 234 000
السكن والتعمير 55 93 223 600
الصحة 64 26 766 389
المجموع العام 4934 2 482 305 704

___________________________________________
-1انظر اللقاء الاقليمي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية المنعقد بالجديدة يوم الاتنين 31 مارس 2008, حول موضوع: " الالتقائية في اطار البرمجة المتعددة السنوات" .
70
الفقرة الثانية : تفعيل الالتقائية على صعيد الاحياء الحضرية المستهدفة برسم سنة 2008
موازاة مع تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية , فالاحياء الحضرية بدورها تستفيد من 267 مشروعا بمساهمة مالية بلغت 569 مليون درهم أي بنسبة 17.5 بالمئة حسب القطاعات الحكومية , وذلك وفقا للجدول التالي :


القطاع عدد المشاريع المساهمة المالية
الفلاحة والصيد البحري 1
7 000 000
التنمية الاجتماعية 73
8975 000
التعليم 53
77 075 600
التشغيل والتكوين المهني 8
1320 000
الطاقة والمعادن 17
6937 318
السكنى والتعمير 68
448 753 184
الصحة 47
19 013 516
المجموع العام 267
569 074 618





71
تجدر الاشارة , الى ان اغلب التدخلات القطاعية تدخل في اطار البرامج الوطنية للتنمية البشرية , كبرنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب وبرنامج كهربة العالم القروي , والبرنامج الوطني للطرق القروية , وبرنامج مدن بدون صفيح بغلاف مالي بلغ 2.9 مليار درهم لتنفيد حوالي 4021 مشروعا , وذلك تبعا للجدول الموالي :

البرنامج عدد المشاريع المساهمة المالية
برنامج تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب 94 627 595 600
البرنامج الوطني للطرق القروية 40 458 234 000
مدن بدون صفيح 123
541 976 784
برنامج كهربة العالم القروي 3764
1 229 448 812
المجموع العام 4021
2 857 255 196

يمكن القول , ان المبادرة الوطنية للتنمية البشرية برسم الفترة 2005-2007 قد مكنت من برمجة اكثر من 12000 مشروعا لفائدة 3 ملايين مستهدف من خلال المبادرات المحلية للتنمية البشرية , التي انجزت في اطار تشاركي وتشاوري .

فالمشاريع المنجزة او في طور الانجاز تمت عبر منهجية تصاعدية عكست الحاجيات المعبر عنها من طرف الساكنة , هذا من جهة . من جهة تانية , يمكن القول ان سنة 2008 تعتبر سنة تفعيل الالتقائية من لدن القطاعات الوزارية عبر برمجة 5201 مشروعا تنمويا يخص البنيات التحتية بمساهمة مالية بلغت 3.3 مليار درهم , الى جانب مساهمة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبلغ 2 مليار درهم كاعتمادات للاداء , ومليار واحد كاعتمادات للالتزام .


72
هكذا, ستمكن هذه المشاريع عند انجازها بانسجام مع المبادرة الوطنية من :

* فك العزلة
* توسيع قاعدة الولوج للخدمات الاساسية ( الماء - الكهرباء) .
* تحسين التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي والامية .
* تحسين الخدمات الصحية .














73
خاتمة
انطلاقا مما سبق يمكن القول , ان تحديث الحكامة المحلية بالمغرب يتطلب منا ان نخطو خطوات جريئة وشجاعة الى الامام . وهذا يقتضي ارادة سياسية واضحة في التعبير , والحكامة هي المحك الاساسي لهذه الرغبة القوية , لذلك فالحكامة الجيدة في أي مجتمع واي مؤسسة حكومية كانت او غير حكومية , تبقى من اهم الضروريات لانجاح المشاريع التنموية , الا ان تطبيقها يتطلب سيادة جو تسوده الشفافية والمسؤولية ودولة الحق والقانون والمشاركة واللامركزية , لان الحكامة الرشيدة لا تعدوا ان تكون سوى اداة لتبسيط التوجهات الاستراتيجية الكبرى للادارة الترابية التي بدات تعتمد اسلوبا جديدا في تدبير الشان الاجتماعي يتمثل في العمل على تحقيق الالتقائية والتنسيق بين البرامج , والتدخلات العمومية التي تعد الالتقائية قواما لها , والقالب الذي تشتغل فيه من اجل اخراج مشاريع وبرامج تنموية ذات طابع اقتصادي , اجتماعي و ثقافي ثم بيئي الى الوجود , شرط ان تكون مبنية على مشاركة ايجابية للمواطنين ومعتمدة على مقاربات جديدة في التعاطي مع قضية التنمية , كالمقاربة التشاركية , وسياسة القرب , والمقاربة الترابية , وتثمين مجهودات الفاعلين المحليين ودعمهم , ماديا وتقنيا , قصد بلوغ الاهداف المشتركة وغيرها من المبادرات والجهود .
الا اننا نسجل غياب التنسيق بين الجهات المهتمة على اعتبار التنمية وحدة متكاملة لا تقبل التفييء , وتستدعي تعبئة الطاقات والموارد المادية والبشرية , لاجل انجاحها . هذا الى جانب بعض الاكراهات التي تعترض تطبيق الالتقائية والمتمثلة في :
* عدم استقلالية المصالح الخارجية في اتخاذ القرارات (البرمجة المالية) .
* عدم وجود ضمان الاستمرارية للبرامج المسطرة مسبقا .
ان مساهمة المؤسسات العمومية في الاستراتيجية الوطنية للدولة , في المجال الاجتماعي , يتطلب اساسا القيام بالدراسات اللازمة , واعداد خبراء التنمية – نموذج وكالة التنمية الاجتماعية - و الفاعلين التنمويين المتخصصين , وتسهيل عمليات بناء الشراكة مع الفاعلين الاخرين كالجماعات المحلية , وجمعيات المجتمع المدني , والقطاع الخاص , بالاظافة الى رصد الاعتمادات المالية وتيسير التمويل للقيام بالمشاريع التنموية المدروسة .

74
ولتجاوز تلك الاكراهات , نقترح ثماني توصيات في هذا الشان , نتمنى ان تفعل على ارض الواقع , خصوصا وما تتطلبه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من تكاثف الجهود , وتعبئة دائمة بين مختلف الادارات من مصالح خارجية او مؤسسات عمومية او جماعات محلية او مجتمع مدني لاجل انجاح هذا الورش الوطني الكبير .

(1- الانتقال من التدبير المركزي الى التدبير اللاممركز عبر تفويض مزيد من الصلاحيات والاختصاصات للمصالح الخارجية .
2) – الانتقال من التدبير القطاعي الى التدبير المجالي عبر اقرار سياسة مجالية مندمجة وتقسيم ترابي منسجم يتم فيه اتخاذ القرار بشكل افقي فيما بين المتدخلين في المجال الواحد , لتحقيق الالتقائية والانسجام بين مختلف المشاريع وفق رؤية واضحة وموحدة .
3) – ملاءمة القدرات والكفاءات البشرية المتوفرة مع طبيعة المشاريع التي سيتم اقتراحها , وتوظيف جميع الامكانيات المتوفرة على صعيد الجهات لخلق فرص الشغل وتحسين مستوى وظروف عيش السكان .
4) – وضع اللاتركيز في مقدمة الاولويات ضمن برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
5) – توسيع مبدا تقريب الادارة من المواطنين , وفك العزلة عن العالم القروي .
6) – تقوية دور وقدرات المجالس الجهوية للحسابات على مستوى المراقبة البعدية بالنسبة للجماعات المحلية .
7) – اعادة النظر في المخططات الاقتصادية والاجتماعية للجماعات المحلية وجعلها منسجمة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
8) – تكوين لجنة اقليمية تضم الكفاءات من مسؤولين وفاعلين جمعويين وطلبة باحثين لتتبع صيرورة الالتقائية .



75

 لائحة المراجع و المصادر المعتمدة 

المراجع بالعربية
الكتب
- السعيدي مزروع (فاطمة),"الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب ", الطبعة الأولى , مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء , 2003 .
- بالزاغ(عبد الكريم) ," وظائف الجهة نموذج جهة الشاوية ورديغة ", مطبعة المعا ريف الجديدة , الرباط, 2003.
- جعفري (سعيد) وآخرون, " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , السياق العام , الأسس والآليات , القرارات والمهارات " المطلوبة , الطبعة الثانية , 2007 , الدار البيضاء .
- محرم( صبحي)/ الخطيب( محمد فتح الله) , "اتجاهات معاصرة في نظام الحكم المحلي" , دار النهضة العربية .
- كرامي( محمد) ," القانون الإداري-التنظيم الإداري-النشاط الإداري" , الطبعة الثانية , مطبعة النجاح الجديدة , 2003, الدار البيضاء .

الأطروحات:

حيمود (محمد) ," إشكالية تقييم التدبير المحلي " , مقاربة نقدية على ضوء التوجهات الرقابية الحديثة , أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق , جامعة الحسن الثاني , الدار البيضاء , 2002 .
 كيجي(حسنة) ,"التنظيم الجهوي وافاق حماية البيئة بالمغرب – حالة جهة الدار البيضاء الكبرى", اطروحة لنيل الدكتوراه , شعبة القانون العام , وحدة القانون الاداري والعلوم الادارية , كلية الحقوق الدارالبيضاء , 2001-. 2002

الرسائل :

 قاعدة (محمد) ," اللاتمركز الإداري ودوره في الإصلاح الإداري " , بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة , كلية الحقوق اكدال , الرباط , 2002- 2003.
عمامو (جمال) ," تدبير المدن الكبرى على ضوء القانون الجماعي 78.00مدينة الدار البيضاء نموذجا ", رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام , كلية الحقوق , الدار البيضاء , 2003.
سرمك(هشام ) ," التنمية المحلية بين اللامركزية وعدم التركيز الإداري جماعة سلا تابريكت نموذجا" , رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام , كلية الحقوق اكدال, الرباط , 2001


المجلات

- التنظيم الإداري المحلي , سلسلة نصوص ووثائق, منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , الطبعة الثانية , عدد 161, 2006.
- العرج (محمد) ,"رئيس المجلس الجماعي في أحكام الميثاق الجماعي الجديد ", المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 44 , 2003.
- السد جاري (علي) , " وحدة المدينة المفهوم ونقيضه ", المجلة المغربية للتدقيق والتنمية, عدد 14 , يونيو 2002.
- العلوي (جعفر) , " نظام وحدة فاس في علاقته مع التقطيع الجماعي الجديد " , المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 44, سنة 2003.
- الكايد زهير (عبد الكريم) ," الحكمانية" , قضايا وتطبيقات , منشورات المنظمة العربية للتنمية الادارية , بحوث ودراسات , العدد 372 , طبعة 2003 .
- المجال الجغرافي والمجتمع المدني , خاص:" التنمية البشرية والحكامة المحلية " , مجلة سنوية , العدد 11 , 2007, مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء .

- المتوكل (عبد الله)," الإدارة اللامركزية بالمغرب ", منشورات الإدارة المحلية للتنمية , سلسلة مؤلفات جامعية , عدد 12, 1999.
- اتلاتي (طارق) ," العدالة الانتقالية ومفهوم التنمية البشرية ", مسالك , العدد 5, مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء , 2006.
- اجعون (احمد) ,"تكوين المنتخب الجماعي والميثاق الجماعي الجديد ", المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 44, 2003.
- امارسيا (سن) ," التنمية حرية ", سلسلة عالم المعرفة , العدد 303 , ماي 2004 .
- بلمحجوب (إدريس) ,"أي جهود لحماية البيئة ؟ وأي دور للأجهزة القضائية في تفعيل القواعد القانونية للبيئة والتنمية المستدامة " , مجلة القضاء والقانون , عدد 150, 2004.
- بلاكيلي.ج.(ادوارد) ,"بحوث تنمية المجتمع" , ترجمة د. الحناوي (حمدي) , ميدشو للتنمية والرعاية الصحية , نيقوسيا , 1990 .
- بنمير(المهدي) ," التنظيم الجهوي بالمغرب ", دراسة تحليلية للقانون رقم 96/47 المتعلق بتنظيم الجهات , سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية , المطبعة والوراقة الوطنية , مراكش , عدد6 , 1997.
- بنمير ( المهدي) , " اللامركزية والشأن العام المحلي-أية آفاق في ظل المفهوم الجديد للسلطة", سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية , 2000 , مراكش .
- حركات( محمد ) ," دور المجالس الجهوية للحسابات في تفعيل التدبير الجيد للشأن العام المحلي ", مجموعة البحث حول الاقتصاد الحضري الجهوي والبيئة , الرباط, 2002.
- حضراني (احمد) ," مكانة العامل ومشروع تعديل قانون التنظيم الإقليمي ", المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , سلسلة مواضيع الساعة , عدد 32, 2001.
- كثيري (مصطفى) ," دور الجماعات المحلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية محليا وجهويا ", الحوليات المغربية للاقتصاد , عدد 7, 1993.
- قاسمي ( محمد) , " الشأن المحلي في سياق اللامركزية وعدم التمركز", السلسلة الإدارية , مطبعة فضالة , المحمدية , 1999.
- لخيار (زهير) , "المجتمع المدني والحكامة نحو تقوية القدرة التفاوضية للعمل الجمعوي , (سؤال الحكامة في المغرب رهانات وتطبيقات)", العدد الثامن , 2008 .
- شعراوي(سلوى) ,"مفهوم ادارة شؤون الدولة والمجتمع اشكاليات نظرية", مجلة المستقبل العربي , عدد 249 , 1999 .
- ملف حول اللامركزية واللاتركيز , منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية , Remald الطبعة الأولى , 1999.
- ملف خاص حول اللامركزية واللاتركيز , المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية و عدد 25, 1999.
- المجال الجغرافي والمجتمع المدني , خاص:" التنمية البشرية والحكامة المحلية " , مجلة سنوية , العدد 11 , 2007, مطبعة النجاح الجديدة , الدار البيضاء .

الجرائد الرسمية
- الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 23 نونبر 1993.
- الجريدة الرسمية , عدد 4984 بتاريخ 7/3/2002 .
- الجريدة الرسمية , عدد 4970 , بتاريخ 17 يناير 2002 .
- الجريدة الرسمية عدد 5093 مكرر, بتاريخ 25 مارس 2003
- الجريدة الرسمية عدد 5058 الصادرة في 21 نونبر 2002.

الخطب الملكية

- خطاب المغفور له الملك الحسن الثاني , أمام ممثلي ولاية الدار البيضاء الكبرى, بتاريخ 7 غشت 1984," الحسن ملك المغرب , انبعاث امة ", الجزء التاسع والعشرون .
- مقتطف من خطاب جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني بمناسبة أشغال المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية (الرباط 21 ابريل 1992) .
- مقتطف من خطاب جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني عند افتتاح أشغال المناظرة الوطنية السادسة للجماعات المحلية , يوم 28 يونيو 1994 .
- مقتطف من الخطاب السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس , والموجه للشعب المغربي بتاريخ 18 ماي 2005 .

الظهائر والمراسيم
- الظهير الشريف الصادر يوم 15 فبراير 1977 المعدل والمتمم بظهير بمثابة قانون رقم 293-93-1 بتاريخ 6 أكتوبر 1993 بشان اختصاصات العمال .
- مرسوم رقم 2003-148 الصادر في 25 مارس 2003, يغير بموجبه المرسوم رقم 2.280.953 الصادر في 21 دجنبر 1998, المتعلق بتحديد قائمة الدوائر والقيادات والجماعات الحضرية والقروية بالمملكة , وعدد الأعضاء الواجب انتخابهم في مجلس كل جماعة , ويحدد عدد المستشارين الجماعيين في الجماعات الحضرية غير المقسمة إلى مقاطعات , والمحدثة طبقا للمادة 140 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي , ويلحق إداريا بالعمالات التابعة لها , منشور بالجريدة الرسمية عدد 5093 مكرر, بتاريخ 25 مارس 2003.
- مرسوم رقم 1017-05-2 صادر في 12 جمادى 1462 (19 يوليوز 2005) يتعلق بمساطر تنفيد النفقات المبرمجة في اطار الحساب المرصود لامور خصوصية , صندوق دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .

التقارير والوثائق الرسمية

- وزارة الداخلية : تقرير حول "عدم التركيز الإداري لازمة اللامركزية", المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية الدار البيضاء 19-20 أكتوبر 1998 .
- تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول متابعة نتائج مؤتمر قمة الألفية في الدورة التاسعة والخمسين بتاريخ 27 غشت 2004.
- تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2004 .
- مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية (2000-2004) , المندوبية السامية للتخطيط .
-المملكة المغربية , المبادرة الوطنية للتنمية البشرية , أرضية عمل , غشت 2005 .
- مذكرة توجيهية لانجاز مشاريع لمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالنسبة للفترة الممتدة من 2006 إلى 2010 , دجنبر 2005.
-" دليل عملي للتخطيط الاستراتيجي التشاركي والميزانية المتعددة السنوات" , الوكالة الامريكية للتنمية الدوليةUSAID , وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية) , دجنبر 2003.
- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ," التتبع والتقييم التشاركي" , اكتوبر 2007, القنيطرة .
- دليل مكون اللجنة الجماعية في مجال التخطيط التشاركي .
كلمة الوزير الاول عباس الفاسي بمناسبة الاجتماع الخامس للجنة الاستراتيجية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية , الرباط يوم 24 ديسمبر 2007.
- البرنامج الحكومي للوزير الاول" عباس الفاسي" , الرباط, في يوم الاربعاء 12 شوال 1428 الموافق ل 24 اكتوبر 2007 .
الملتقيات الاقليمية والمقابلات الميدانية

- اللقاء التواصلي المنعقد بسلا حول موضوع: " الالتقائية في اطار البرمجة المتعددة السنوات", الاتنين 31مارس 2008.
- اللقاء الاقليمي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية المنعقد بالجديدة يوم الاتنين 31 مارس 2008, حول موضوع: " الالتقائية في اطار البرمجة المتعددة السنوات" .

- عمالة مقاطعات ابن امسيك سيدي عثمان
- عمالة مقاطعات الدارالبيضاء انفا
- عمالة مقاطعات مولاي رشيد
- عمالة مقاطعات عين الشق
- عمالة مقاطعات الحي الحسني
- عمالة المحمدية
عمالة اقليم اسفي
- عمالة اقليم بنسليمان


















OUVRAGES:

 Abbadi(Driss),"Gouvernance participative locale au maroc" ,Edition 2004 , imprimerie de fédala mohammedia .

 Theys(Jacques),"La gouvernance , un concept utile ou futile?" in économie et humanisme,n360, mars 2002 .

 Ross( m)," Community organization", theory and principle, Harper and brothers , New York , 1955 .

THESES:

 El Mhamdi(Ali),"La coordination dans l'administration centrale du Maroc", thèse pour le doctorat d état en droit, université de droit , paris , 2000 .

MEMOIRES


 Samadi (Mohamed),"Le pouvoir local quel rôle pour l agent d autorité", mémoire de cycle supérieur de l'E.N.A.P, rabat , 1992 .

ARTICLES

 El yaagoubi(Mohamed),"La Décentration administrative a la lumière du décret du 20 octobre 1993" , REMALD , N10 , Janvier-Mars 1995 .

 Brahimi(M),"De l'efficacité des controles éxercés sur des collectivités locales", REMALD, n23, avril-juin , 1998 .

 Ben Bachir( Houssine), "Les rapports et les limites de la loi n 79.00 relative a l' organisation des préfectures et des provinces", Revue marocaine d administration et de développement , série thèmes actuels , n44 , 2003 .

 Fikri(Mostapha),"Le changement administratif au Maroc a travers la révision constitutionnelle de 1996"; REMALD , N18 janvier-mars , 1997 .

 El yaagoubi(Mohamed),"Décentralisation et constitution au Maroc" , REMALD, N14-15 , 1996 .


RAPPORTS ET CIRCULAIRE

 United nation , Social Progress through Economic Development ,U.N. Report , New York , 1956 .

 Circulaire n36 , Orientations Méthodologiques pour la mise en œuvre de l' INDH pour 2007.

 Initiative National pour le Developpement Humain .



DICTIONNAIRES

 Le petit larousse", illustré , Paris , 1998 .
 "Le robert", dictionnaire historique de la langue francaise , sous la direction de Alain Rey , mars 2000 , Paris .
 Chandrifié(Fougère),"Le grand larousse", librairie larousse , 1987 .

 Paul (Robert)," le grand robert", 2éme édition , tome 2 , imprimerie aubin , France , 1985 .




SITES INTERNETS

http://www.rdh50.ma
http//:www.indh.gov.ma





الفهرس

مقدمة عامة 1


الفصل الأول: الالتقائية من خلال مسلسلي اللامركزية واللاتمركز..................... 7


المبحث الأول : الإطار القانوني للاتمركز الإداري.......................................................8


المطلب الأول : الأسس القانونية للاتركيز الإداري ......................................................9

الفقرة الأولى : اللجنة الدائمة للاتركيز الإداري............................................................9

الفقرة الثانية : اللجنة التقنية للعمالة أو الإقليم.......................................................... ...11

أولا : تشكيلة اللجنة التقنية................................................................................. ..12

ثانيا : اختصاصاتها.......................................................................................... .12

المطلب الثاني : مؤسسة العامل ودورها في تنسيق المجهود العمومي لتنمية وحكامة المجال المحلي.................................................................................................... .13

الفقرة الأولى : التطور القانوني لمؤسسة العامل....................................................... ..13

الفقرة الثانية : دور العامل في تسريع عجلة التنمية المحلية........................................ ...15


المبحث الثاني : الإطار القانوني للامركزية الإدارية وتجليات الحكامة المحلية................. ..16


المطلب الأول : الإطار القانوني المنظم للجهة......................................................... .18.

الفقرة الأولى : اختصاصات المجلس الجهوي ورئيسه وعامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة.18. .

أولا: اختصاصات المجلس الجهوي...................................................................... .18

ثانيا : اختصاصات رئيس المجلس الجهوي وعامل العمالة أو الإقليم مركز الجهة.............. . .20

الفقرة الثانية : آليات تحسين التدبير الجهوي........................................................... ...21

أولا: المراكز الجهوية للاستثمار........................................................................... 22

ثانيا : المجالس الجهوية للحسابات................................................................... ..23

المطلب الثاني : القانون المنظم للعمالات والأقاليم قانون رقم 79/00.................. ..........24

الفقرة الأولى : اختصاصات مجالس العمالة اوالاقليم..................................................24

الفقرة الثانية : مكانة الوالي أو العامل ضمن القانون الجديد...........................................26

المطلب الثالث : القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي............................... .....27

الفقرة الأولى : اختصاصات المجلس الجماعي ........................................................28

الفقرة الثانية : اختصاصات رئيس المجلس الجماعي .................................................29

الفقرة الثالثة : مكانة المنتخب الجماعي في ظل نظام وحدة المدينة..................................30

أولا : النظام الأساسي للمنتخب الجماعي................................................................30

ثانيا : إحداث نظام خاص لإدارة المدن الكبرى.........................................................31


المبحث الثالث : محدودية اللامركزية في ظل التبعية والارتباط بالسلطة.......................... 32


المطلب الأول : تداخل الاختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية .............................33

المطلب الثاني : محدودية التقسيم الترابي وتكريس التبعية............................................35

أولا: التقسيم الترابي.........................................................................................35

ثانيا : تكريس التبعية والارتباط بالسلطة المركزية.....................................................36


الفصل الثاني : الالتقائية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.........................37


المبحث الأول : السياق العام للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ........................................38


المطلب الأول : السياق الخارجي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية......................... ..........39

الفقرة الأولى : التوجهات الدولية للتنمية البشرية.................................................. .......39

الفقرة الثانية : التنمية البشرية وتعزيز حقوق الإنسان............................................ ........42

المطلب الثاني : السياق الداخلي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.............................. .......43

الفقرة الأولى : معضلة المسالة الاجتماعية ........................................................... . ...43

الفقرة الثانية : محدودية البرامج الاجتماعية............................................................. ..46


المبحث الثاني : أسس ومرتكزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية..................................46


المطلب الأول : أسس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية....................................................47

الفقرة الأولى : مقومات المبادرة .............................................................................47

الفقرة الثانية : برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.....................................................48

أولا: البرنامج العمودي للمبادرة...............................................................................48

ثانيا : البرنامج الأفقي ..........................................................................................52

المطلب الثاني : المرتكزات الهيكلية والمالية للمبادرة......................................................54

الفقرة الأولى : أجهزة الحكامة..................................................................................54

أولا: أجهزة الحكامة المركزية..................................................................................54

ثانيا : جهاز الحكامة على المستوى الجهوي والمحلي......................................................55

ثالثا : المرصد الوطني للتنمية البشرية......................................................................57..

الفقرة الثانية : التمويل والاجراة................................................................................57


المبحث الثالث : تفعيل الالتقائية من خلال برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية....................59


المطلب الاول : اليات التفعيل والمتابعة.......................................................................59

الفقرة الاولى : اليات تفعيل المبادرة...........................................................................59

اولا : المقاربة التشاركية.......................................................................................60.

تانيا : المقاربة المندمجة.........................................................................................61

الفقرة التانية : اليات متابعة المبادرة...........................................................................63

اولا- دورالسلطات العمومية....................................................................................64

تانيا- دور المجتمع المدني......................................................................................65


المطلب الثاني : تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية والحضرية برسم سنة 2008......68

الفقرة الاولى : تفعيل الالتقائية على صعيد الجماعات القروية المستهدفة برسم 2008................70

الفقرة الثانية : تفعيل الالتقائية على صعيد الاحياء الحضرية المستهدفة برسم سنة 2008............71

خاتمة 74
قائمة المراجع
الفهرس










ليست هناك تعليقات