Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

الرقابة على الصفقات العمومية

        تنطوي وظيفة الرقابة بشكل عام على مجموعة من الخصائص والميكانيزمات التي تستطيع من خلالها ضبط وتوجيه السير العام للمرافق العمومية، فا...

      تنطوي وظيفة الرقابة بشكل عام على مجموعة من الخصائص والميكانيزمات التي تستطيع من خلالها ضبط وتوجيه السير العام للمرافق العمومية، فالصفقات العمومية ونظرا للدور الذي تلعبه في تحقيق التنمية،فإنها تحتاج إلى  رقابة  نزيهة وشفافة لجعلها أداة فعالة لحل العديد من المشاكل المرتبطة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية،فاعن طريق الصفقات العمومية يمكن الاستفادة من خيرات البلاد واستغلالها بالشكل الذي يحقق الرفاهية والازدهار لكافة المواطنين وفي مختلف المجالات سواء تعلق الأمر بالشبكة الطروقية  أو الموانئ أو المطارات أو السدود وغيرها من المنشآت الحيوية التي تستطيع الدولة من خلالها أن تسهل وتجعل عملية التنمية تتحقق بسرعة. 
فالصفقات العمومية وسيلة من وسائل الإدارة العمومية لتنفيذ سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية، كما تعتبر أسلوبا للحصول على ما تحتاجه في العديد من المجالات فكلمة صفقة تدل أساسا على تعاقد بين طرفين يهدف إلى انجاز أشغال أو توريدات أو خدمات. أما كلمة عمومية فهي تعني الدولة أو الجماعات المحلية [2] أو المؤسسات العمومية.

ولقد شكل الإصلاح الخاص بالصفقات العمومية في المغرب  والدي تضمنه المرسوم الصادر في 5 فبراير 2007،[3] فرصة جديدة لإعادة النقاش حول الظروف المحيطة بهذا الميدان وخصوصا مسار شفافية إبرام الصفقات العمومية ومدى تحقيق هذه الأخيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب والتي يمكن اعتبارها مواضيع بالغة الأهمية تصنف من القضايا الراهنة ومن مواضيع الساعة.
إن موضوع الصفقات العمومية يكتسب أهمية بالغة يتقاطع فيه ما هو مسطري إداري وما هو اقتصادي واجتماعي ومالي، فالإشكالية تكمن أساسا في مدى قدرة الصفقات العمومية على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، و من ثم فان الرقابة على الصفقات العمومية  تقيس الأداء و تصحح الانحرافات السلبية التي قد تشوب مراحل تقدم الصفقة على اعتبار أنها اتفاق يبرم بين الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الأخرى،وحرصا من الدولة على مراقبة الأموال العامة وتسريع وثيرة التنمية وممارسة سياسة المصاحبة للصفقات العمومية على غرار ما هو موجود في بعض ألأنظمة القانونية  المقارنة لجأت الدولة إلى سن مجموعة من القوانين والتشريعات بهدف تفعيل رقابة فعالة لعدة اعتبارات أهمها:[4]
– حجم الأموال التي توظف في مجال الصفقات العمومية سواء من طرف الدولة أو الجماعات المحلية، مما يجعلها مجالا ملائما للمخالفات المقصودة أو الغير المقصودة، المباشرة أو الغير المباشرة على المال العام،بالإضافة إلى  الأهمية الحيوية للقطاعات التي تنصب عليها الصفقات العمومية من توريدات وخدمات مع التشديد على قطاع الأشغال العمومية التي تهم تجهيز البلاد بالطرق، القناطر، الموانئ، السدود والمباني العمومية (إدارات، مستشفيات، مدارس، جامعات ... إلخ) وما تمثله من أهمية سوسيو اقتصادية.
هذه المعطيات تثقل كاهل الرقابة في تفادي الأخطاء وعند الاقتضاء تصحيحها وترشيد وعقلنة الصفقات العمومية،وهو أمر يرتبط ببنية الأجهزة الرقابية وأنواعها وطريقة اشتغالها.

بالعودة إلى النظام الرقابي المغربي في مجال الصفقات العمومية، فإن الانطباع الذي يمكن تسجيله من الوهلة الأولى هو خاصية التشعب والتنوع والتعقيد، فهناك تصنيفات عديدة تتفرع بدورها إلى تفريعات أخرى، سواء من حيث توقيتها (رقابة سابقة، مواكبة، لاحقة)، أو الأجهزة المتدخلة (إدارية، سياسية، قضائية)، أو نوعيتها (رقابة المشروعية، رقابة الملائمة) ... الخ، مع تسجيل التردد الذي مازال يطبع الانفتاح على أشكال رقابية حديثة أثبتت جدواها في تجارب العديد من الدول وقبلها في القطاع الخاص،
 نقصد بها التدقيق أو الافتحاص (L’audit).

من خلال هدا العرض سوف نحاول تحليل الإشكالية المركزية والمتجسدة في الآليات المعتمدة في الرقابة على الصفقات العمومية ؟
كما سوف نحاول التطرق في تحليلنا للإشكالية المركزية،تحليل بعض الإشكالات الفرعية من قبيل:
 ما هي المعوقات التي تعترض الرقابة على الصفقات العمومية و التي قد تنحرف بها عن وظيفتها الحيوية إلى وظيفة مضادة تؤثر سلبا على دور الصفقات العمومية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟
ثم إلى أي حد تؤدي الآليات المعتمدة في الرقابة إلى نتائج  ايجابية؟
للإجابة على دلك سوف نحاول تناول الموضوع من خلال التصميم التالي:
المبحث الأول: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية
المبحث الثاني:الرقابة الخارجية للصفقات العمومية


المبحث الأول: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية

إن الإدارة باعتبارها صاحبة الصفقة تمتلك في مواجهة المتعاقد معها عن طريق إبرام الصفقة حق مراقبة تنفيذ صفقاتها وذلك بقصد الوصول إلى الغايات التي من أجلها تم إبرام الصفقة ، وحيث أن الصفقة يتم تنفيذها عبر مجموعة من الشروط التي يتم الاتفاق عليها ، سواء من الناحية الفنية أو التقنية أو المالية ، فان الإدارة تمارس امتيازاتها من خلال المراقبة والتوجيه أثناء انجاز الأعمال وتنفيذ الشروط المتفق عليها.
   ـ المطلب الأول: المراقبة الإدارية على صفقات الدولة و صفقات الجماعات الترابية

إن المراقبة الإدارية  للصفقات العمومية قد تكون  موجهة من أجل  صفقات الدولة(الفرع الأول) أو الجماعات الترابية(الفرع الثاني)،على الرغم من صفقات الجماعات الترابية بدورها تدخل ضمن الأهداف التنموية العامة للدولة،إلا أن المكانة التي حظيت بها الجماعات الترابية  خاصة في دستور 2011،جعلتها فاعلا أساسيا في التنمية المحلية وتحظى باهتمام خاص.
-الفرع الأول: المراقبة الإدارية على صفقات الدولة
       تعد الرقابة الإدارية الممارسة على الصفقات العمومية من المهام التقليدية التي تمارس من داخل الإدارة نفسها ، و تتم إما من طرف أجهزة رقابية منبثقة من داخل الإدارة المبرمة للصفقة أو من داخل الجهاز التنفيذي ككل،وتلعب هذه الرقابة دورا مهما اعتبارا لقربها و لكون الإدارة أدرى بحماية مصالحها، حيث ينص مرسوم5   فبراير 2007 المتعلق بتحديد شروط و أشكال إبرام صفقات الدولة في بابه السابع المتعلق بتتبع و مراقبة تدبير الصفقات على ضرورة أن تشمل الرقابة الإدارية مختلف مراحل إنجاز الصفقة، انطلاقا من تهيئها و إعدادها مرورا بإبرامها و وصولا إلى تنفيذها.[5]
وعموما تبقى الإدارة هي صاحبة الحق في ممارسة حق الرقابة الذي يبقى مضمونا بمقتضى التشريعات القانونية الوطنية وحتى في القانون المقارن، ولعل دفتر الشروط الإدارية العامة يبقى المرجع الأساسي لحق الإدارة في ممارسة المراقبة على مختلف المتعاقدين معها خاصة في مجال الصفقات العمومية.

    الفقرة الأولى : الرقابة على تهيئ الصفقة و إعدادها
     تكتسي هذه المراقبة أهمية بالغة لكونها تواكب الأعمال التحضيرية الأولى للصفقة و يختص بها صاحب المشروع لكونه الأكثر دراية بطبيعة الصفقة و الحاجات المراد تلبيتها ، حيث يحدد المشرع مجموعة من المعطيات الضرورية الواجب الالتزام بها لتتبع و مراقبة الصفقة ، تتعلق بنشر البرامج التوقعية وواجب كتمان السر المهني و محاربة الغش .
      ـ نشر البرامج التوقعية: يلزم الفصل 87  صاحب المشروع بنشر البرنامج التوقعي للصفقات التي يعتزم تنفيذها برسم السنة المالية قبل متم 3 أشهر الأولى من كل سنة مالية و ذلك في جريدة ذات توزيع وطني و في البوابة الإلكترونية لصفقات الدولة المنصوص عليها في الفصل 76، ويهدف هذا الإجراء تكريس مبدأ الشفافية اتجاه سلطات المراقبة و المقاولات المتنافسة و كذاك اتجاه العموم.
ـ الإشراف المنتدب على المشروع: حيث تنص المادة 88 على أنه يجوز لصاحب المشروع أن يعهد بموجب اتفاقية إما إلى إدارة أو هيئة عمومية مؤهلة بتنفيذ كل أو بعض مهام الإشراف على المشروع وذلك بناء على مقرر من رئيس الحكومة بعد استشارة وزير المالية، ولا تكون الجهة المنتدبة مسؤولة اتجاه صاحب المشروع إلا عن حسن تنفيذ الاختصاصات التي أسندت إليها بموجب الاتفاقية . 
    ـ تقرير تقديم الصفقة:  تلزم المادة 90 4 صاحب المشروع بأن يعد لكل صفقة تقريرا يتضمن:
 ـ طبيعة و مدى الحاجيات المراد تلبيتها.
ـ عرضا حول الاقتصاد العام للصفقة و مبلغ تقديرها
ـ الأسباب الداعية إلى اختبار طريقة الإبرام
ـ مبرر اختيار نائل الصفقة
ـ مبرر اختيار مقاييس انتقاء الترشيحات.
    ـ واجب التحفظ و الكتمان: تلزم المادة 93 أعضاء اللجان فتح الأظرفة، و لجان القبول بالنسبة لطلب العروض بالانتقاء المسبق أو المباريات بكتمان السر المهني في كل ما يتعلق بالعناصر المتعلقة بالصفقة  التي تبلغ إلى علمهم، إضافة إلى كل موظف أو تقني أو خبير دعي للمساهمة في أعمال اللجان المذكورة. فإذا حصل إخلال بواجب كتمان السر المهني يصبح من حق السلطة المختصة تحريك المتابعة الإدارية و الجنائية أو المدنية تبعا لخطورة الفعل موضوع المتابعة.
  ـ محاربة الغش أو الرشوة: يتعين على المتدخلين في مساطر إبرام الصفقات بمقتضى المادة 94 المحافظة على الاستقلالية في معاملتهم مع المتنافسين، ومنعهم من قبول أي امتياز أو منحة من المتنافسين أو ربط علاقات معهم من شأنها المس بموضوعية المتدخلين.
    ـ الفقرة الثانية : الرقابة على إبرام الصفقات
      تكتسي هاتة المراقبة أهمية بالغة لارتباطها بمجال المنافسة و المساواة في التقدم للطلبيات العمومية، و تستهدف التحقق من مدى توفر الشفافية في اختيار صاحب المشروع عند إبرام الصفقة للعرض الأفضل و الأنسب من حيث الجودة و الضمان.
     كما تهدف إلى مراقبة طرق إبرام الصفقات العمومية، أي توفر الدعوة العمومية للمنافسة في صفقة



المباراة و التأكد من توفر الشروط المطلوبة في المتنافسين للمشاركة في طلبات العروض، ولأجل النهوض بهاته الرقابة، فإن المشرع ألزم صاحب المشروع بتتبع إجراءات إبرام الصفقات في مختلف المراحل التي يتم فيها هذا الإبرام، وهو ما يفرض حضور ممثل عن صاحب المشروع كعضو في لجنة صلب العروض و في لجنة قبول المرشحين و في لجنة المباراة .6
   ـ الفقرة الثالثة: الرقابة على تنفيذ الصفقات
    تنصب هاته الرقابة على واجبات أطراف الصفقة أي صاحب المشروع "الإدارة" و صاحب الصفقة "المقاول" ، فالإدارة تكون مسؤولة عن تصرفاتها المخلة  بالتزاماتها التعاقدية أثناء التنفيذ، حيث يتوجب عليها التنفيذ بكل ما يضمن الإنجاز التام و الجيد للصفقة، أما المقاول فيكون مسؤولا عن الأعمال التي ينجزها وفق المواصفات و الشروط المتفق عليها و في المدة المحددة لذلك دون إخلال بالالتزامات الموقعة
   و تحدد المادة 85 الجزاءات التي يتم توقيعها على المقاول الذي يخل بالتزاماته، إذ يتم إقصاؤه بصفة مؤقتة أو نهائية من المشاركة في الصفقات التي تبرمها الإدارة المعينة، كما يمكن تهديد هذا الإقصاء إلى جميع الصفقات التي تعلن عنها جميع الإدارات العمومية .
   و يمكن لصاحب المشروع إسناد مهمة تتبع و تنفيذ الصفقة إلى موظف يسمى " الشخص المكلف بتتبع تنفيذ الصفقة " إذا كانت أهمية الصفقة و تعقد موضوعها يبرران ذلك، و يجب تحديد التزامات و مهام هذا الشخص في دفتر الشروط الخاصة دون المساس بالاختصاصات المخولة للأمرين بالصرف أو الأمرين المساعدين بالصرف ،كما يجب تبليغ قرار التعيين إلى صاحب الصفقة لتسهيل مأموريته.
  و قد أشارت المادة 91 إلى تقنية مهمة بالنسبة لتتبع سير تنفيذ الصفقة و هي تقرير انتهاء الصفقة بعد انتهاء تنفيذها لكل صفقة يفوق مبلغها 1000000درهم  حيث يتولى صاحب المشروع إعداد التقرير و توجيهه إلى السلطة المختصة قصد التأكد من مطابقة الصفقة لمقتضياتها القانونية و التنظيمية و مدى التزام أطرافها إجراءاتها التطبيقية، و يتم نشر هذا التقرير في بوابة الصفقات العمومية، و تعفى إدارة الدفاع الوطني من هذا النشر .

    ـ الفرع الثاني: المراقبة الإدارية على صفقات الجماعات الترابية
     تخضع المراقبة الداخلية التلقائية التي تمارسها الجماعات الترابية  على الصفقات العمومية لنفس القواعد العامة للمراقبة على تهيئ وإبرام و تنفيذ صفقات الدولة و الواردة في مرسوم 5 فبراير 2007  .
    و يقوم بها  المجلس  الجماعي من خلال الدور الرقابي الذي أناطه به الميثاق الجماعي 1976 على جميع العمليات المالية التي تقوم بها الجماعات على مدار السنة و أكده القانون 17.08 من الميثاق الجماعي الدي صدر في 2009 ،إلا أن الجماعات الترابية تخضع لنوع أخر من المراقبة الإدارية   تتمثل في المراقبات الصادرة عن أجهزة إدارية خارجة عن الإدارة الترابية المعنية ، الغاية منها تفادي ما يمكن أن تقع الجماعات الترابية  من أخطاء أثناء إعداد أو إبرام الصفقة و تجنب إنجاز صفقات لا تلاءم السياسة العامة الاقتصادية والاجتماعية للدولة.8
   و تمارس هذه الرقابة على الصفقات المحلية من طرف وزارة الداخلية باعتبارها وزارة وصية على الجماعات من خلال اضطلاعها بعملية المصادقة على الصفقات،كما تختص وزارة المالية بالتأشيرة على الصفقات المحلية من خلال مراقبة صحة الالتزام بالنفقة.
    لقد اعترف المشرع المغربي للجماعات الترابية بالاستقلال المالي خاصة بعد اضطلاعها بدور متقدم في إعداد السياسيات التنموية المحلية ، إلا أن استقلالها يظل نسبيا تحد منه خضوعها لوصاية وزارة الداخلية التي  هدف منها المشرع السهر على تطبيق المجالس المحلية و أجهزتها التنفيذية للقوانين و الأنظمة الجاري بها العمل ، وكذا حماية الصالح العام و تأمين دعم الإدارة و مساندتها.
    و ينص المرسوم بمثابة نظام لمحاسبة الجماعات المحلية و هيأتها على أن الصفقات المحلية لا تكون صحيحة و نهائية إلا بعد أن يصادق عليها وزير الداخلية أو من يفوضه ذلك، فمراقبة سلطات الوصاية سندها القانون و غايتها حماية الصالح العام ، و تشمل رقابة المشروعية كما تشمل رقابة الملائمة.
   مراقبة الشرعية: و تشمل مراقبة احترام العمليات المتعلقة بتمرير الصفقة للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية سنة 2007، إذ تلزم الجماعات بمقتضى نظام المحاسبة العمومية صاحبة المشروع بإرسال الوثائق المتعلقة بالصفقات إلى سلطات الوصاية من أجل المصادقة عليها، حيث تقوم هذه السلطة بتفحص الملف الإداري و التقني للصفقة و التأكد من توفرهما على البيانات اللازمة و صحة المعلومات الواردة فيهما.
و قد أناط  بها المشرع اختصاصا عاما و سلطة تقديرية  تجيز لها تصحيح المخالفات و إجراء دراسات جديدة و قبول أو رفض الصفقة ، لا بحد من سلطتها إلا احترامها للآجال القانونية المقررة للمصادقة، لارتباط ذلك بحقوق المقاولات المتعاقدة و بانعكاسات ذلك على التنمية  بالجماعة.
و تملك الجهة الوصية حق سلطة رفض المصادقة على الصفقات المحلية في حالات عديدة منها:
أـ أن تكون الصفقة مشوبة بعيب عدم الشرعية:  حيث تشمل المراقبة على احترام الجماعة الترابية للتطبيق السليم للمسطرة المتبعة في إبرام الصفقة كاحترام شرط المنافسة باعتبارها قاعدة عامة تطبق على جميع المساطر.
ب ـ حالة عدم توفر الدراسات للازمة : و تكتسب هذه الرقابة على مكاتب الدراسات أهمية قصوى، لما قد يقوم به بتقديرات مالية خيالية لمختلف مراحل الصفقة بتواطؤ مع الجماعة .
ج ـ حالة عدم توفر اعتمادات مالية: إذ ترفض السلطة الوصية المصادقة على الصفقة إدا لجأت الجماعات. إلى إبرام صفقات في حالات استعجالية  استجابة منها لبعض الحاجيات الضرورية للمواطنين أو قياما منها ببعض التوريدات الضرورية ،الأمر الذي يضعها أمام عجز في الأداء للمقاول .
رقابة الملائمة: إذا كان تدخل سلطات الوصاية لمراقبة لمشروعية لا يثير أي إشكال قانوني فإن تدخلها لمراقبة ملائمة الصفقات التي تبرمها الجماعات توسع من هامش تدخلها في السياسات الداخلية و يحد من استقلال الجماعات و قدرتها على اتخاذ المبادرة في تدبيرها لشؤونها.
إلا أن تدخلها لمراقبة الملائمة تفرضه إكراهات عملية أهمها عدم توفر الجماعات -خاصة القروية منها- على العنصر البشري المؤهل للتدبير الجيد للصفقات العمومية و ملائمتها مع السياسيات العمومية للدولة ، كما أن جل الجماعات المحلية لا تتحكم في مواردها بشكل جيد .
ـ إن تدخل سلطات الوصاية لمراقبة الملائمة يطرح إشكالات كبيرة:9   
ـإذا كانت هاته المراقبة تنصب على التأكد من ملائمة المشاريع المحلية المنفذة بواسطة الصفقات العمومية مع السياسة العمومية للدولة، فإنه على مستوى تقييم الواقع العلمي لا يمكن للوزارة الوصية  بحكم بعدها المكاني ، أن تقدر المشاريع الأكثر ملائمة لتحقيق التنمية داخل جماعة معينة .
ـ إن ممثلي سلطات الوصاية من الجهات و العمالات و الأقاليم المتمثلة للتمركز الإداري هم الأقدر على القيام بمراقبة الملائمة لما يمكنه قربها من تقييم مدى تناسب المشروع المزعوم إنجازه مع حاجيات و متطلبات التنمية .
المطلب الثاني :   التدقيق الداخلي لمراحل الصفقة

    إن الصفقة تمر عبر ثلاث مراحل , فمن مرحلة الإعداد إلى مرحلة الإبرام ثم مرحلة التنفيذ , وكل مرحلة من هذه المراحل تفرض  وجود رقابة معينة من أجل ضمان إحترام المساطر والإجراءات المنظمة للصفقات العمومية من جهة و ضمان الجودة والفعالية في تدبير الصفقة من جهة أخرى , حيث أن مرحلة الإعداد لها بعد استراتيجي ومرحلة الإبرام لها بعد قانوني أما مرحلة التنفيذ فلها بعد تقني عملي , لذا وجب أن تخضع كل مرحلة للتدقيق باعتباره آلية رقابية من مميزاتها أنها تحد من إسراف المال العام كما تضمن هذه الآلية نجاح المشاريع وتحقيقها للغايات المتوخاة من إبرام الصفقة .
   إن مرحلة الإعداد و الإبرام يمثلان قاعدة الصفقة المنية في حالة احترام النصوص التشريعية و التنظيمية المنظمة للصفقات العمومية وتوجهات المخططات الوطنية لذا يسعى المدقق الداخلي إلى التركيز على كل ما هو مرتبط بهما سواء من خلال إعداد البرنامج التوقعي أو إحترام مبدأي الشفافية والمنافسة .
   وتعد مرحلة التدقيق المتعلق بإعداد الصفقة اللبنة الأساسية للمسار الرقابي الذي ستخضع له الصفقة لكونها تحدد المنطلقات و الالتزامات المتبادلة التي سيضمنها عقد الصفقة و المنسجمة مع الحاجيات و البرنامج التوقعي المعد مسبقا من طرف الإدارة بصفة خاصة أو المنسجم مع البرنامج الحكومي العام .
   وارتباطا بالمعايير الدولية للتدقيق الداخلي التي أقرتها منظمة "الإنتوساي" , يجب على المدقق قبل الشروع في عملية التدقيق البحث عن معطيات مفيدة وموثوقة مرتبطة بالصفقة إما من خلال العودة إلى معطيات الصفقات المنجزة سابقا لمعرفة الظروف العامة التي تحكم الصفقة المرتبطة بالهيئة الإدارية المنتمي إليها خصوصا إذا تعلق الأمر بصفقة من جنس الصفقة المقبل على تدقيقها , وفي حالة عدم القدرة على الوصول للمعطيات الكفيلة بتسهيل مهمته يمكن الإستعانة بالأجهزة الرقابية الأخرى كالمجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات , وتبدأ عملية التدقيق من الناحية العملية مع إعداد البرنامج التوقعي للصفقة وتقرير تقديم الصفقة الذي ينجزه المدقق من خلال عدة وثائق و دفاتر الشروط الخاصة وكل ما يرتبط بالصفقة .
   وحسب المادة 87 من مرسوم 5 فبراير 2007 فقد حصرت الصفقات العمومية التي تخضع للتدقيق وهي الصفقات التي يبلغ قدرها خمسة مليون درهم ( 5.000.000 ) وبالتالي فالبرنامج التوقعي حسب هذه المادة لن يخضع للتدقيق بمجمله, وعموما فالتدقيق الذي يخضع له إعداد الصفقة يشمل تدقيق دفتر الشروط الخاصة , وتدقيق إجراءات الدعوة إلى التعاقد.  
    وبعد القيام بالتدقيق الإستراتيجي لمرحلة الإعداد يأتي التدقيق القانوني لمرحلة الإبرام الذي ينصب على مجموعة من الوثائق المنظمة للعلاقة بين الإدارة و المتعاقد لضمان الشفافية و المنافسة , وهذه الوثائق تمثل خريطة طريق الصفقة بالنسبة للإدارة والراغب في الترشح لنيل الصفقة حتى تكون العلاقة بين الإدارة و المتعاقد واضحة لا تشوبها عيوب قانونية أو تعاقدية.  
   وتعتبر مرحلة الإبرام , مرحلة تقدم مؤشرات أولية حول اختيار أسلوب للتعاقد والمعاينة العملية لاحترام مبدأي الشفافية و المنافسة , ويرتكز عمل المدقق خلال هذه المرحلة على عمل لجنة فتح الأظرفة بعد قيامها بافتحاص جميع الملفات الإدارية والتقنية و التكميلية عند الاقتضاء و آجال إيداعها, طالما أن الآجال من النظام العام و يعتمد المدقق الداخلي على التدقيق الاجتماعي و القانوني لاستجلاء مدى احترام اللجنة لشروط الآجال القانونية وتدقيق تركيبة أعضائها.

المبحث الثاني:الرقابة الخارجية للصفقات العمومية

تكتسي الرقابة الخارجية على الصفقات العمومية أهمية كبيرة،وتستمد هذه الرقابة تبريرها من ضرورة حماية الأموال العمومية،سواء تعلق الأمر بالرقابة السياسية أو القضائية(المطلب الأول)،أو الرقابة  التي تمارسها وزارة المالية ولجنة الصفقات(المطلب الثاني)
المطلب الأول:الرقابة القضائية والسياسية على الصفقات العمومية

تلعب الرقابة القضائية(الفرع الأول)،و التي يمارسها المجلس الأعلى للحسابات باعتباره اعلي هيئة رقابية كما نص على دلك دستور 2011،دورا حاسما في المتابعة والتدقيق فيما يخص الصفقات العمومية.[6] إلى جانب الرقابة السياسية التي يمارسها البرلمان،وقد منح دستور 2011 صلاحيات موسعة للمعارضة عندما ركز على المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق.

الفرع  ألأول:الرقابة القضائية
تم الارتقاء بالمجلس الأعلى للحسابات إلى مصاف مؤسسة دستورية،ودلك عقب التعديل الدستوري 13 شتنبر 1996 من أجل جعل المجلس الأعلى للحسابات يلعب دوره كاملا كمؤسسة عليا للرقابة،كما خصص التعديل الدستوري الجديد الباب العاشر للمجلس ألأعلى للحسابات باعتباره الهيأة العليا  للرقابة على المال العام وبصفته هيأة قضائية، مما يجعله عمليا في قلب  دائرة القضاء، ويجعل أمر  حماية المال العام من اختصاصه،ويكتسي عمل المجلس الأعلى للحسابات فيما يتعلق بمالية الدولة،والمجالس الجهوية للحسابات بخصوص المالية المحلية، أهمية كبيرة في ممارسة الرقابة القضائية  على تنفيد الصفقات العمومية ،ونص الدستور المغربي الجديد في الفصل 147 على أن المجلس ألأعلى للحسابات هو الهيأة العليا للمراقبة المالية بالمملكة.[7] وتتجسد  اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات أساسا في  مراقبة حسابات مرافق الدولة وكذا حسابات المؤسسات العمومية والمقاولات التي تملك الدولة أو المؤسسات العمومية رأسمالها كليا أو بصفة مشتركة بين الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، إذا كانت هذه الأجهزة تتوفر على محاسب عمومي.
كما يلزم المحاسبون العموميون للأجهزة العمومية بأن يقدموا سنويا إلى المجلس، الحسابات أو البيانات المحاسبية وفق الكيفيات المقررة في النصوص الجاري بها العمل. وعلاوة على اختصاصه في مجال تصفية الحسابات والبت فيها، يمارس المجلس الأعلى للحسابات وظيفة قضائية اتجاه كل شخص يتدخل دون أن تكون له صفة محاسب عمومي، في تدبير الأموال العامة سواء عن طريق التحايل على القانون أو عن جهل، فيصبح بالتالي محاسبا بحكم الواقع.
كما يمارس وظيفة قضائية في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية اتجاه كل شخص أو موظف أو عون أحد الأجهزة العمومية الخاضعة لرقابة المجلس، يقترف إحدى المخالفات المنصوص عليها في مدونة المحاكم المالية وذلك في حدود دائرة اختصاص كل واحد منهم. ويتعرض المعنيون بالأمر للعقوبات المقررة لتلك المخالفات.
ويعمل أيضا  على مراقبة تسيير المرافق والأجهزة العمومية التي تندرج ضمن دائرة اختصاصاته لتقييم جودته ويقدم، إن اقتضى الأمر ذلك، اقتراحات حول الوسائل الجديرة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته. وتهم المراقبة كافة مظاهر التدبير.
ويمكن للمجلس القيام بمهام تقييم المشاريع العمومية بغية التأكد من المنجزات المحققة، وبلوغ الأهداف المسطرة لكل مشروع، بالنظر إلى الوسائل المرصودة له.1
وتقوم المجالس الجهوية والمجلس ألأعلى للحسابات بانجاز تقارير دقيقة ومفصلة عن السير العام لكل المؤسسات والهيئات التي تستفيد من مالية الدولة ومن خلالها على الصفقات العمومية،وتحرص على تقديم توجهاتها إلى الإدارات و المؤسسات والمقاولات العمومية وباقي الهيئات فيما يخص الاختلالات  التي يمكن تعرفها عملية تنفيذ الصفقات العمومية تعرفها،لكن وعلى الرغم من المجهودات المبذولة  في هدا الصدد إلا أن المجلس الاعلى والمجالس الجهوية للحسابات تلقت انتقادات كثيرة بخصوص متابعة المسؤولين عن التجاوزات التي حدث في عملية تنيفد أو تفويت الصفقات العمومية لجهة دون اخرى.

الفرع الثاني:الرقابة السياسة

يقوم البرلمان بممارسة الرقابة السياسية على الصفقات العمومية،باعتباره ممثلة للأمة ويمثل السلطة التشريعية،ويمكن تقسيم هده الرقابة الى:

1-الرقابة أثناء المصادقة على القانون المالي : يملك البرلمان بمقتضى دستور 2011 صلاحية اعتماد القانون المالي الذي يخصص بعض الاعتمادات لإنجاز بعض الصفقات العمومية ،فقد نص الفصل 75 على أن  البرلمان هو المخول له إقرار أمر   إصدار  قانون المالية ،مع وجود قيود لا يحق بموجبها للبرلمان  اقتراح تخفيض الموارد العمومية أو إحداث نفقات جديدة أو الزيادة فيها. [8]

2- الرقابة عن طريق اللجان البرلمانية : تعد اللجان  البرلمانية الأداة الرئيسية لتمكين البرلمان  من الاطلاع على سياسة الحكومة ومناقشتها قبل تحديد الموقف السياسي منها في الجلسة العامة ، كما يعد هذا النوع من الرقابة أهم وسيلة للاطلاع على حيثيات الصفقة،و يمكن أن تجسد الرقابة الفعالة نظرا لطابع التخصص الذي يكتسيه عمل هذه اللجان ونظرا لما لها من حق البحث و التقصي.
3- الرقابة عن طريق الأسئلة الشفوية و الكتابية : تمكن هذه الأسئلة من الاطلاع على أنشطة الحكومة وأيضا في الجانب المتعلق بإحداث وتنفيذ الصفقات العمومية الخاضعة لوصاية العديد من الوزارات ،على الرغم من  أهميتها إلا أنها لا تمكن من الاطلاع على مختلف الأحوال المالية  للصفقات العمومية.
4- الرقابة من خلال مناقشة الحساب الختامي : تتولى الحكومة إيداع الحساب الختامي لدى مجلس النواب في السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ الميزانية على أبعد تقدير، مشفوعا بتقرير المجلس الأعلى للحسابات، حيث يصادق مجلس النواب على الحساب الختامي بقانون يسمى قانون التصفية وهو بيان متضمن لحساب النفقات المصروفة فعلا والواردات المستخلصة فعلا أثناء سنة مالية منصرمة ، الا أن هذه الرقابة تفتقد لأية فعالية بفعل تجميدها من طرف الحكومة




المطلب الثاني:مراقبة وزارة المالية ولجنة الصفقات
هذا النوع الثاني من المراقبة يمكن دراسته من خلال المراقبة التي تقوم بها وزارة المالية وتلك الموكولة إلى لجنة الصفقات.

الفرع الأول:مراقبة وزارة المالية
هذه المراقبة تبدأ في مرحلة قيام العقد الخاص بالصفقة وتنتهي بتصفية الحساب تتعلق الأولى بحضور ممثل وزارة المالية في لجنة اختيار المتعاقد والثانية عند وضع التأشيرة من أجل تسديد الحساب.
فبخصوص المراقبة الأولى وطبقا لمقتضيات المادة 34 من مرسوم 5  فبراير 2007 فإن حصور ممثل عن الخزينة العامة واجب ضمن لجنة طلب العروض، حيث لابد من احترام المقتضيات القانونية والاعتمادات المتضمنة بميزانية الإدارة المعنية، والتأكد من أن المنافسة تجري في ظروف حسنة. أضف إلى ذلك أنه بالنسبة للصفقات التي تعادل أو يفوق مبلغها 30000000 درهم، فإنه يتم استدعاء ممثل عن الوزارة المكلفة بالمالية.[9]
أما فيما يخص المراقبة الثانية فإنه يمارسها المراقب المالي في مجال الصفقا العمومية من خلال تأكده أن الإدارة المعنية قد احترمت مسطرة إبرام العقد والمدد القانونية التي تفرضها مسطرة التعاقد. كما يتأكد قبل وضع تأشيرته من صحة الاسم العائلي والشخصي للمتعاقد إذا كان شخصا طبيعيا والاسم التجاري والمقر الاجتماعي وممثله إذا كان شخصا معنويا. كما يراقب محل الصفقة وما إذا كانت مطابقة لما جاء في الإعلان عنها، ويتأكد من صحة الوثائق المرفقة حتى يتجنب أي نزاع يمكن أن يحصل لاحقا. وأثناء تسديد الأقساط يتأكد المراقب المالي من كون النفقات قد صرفت من اعتماد متوفر، وأن نوعها مطابق لباب الميزانية المقترح اقتطاعها منه، وأنها مقدرة بكيفية صحيحة وكونها مشروعة بالنسبة للقوانين والأنظمة. ويتحقق المراقب المالي أيضا من كون الالتزام المقترح يتعلق حقيقة بمجموع النفقة التي تلتزم الإدارة باقتطاعها طيلة السنة.[10]
إن عمل المراقب المالي يعتبر جوهريا في الحفاظ على المال العام من التسيب. إلا أن المدة التي خولها القانون لهذا الأخير (خمسة عشر يوما) للإدلاء بملاحظاته حول مشاريع الصفقات تعتبر غير كافية نظرا لكثرة الملفات والمهام المنوطة به، وإذا ما مضى هذا الأجل ولم يضع تأشيرته فيتعبر ذلك وكانه موافقة ضمنية.[11]
وفي الأخير تجدر الملاحظة أن مصلحة مراقبة الالتزامات بالنفقات تتميز بضعف في بنيتها الإدارية، حيث لا تتوفر إلا على موظفين صغار وكتبة هم الذين يتكلفون بفحص الملفات، وينحصر دور المراقب المالي في وضع التأشيرة. وكون هذه المصلحة ليست مختصة فقط بمراقبة الصفقات بل تشمل مراقبتها جميع النفقات مهما كان نوعها وأحسانا تتكلف مصلحة واحدة بممارسة المراقبة على إدارات متعددة. مما يجعل الملفات كثيرة ومتكدسة تصعب معها أية رقابة جدية. الأمر الذي يجعل مراقبة الالتزامات بالنفقات غير ذات جدوى إلى حد كبير.[12]
الفرع الثاني:مراقبة لجنة الصفقات
دائما وفي إطار المراقبة الإدارية من خارج الهيئة العمومية المعنية بالصفقة نجد مراقبة تهتم أساسا بالصفقات المهمة وتمارس من طرف لجنة الصفقات التي تم احداثها منذ سنة 1936 بمقتضى قرار مقيمي. لكن دورها كان دائما يعرف نوعا من الفتور وذلك رغم إعادة تنظيمها بمقتضى مرسوم صدر بتاريخ 27 يونيو 1957. ولقد أعيد تنظيم هذه اللجنة بعد إصدار مرسوم ثان بتاريخ 30 دجنبر 1975 الذي إعاد النظر في تكوينها واختصاصاتها.
1-   تكوينها :
تتكون اللجنة من 12 عضوا لهم صوت تقريري وفي حالة الضرورة ينضاف إليها أعضاء أخرين يمكن أن يكونوا خبراء أو تقنين أو موظفين حسب ما تتطلبه الاجتماعيات والحاجة، لكن يكون لهم دور استشاري فقط.
والأعضاء الرسميون يتشكلون من الرئيس ونائبه واللذان يعينان من طرف الوزير الأول، وممثلين للوزارات التالية : التخطيط، التجهيز، السكنى، الفلاحة، التجارة والصناعة، وكذا الخازن العام والمراقب العام للالتزامات بالنفقات ورئيس مصلحة التشريع بالأمانة العامة للحكومة أو من يمثلهم. كما تتوفر اللجنة على كتابة دائمة ذات اختصاصات محددة ويسيرها موظف تعيينه من طرف الأمين العام للحكومة ويعمل تحت سلطة الرئيس.
2-   الاختصاصات :
هي نوعان : اختصاصات تتعلق باللجنة ذاتها واختصاصات تقوم بها الكتابة الدائمة.
فاختصاصات اللجنة يمكن إجمالها في حل النزاعات المتعلقة بمسطرة إبرام الصفقات، حيث لفض الخلافات التي تقوم أساسا بين مصالح مراقبة الالتزامات بالنفقات والهيئات العمومية، ولا سيما بخصوص تفسير بعض المقتضيات القانونية. كما أنها مدعوة للعمل على تطوير مشاريع النصوص القانونية المتعلقة بالصفقات وحل المشاكل العلقة بها. كما تقوم بتقديم اقتراحات للمساهمة في حسن سير مصالح الصفقات والبرامج الهادفة إلى تكوين الموظفين العاملين بها، وتعتبر مداولاتها سليمة وصحيحة بحضور ثلثي أعضائها.
أما الاختصاصات الموكولة إلى الكتابة الدائمة، فتتجلى أساسا في إحصاء الصفقات العمومية، حيث تتوصل الكتابة بجدادات تقوم بتعبئتها جميع الإدارات المعنية. هذه العملية تمكن من تتبع التطورات الحاصلة في هذا المجال وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، كما تمكن من معرفة أنواع الصفقات المبرمة وطرقها ومبالغها، ومقارنة الأثمان ومعرفة المقاولات المتعاقدة في كل قطاع على حدة. مما يسهل القيام بدراسة عامة وشاملة وإعطاء معلومات دقيقة لكل المهتمين من إدارات ودراسين ومهنيين. إلا أنه من الملاحظ رغم الإصلاح الذي أدخله مرسوم 1975 على لجنة الصفقات لا يزال مردود هذه المؤسسة قليل الفعالية كما وكيفا بسبب ضعف إمكانياتها المادية والبشرية، فهي لا تستطيع جمع المعلومات الضرورية وتحليلها ومعالجتها وتوزيعها.
ويعزى هذا النقص في أداء المهام من جهة إلى كون أعضاء اللجنة غالبا ما يكون حضورهم صوريا دون مشاركة فعالة في الاجتماعيات التي تعقد مرة كل اسبوع ونظرا لعدم توفرهم على التخصص اللازم. ومن جهة أخرى لكون لجنة الصفقات لا تتوفر على الوسائل المادية والبشرية الضرورية وكذا على ميزانية مستقلة، إذ تبقى اعتماداتها جزء من ميزانية الأمانة العامة للحكومة.
كما يلاحظ كذلك على المستوى الإعلامي أن هذه اللجنة لا تقوم بالأدوار المنتظرة منها. فهي لم تسهم في تنظيم ملتقيات وموائد مستديرة منذ صدور المرسوم الجديد (30 دجنبر 1998) تسمح لجميع الفعاليات المهتمة بمجال الصفقات سواء من داخل الإدارة أو من خارجها بإغناء النقاشات في الميدان.
لدى نرى من اللازم إعادة النظر في ظروف عمل هذه اللجنة وذلك بإعادة بناء هيكلها التنظيمي وتوسيع مجال تدخلها وجعلها قادرة على استيعاب مختلف القضايا والمشاكل المطروحة عليها، ولا يتم ذلك إلا يتزويدها بامكانيات ووسائل بشرية ومالية تمكنها من تسهيل عملها.[13]
وقد حققت لجنة الصفقات، رغم ضعف الامكانيات المتوفرة لديها بعض الإنجازات كخلية للدراسات والبحث، حيث عملت على إدخال بعض التعديلات الخاصة بمراقبة الالتزمات بالنفقات والقانون المنظم للصفقات العمومية (1976 1998)، كما قامت اللجنة بمراجعة وتحسين دفتر الشروط الإدارية العامة للأشغال وإنجاز دفتر الشروط الإدارية العامة للتوريدات.[14]
وعلى عكس لجنة الصفقات المغربية، فإن اللجنة المركزية للصفقات بفرنسا تتمتع باختصاصات واسعة في مراقبة الشراءات العمومية، فهي لجنة مشتركة بين الوزارات تابعة لوزارة المالية والاقتصاد وتنبثق عنها خمسة لجن، كل واحدة متخصصة في ميدان معين :
v   لجنة صفقات الأشغال العمومية
v   لجنة صناعة الطائرات والأسلحة
v   لجنة الاتصالات والصناعة الإلكترونية
v   لجنة المعلوميات
v   لجنة التموينات العامة
ولا تهتم اللجنة المركزية للصفقات بفرنسا إلا بالصفقات الخاصة بالمشاريع الكبرى حيث قامت سنة 1993 بمراقبة 3179 صفقة بمبلغ 81 مليار فرنك فرنسي. وإن كانت هذه الأرقام لا تشكل سوى 5% من مجموع عدد الصفقات العمومية لكنها تمثل 70% من مبلغها الاجمالي.كما تقوم اللجنة بإحصاء الصفقات العمومية كل سنة وتحليلها وترتيبها حسب طرق الإبرام وطبيعة الموارد والأشغال الخاصة بها، قصد دراسة المشاكل التي تطرحها وبالتالي تحسين تدبيرها. كما ساهمت اللجنة سنة 1993 في تكوين العاملين بمصالح الشراءات العمومية (30 ألف يوم) وذلك بتنظيم ندوات ودورات تكوينية.
إلى جانب اللجنة المركزية للصفقات بفرنسا يتواجد جهاز آخر لا يقل أهمية عنها مختص في تسوية المنازعات التي يمكن أن تنشأ بين الإدارات العمومية والمتعاقدين معها. يظم عناصر متنوعة تنتمي إلى محكمة الحسابات ومجلس الدولة وموظفين إداريين كبار، إلا أن قراراته غير ملزمة لأطراف النزاع رغم أن الحلول التي يعطيها هذا الجهاز قد تكون من الأهمية بمكان نظرا لتكوينه المتميز.
أما في المغرب، فإن المتعاقد مع الإدارة على إثر صفقة عمومية وفي حالة نزاع مع هذه الأخيرة لا يجد أمامه، إذا ما أراد حلا توافقيا، إلا أن يلجأ إلى تقديم تظلم إداري والذي ينبغي أن يتم عبر مرحلتين.
ففي المرحلة الأولى يقوم المتعاقد بتقديم تظلمه أمام صاحب المشروع خصوصا إذ تعلق الأمر بنزاع حلول المواد المستعملة أو جودة التوريدات أو أي عيب في الإنجاز. حيث يتقدم بملاحظاته داخل أجل خمسة أيام، وفي المقابل يملك صاحب الشمروع أجلا للرد، تصل مدته إلى شهرين من يوم توصله بالتظلم[15] وإذا لم يتم انصافه فعلى المتعاقد في المرحلة الثانية أن يتقدم إلى الوزير المعني بالأمر بمذكرة تتضمن احتجاجاته ومطالبه، بواسطة رسالة مضمونة مع الاشعار بالاستلام داخل أجل الثلاثة أشهر الموالية[16]. وإذا لم يتوصل بأي جواب في الموضوع داخل مدة ثلاثة أشهر أخرى فإن ذلك يعتبر رفضا ضمنيا ولا يبقى أمامه إلا القضاء للمطالبة بحقوقه.
إضافة إلى ما سبق ذكره وفي إطار المراقبة الإدارية، فقد نص المشرع في الباب السابع من المرسوم الجديد (5 فبراير 2007) على تجليات المراقبة الداخلية التي تمارسها مختلف الأجهزة الإدارية وتتعلق أساسا :
Ø    بنشر البرامج التوقعية حيث يتعين على الآمرين بالصرف القيام بذلك خلال الثلاثة أشهر الأولى من كل سنة على سبيل الإعلام في جريدة وطنية واحدة وفي بوابة صفقات الدولة.
Ø    الإشراف المنتدب على المشروع والذي تقوم به إما إدارة عمومية أو هيئة عمومية بناء مقرر للوزير الأول بعد استشارة الوزير المكلف بالمالية.
Ø    تقرير تقديم الصفقة والذي يبين طبيعة ومدى الحاجيات المراد تلبيتها والأسباب الداعية إلى اختيار مسطرة إبرام الصفقة، ومبررات اختيار مقاييس انتقاء التشريحات وتقييم العروض، ومبرر اختيار نائل الصفقة. مع عرض حول الاقتصاد العام للصفقة وكذا مبلغ تقديرها. أما فيما يتعلق بالصفقات التفاوضية فيبين مبررات الأثمان المقترحة.
Ø    تقرير انتهاء الصفقة والذي يهم الصفقات التي يتجاوز مبلغها مليون درهم.
Ø    الشخص المكلف بتتبع تنفيذ الصفقة.
Ø    المراقبة والتدقيق الداخليين حيث تكون إجبارية بالنسبة للصفقات التي يتجاوز مبلغها 5000000 درهم.
كل هذه الإجراءات تعتبر بحق تكريسا وتجسيدا للرقابة الذاتية القبلية والآتية والبعدية.[17]











المقدمة
المبحث ألأول:الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية
المطلب الأول:الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية
المطلب الثاني:التدقيق المالي على الصفقات العمومية
المبحث الثاني:الرقابة الخارجية على الصفقات العمومية
المطلب الأول:الرقابة القضائية والسياسية على الصفقات العمومية
الفرع الأول:الرقابة القضائية
الفرع الثاني:الرقابة السياسية
المطلب الثاني:مراقبة وزارة المالية ولجنة الصفقات





[1] - ذ. عبد الله حداد، "صفقات الأشغال العمومية ودورها في التنمية، الطبعة الثالثة نونبر 2004 منشورات عكاظ
[2] -- نعني بالجماعات المحلية هنا : كل من الجهة الفعالةة أو إقليم الجماعة.
[3] مرسوم رقم 2.06.388 صادر في 16 من محرم 1428 (5 فبراير 2007) بتحديد شروط وأشكال صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة

[4] -توفيق السعيد،محاضرات في مادة الصفقات العمومية
[5] د. توفيق السعيد، الصفقات العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية – النظام القانوني الجديد، طبعة 2003 
[6] دستور 2011،الفصل 147
[7] -دستور سنة 1996،ودستور 2011
[8] دستور 2011،الفصل 75
[9] - المادة 34 من مرسوم 5 فبراير 2007.

[10] - الفصل 11 من المرسوم 30/12/1975 المشار إليه آنفا والمتعلق بمراقبة الالتزمات بالنفقات.
[11] - الفصل 12 من مرسوم 30/12/1975 السالف الذكر.
[12] - عبد الله حداد مرجع سابق ص 206.

[14] توفيق السعيد مرجع سابق ص 312.
[15] - المادة 71 من دفتر الشروط الإدارية العامة المغربي.
[16] - المادة 72 من نفس دفتر.
[17] المواد 87 و 88 و 89 و 90 و 91 و 92 و 93 من مرسوم 5 فبراير 2007.

ليست هناك تعليقات