Page Nav

الهيدر

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

الصفقات العمومية وامتيازات التعديل

  الصفقات العمومية وامتيازات التعديل مقدمة: يمكن تعريف الصفقات العمومية بأنها عبارة عن اتفاق يبرم بين الدولة أو أحد الأشخاص ا...



 الصفقات العمومية وامتيازات التعديل

مقدمة:
يمكن تعريف الصفقات العمومية بأنها عبارة عن اتفاق يبرم بين الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية الأخرى.[1] و بين المقاولات بهدف تنفيذ أحد الأشغال العامة أو الخدمات أو الأدوات ، و بهذا تلجأ الدولة إلى إبرام الصفقات كأسلوب فعال من أساليب تسيير أنشطتها و تنفيذ برامجها بعقود مكتوبة بين طرفين ( الدولة و المقاولة) ترتكز على عناصر أساسية هي دفاتر التحملات حددها نظام الصفقات[2] في فصله 10 في ثلاث ، و هي دفتر الشروط الإدارية العامة ، دفتر المقتضيات الخاصة، دفتر المقتضيات المشتركة و بهذا الخصوص ، يترتب على اعتبار عقد الصفقة عقدا إداريا انفراد الإدارة بوضع معظم شروط العقد, و إذا كان مبدئيا يتوفر المقاول على سلطات واسعة لقبول أو رفض هذه الشروط فإنه ليس بوسعه  إلغاؤها أو تعديلها سواء كان هذا التعديل جزئيا أو كليا ، لذلك كان للعقد الإداري نظام يختلف عن النظام القانوني الذي يخضع له العقد المدني ، ففي الأول

 أي العقد الإداري تنفرد الإدارة بوضع معظم شرط العقد مقدما ، بينما يقتصر  دور المتعاقد على قبولها أو رفضها ، و تنفرد بتعديل شروط العقد وقت  تنفيذه كما تستقل بتوقيع الجزاءات على المقاول دون  اللجوء إلى القضاء.
إذن أين يتجلى  مظاهر سلطات الإدارة ؟ و هل لهذه السلطات الممنوحة للإدارة حدود ؟ للإحاطة بهذه الإشكالية ، و لو جزئيا سوف نحاول معالجة موضوع " السلطات المخولة للإدارة" في ثلاثة مباحث ، نخصص في الأول امتيازات الإدارة في مراقبة  و توجيه الصفقة ، بينما سنتطرق في المبحث الثاني لامتيازات الإدارة في  تعديل العقد على أن نسلط الضوء في المبحث الثالث ، حول سلطات الإدارة في توقيع الجزاء على المتعاقد.





المبحث الأول : امتيازات الإدارة في مراقبة وتوجيه الصفقة.
إن الإدارة باعتبارها صاحبة الصفقة تمتلك في مواجهة المتعاقد معها عن طريق إبرام الصفقة حق مراقبة تنفيذ صفقاتها وذلك بقصد الوصول إلى الغايات التي من أجلها تم إبرام الصفقة ، وحيث أن الصفقة يتم تنفيذها عبر مجموعة من الشروط التي يتم الاتفاق عليها ، سواء من الناحية الفنية أو التقنية أو المالية ، فان الإدارة تمارس امتيازاتها من خلال المراقبة والتوجيه أثناء انجاز الأعمال وتنفيذ الشروط المتفق عليها.
المطلب الأول : حق المراقبة .
حق المراقبة هي آلية من الآليات التي تستخدمها الإدارة للتأكد من مدى مطابقة الأعمال التنفيذية التي يقوم بها المتعاقد مع الإدارة أثناء تنفيذ بنود الصفقة.
ومن خلال هذه الآلية تتمكن الإدارة من مراقبة مدى تنفيذ المقاول للشروط المتفق عليها ، وهنا تكون الإدارة في موقع المشرف على تنفيذ الشروط المسطرة في الصفقة ، ومن موقع الإدارة هذا تكون الأشغال يتم تنفيذها تحت إشراف الإدارة .
والمراقبة عادة ما يكون موضعها أوضاع تنفيذ الصفقة وتتبع الأشغال خاصة من الناحية الفنية والتقنية ، وهي بذلك يمكنها التدخل متى استدعت الضرورة ذلك ، فقد تتدخل الإدارة في إطار المراقبة في انجاز الأشغال وذلك من خلال مراقبة المواد المستعملة وكذا التقنية المستخدمة لتنفيذ شروط العقد وانجاز الأعمال ، كما يمكن للإدارة أن تتدخل من حيث مراقبة المواد الموردة في عقود التوريد وذلك عندما تتعاقد مع مختصين ليتثبتوا ويتأكدوا من مدى ملائمة ومطابقة المواد للمواصفات المتفق عليها في بنود الصفقة.
وعموما تبقى الإدارة هي صاحبة الحق في ممارسة حق الرقابة الذي يبقى مضمونا بمقتضى التشريعات القانونية الوطنية وحتى في القانون المقارن، ولعل دفتر الشروط الإدارية العامة يبقى المرجع الأساسي لحق الإدارة في ممارسة المراقبة على مختلف المتعاقدين معها خاصة في مجال الصفقات العمومية.
ويشمل حق المراقبة بالإضافة إلى  الأشغال والأعمال المزمع انجازها ، كذلك المستخدمين والفنيين ومكان العمل والمواد المستعملة وكذا العتاد والآليات المستخدمة لإنجاز وتنفيذ الصفقة.
فمن حيث المراقبة التي تمارسها الإدارة على المستخدمين[3]، يكون موضوعها عادة مدى احترام المقاول للمقتضيات القانونية المرتبطة بحقوق المستخدمين لضمان الحد الأدنى من هذه الحقوق وخاصة فيما يتعلق بالأجر طيقا لقانون الشغل، وكذا قد تطال المراقبة أيضا نوعية المستخدمين من حيث الخبرة والتخصص في انجاز بعض الأشغال التي تتطلب وجود أشخاص لهم دراية وخبرة معنية تتطلبها طبيعة الأعمال موضوع الصفقة.
أما من حيث مراقبة أماكن العمل فإن الإدارة تتدخل لمراقبة مدى ملائمة ظروف العمل مع المقتضيات القانونية والنصوص التشريعية المعمول بها، كما لها أن تراقب أيضا نوعية العتاد من آليات وتقنية التي تستخدم للقيام بانجاز الأعمال المتفق عليها، والتي يجب أن تكون مطابقة للمواصفات والمعايير الوطنية والدولية.
والإدارة وهي تمارس حق المراقبة تتدخل عبر العديد من الطرق سواء عبر إعطاء التوجيهات الشفهية أو إصدار أوامر مصلحيه مكتوبة ومؤرخة ومرقمة ومسجلة يكون الهدف منها تحسين تنفيذ الأشغال حتى يمكن تحقيق المصلحة العامة والتنمية المنشودة.
وعندما تمارس الإدارة حقها في المراقبة يكون المقاول في موقع التنفيذ وهو ملزم بالامتثال للأوامر التي تصدرها الإدارة وإلا يكون معرضا للجزاءات القانونية المنصوص عليها .
لكن  ممارسة حق المراقبة لها حدود ، ويجب أن تبقى محترمة للبنود المتفق عليها وان لا تتجاوزها، حيث انه إذا ما لاحظ المقاول أن الأوامر والتعليمات الصادرة إليه تتعدى التزاماته القانونية أباح له القانون أن يحتج عليها عبر الطرق القانونية كتابة شرط أن يبرر ويعلل ذلك في طلب مكتوب موجه إلى الإدارة صاحبة الصفقة، داخل أجل 15 يوما ، لكن احتجاج المقاول لا يوقف الأمر المصلحي، حتى لا يقع المساس بمصالح الإدارة وشل حركتها[4].


المطلب الثاني : حق التوجيه .
الإدارة وهي تساهم في التنمية تعمل على انجاز العديد من الأشغال من خلال إبرام صفقات مع مقاولين مختصين  في مجالات مختلفة ، وأثناء تنفيذ بنود القفة يمكن للإدارة أن تتدخل من خلال حق التوجيه .
وبناء على هذا الحق يمكن للإدارة أن تجبر المقاول أو المورد على احترام مختلف الشروط المنصوص عليها في بنود الصفقة، وبمقتضى ذلك قد ترى الإدارة أن الأشغال لا تسير وفق ما هو مسطر في العقد ، عندئذ تتدخل لتطلب من المقاول إدخال تغييرات أو تعديلات على الأشغال التي ترى أنها معيبة، أو أن المقاول قام بتغيير أو تعديلا مكن تلقاء نفسه وبصيغة أخرى لم يحترم القواعد المنصوص عليها قانونا في صفقات الأشغال ، فيكون تدخل الإدارة من خلال المطالبة بهدم وإعادة البناء ، وذلك على حساب المقاول الذي أخل بالالتزامات الملقاة على عاتقه.
ويمكن للإدارة أن تأمر المقاول بتوقيف أو تأجيل الأشغال لمدة معينة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك.
لكن بالمقابل يجب أن لا تتجاوز مدة التوقيف سنة إذاك من حق المقاول أن يطالب بفسخ العقد وكذا التعويض في حالة ما إذا لحقه ضرر في طلب كتابي يقدم إلى الإدارة في أجل أقصاه 40 يوما من تاريخ توصله بقرار التأجيل. 
وتعتبر الأوامر المصلحية الآلية التي تعتمدها الإدارة في ممارسة حق المراقبة والتوجيه ، وتصدر عن الإدارة صاحبة الصفقة من خلال الأجهزة المكلفة بالمشروع أو المعنية بمراقبة الأشغال، وهذه الأوامر تبقى ملزمة للمقاول بصفته يرتبط بعقد إداري تبقى من مميزاتها أنها تحمل شروط تعطي للإدارة امتيازات في مواجهة المتعاقد معها[5]، وهذا يعني انعدام التكافؤ بين طرفي العقد أو الصفقة.
ومهما يكن من أمر فإن ممارسة الإدارة لسلطاتها في حق المراقبة والتوجيه والذي تمارسه حتى ولو لم يتم التنصيص عليه صراحة في العقد لكون طبيعة العقود الإدارية تخول ترجيح حق الإدارة في ممارسة الرقابة والتوجيه، محكومة بضمانات قانونية يمكن إجمالها في كون ممارسة هذا ينبغي أن لا تكون الغاية منه تحقيق غايات وأهداف أخرى غير تلك التي من أجلها تم إبرام العقد أو الصفقة، كما أن ممارسة حق الرقابة يجب أن تبقى محدودة في الإطار العام الذي تتمحور حوله الصفقة ودون التأثير على موضوعها والتعديل فيه، هذا بالإضافة إلى انه من حق التعاقد مع الإدارة أن يطلب من الإدارة احترام الالتزامات القانونية ومختلف المقتضيات التشريعية والقرارات الجاري بها العمل.
المبحث الثاني : امتيازات الإدارة في تعديل الصفقة.
إن الإدارة وهي تقوم بالسهر على المصالح العامة للمواطنين فإنها تتمتع بسلطات واسعة اتجاه المقاول في ممارسة حق المراقبة والتوجيه ، فان هذه السلطات تمتد إلى إمكانية ممارسة حقوق أخرى ومنها حق تعديل شروط العقد بإرادتها المنفردة، ولكن بالمقابل فان مختلف حالات التعديل تبقى لها حدود يجب أن لا تتجاوزها.
المطلب الأول : حالات التعديل.
تتدخل الإدارة بإرادتها المنفردة من أجل تعديل شروط الصفقات العامة التي تبرمها الإدارة مع المقاول لكون هذا الأخير يبقى خاضعا لعقود إدارية من بين خصائصها أنها عقود إذعان.
والتعديلات قد تنصب على مكون واحد من مكونات الصفقة كما يمكن أن ينصب عدة مكونات ، ابتداء من حجم الأشغال وبلوغا إلى طرق تنفيذها.
1-  التعديل في حجم الأشغال.
قد تتدخل الإدارة بإرادتها المنفردة من خلال تعديل بعض الأرقام المتعلقة بحجم الأشغال المزمع انجازها إما بالزيادة أو النقصان ، وهذه الإمكانية  قد نص عليها دفتر الشروط الإدارية العامة، ويقتصر دور الإدارة على تغيير حجم الأشغال المطلوبة من المقاول  ما دام هذا الخير ليس له الحق في الاعتراض على التغييرات المطلوبة لتحقيق المصلحة العامة التي تبقى الغاية الأسمى من إبرام الصفقات العمومية، إذا ما رأت الإدارة أن الشروط المتعاقد عليها غير كافية ولا تفي بالغرض المنشود.
كما تجدر الإشارة على أن التعديل يجب أن ينصب على كمية الأشغال وليس على نوعها، حيث أن التعديلات لا يجب أن تمس جوهر العقد فيتم تغيير محل التعاقد، حيث أن التعديل لا يجب أن يتعدى 10% بالنسبة للزيادة في حجم الأشغال وأن التقليص لا يجب أن يقل عن 25% حسب كناش الشروط الإدارية العامة.
والغرض من تحديد معدل التعديلات التي يمكن أن تدخل على العقد هو أنه يجب أن يبقى العقد قابل للتطبيق وإلا يكون الأمر يتعلق بعقد جديد يجدب إبرامه وفق شروط جديدة.
2-  التعديل في طرق ووسائل التنفيذ.
بإمكان الإدارة أن تقوم بإدخال تعديلات بإرادتها المنفردة زيادة أو نقصانا في ما يتعلق بالوسائل المتعلقة بتنفيذ الصفقة، والغاية من إعطاء الإدارة هذه الإمكانية هي تدارك الأخطاء التي قد تتسبب في انجاز مشروع وإخراجه إلى حيز الوجود وهو دون المستوى المطلوب، وذلك لكون استخدام آليات ووسائل تقليدية عتيقة أثناء تنفيذ الصفقة قد يؤدى إلى الحصول على أشغال فاسدة وقليلة الجودة، مما يعني ذلك من تبذير للأموال العامة والخسائر الاقتصادية.
ولأجل ذلك وحتى تصل الإدارة إلى الدقة والعناية المطلوبة يبقى أنه بإمكانها التدخل عندما يبدأ المتعاقد في تنفيذ الصفقة لتوجيهه والتأكيد عليه بضرورة استخدام الآليات والتكنولوجيا المتطورة التي تسمح ببلوغ نتائج مرضية وطيبة وترقى إلى المستوى المطلوب.
كما أن تعديل طرق ووسائل التنفيذ يمكن أن ينصب على نوعية المواد المستعملة سواء كانت مواد بناء أو ترصيص أو أي شيء آخر، لأن الغاية تبقى هي استخدام مواد من النوعية الممتازة وتتوفر فيها الجودة المطلوبة، والتي يجب أن تكون مطابقة للمواصفات والمعايير المحددة وطنيا وعالميا، وكذا تستجيب للمتطلبات المسطرة في دفتر الشروط العامة.


3- التعديل في مدة تنفيذ العقد أو الأشغال.
 إن التعديل الذي تقوم به الإدارة في مثل هذه الحالة عادة ما تفرضه الظروف والمعطيات ، فيتم تعديل مدة انجاز الصفقة بالزيادة أو النقصان، ففي حالة الاستعجال تتدخل الإدارة وتطلب من المقاول إنجاز الأشغال في زمن قياسي أقل مما هو متفق عليه في العقد، كأن تتدخل أكاديمية التعليم مثلا لتطلب من مقاول مكلف ببناء ثانوية معينة ضرورة إنهاء الأشغال قبل حلول موسم الدخول المدرسي.
وفي جميع الأحوال ليس بإمكان المقاول الاحتجاج بضعف إمكاناته المالية أو البشرية أو التقنية، لكن هذه التعديلات يجب أن تكون تتماشى وقدرة المقاول على التنفيذ وليس الغاية منها أو من خلالها يتم تعجيز المقاول ووضعه في موقف حرج، لذا فإن التعديلات المكلفة سواء بالزيادة أو النقصان يترتب عليها حق مطالبة المقاول للإدارة بالتعويض عن الأضرار التي لحقته[6].
المطلب الثاني : حدود سلطة التعديل.
إذا كانت الإدارة لها من السلط ما يمكنها من تعديل شروط الصفقات بما يتلاءم وانجاز أشغال الغاية منها تحقيق المصلحة العامة.
فإنه وبالرغم من ذلك  يبقى حضور حسن النية في تنفيذ العقد قاعدة مهمة على أساسها تتدخل الإدارة في تعديل شروط وبنود الصفقة، وإلا فإن التعديل الذي تقوم به الإدارة يصير مجرد حجرة عثر في تنفيذ الأشغال، وعليه فإن قرار التعديل يجب أن يبقى مشروعا ويتماشى مع إمكانات المقاول المادية والبشرية والتقنية.
1- مشروعية التعديل .
وهذا يعني أن التعديل يجب أن يكون مشروعا، أي صادرا عن الإدارة المختصة ووفق الشروط والشكليات المقررة كما يجب أن تكون الأسباب الدافعة إلى التعديل هي تحقيق المصلحة العامة وليس مصلحة جانبية تتعلق بشخص أو فئة معينة.
كما أن مشروعية القرار المتعلق بالتعديل تتأكد من خلال الظروف المتغيرة والتي تعني ضرورة مسايرة التطورات والمستجدات التي تفرض ضرورة إدخال تعديلات على بنود العقد، لكون الظروف التي أبرم فيها العقد تختلف وكذا المعطيات التي كانت متوفرة لم تعد قائمة وأضحى من الواجب تعديل العقد ليساير المعطيات والوقائع الجديدة وذلك أثناء التنفيذ وليس بعده.
2- عدم تجاوز إمكانات المقاول.
رغم ما تتمتع به الإدارة من سلط في مواجهة المقاول ، إلا أنه لا يمكن لها أن تفرض عليه تعديلات من شأنها تغيير وضعية المقاول المادية والبشرية ، لأن الأصل هو المحافظة على فعالية المقاولة وتشجيعها وليس إرهاقها وإضعافها ، لذا فإن التعديلات يجب أن تبقى في المستوى المقبول ودون أن تتجاوز الإمكانات البشرية والمالية أو التقنية للمقاول.
لذا فإن التعديل لا ينبغي أ يمس طبيعة العقد ، لأن فرض تعديلات وشروط لا تمت بصلة إلى العقد يعني أن الإدارة تتعسف في استخدام سلطاتها وحقها في التعديل وفي هذه الحالة يكون من حق المقاول أن يرفض مثل هذا التعديل ، باعتبارها تعديلات غريبة عن طبيعة العقد ، وعليه فان التعديلات التي يجب أن تبقى في حدود المعقول وان لا تمس جوهر العقد.
كما أن العديل لا ينبغي أن يتجاوز النسب المحددة في كناش الشروط الإدارية العامة ، وإلا كان من حق المقاول أن يطالب بفسخ العقد والمطالبة بالتعويض[7].
وبالإضافة إلى ما سبق فان التعديل لا يجب أن يمس بالشروط المالية المتفق عليه، لكون قيمة الصفقة تعتبر من الحقوق المقدسة للمقاول، وأن المس بالشروط المالية يعني المس باستقرار المعاملات الذي يبقى مبدأ عاما يجب الالتزام به، والأمر هنا مرتبط بالتوازن المالي للعقد التي ينبغي  احترامه[8]، لكون طبيعة العقد الإداري يجب أن تتجه إلى تحقيق التوازن بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة والامتيازات التي ينتفع بها، وفكرة التوازن المالي للعقد هي الأساس العام لتقييم التعويض العادل والمناسب للمتعاقد[9]، وان أي تعديل يجب أن يحترم التوازن المالي للعقد وإلا كان من حق المقاول المطالبة بالتعويض متى اختل هذا التوازن بسبب تدخل الإدارة في تعديل شروط العقد عملا بنظرية فعل الأمير[10].




















المبحث الثالث: سلطات الإدارة في توقيع الجزاء على المتعاقد
- تتمتع الإدارة بسلطات و امتيازات واسعة في مجال تنفيذ الصفقات العمومية ، فهذه السلطات تتمتع بها دون النص عليها في الصفقة ، إذ أنها  تتعلق بالصالح العام و تقتضيها طبيعة العقد الإداري ، و بمعنى كلما أخل المتعاقد بالتزاماته بشأن الصفقة أو تأخر في تسليم الأعمال أو تعاقد من الباطن دون استشارة و موافقة الإدارة المعنية أوقام بتنفيذ الصفقة بشكل من الأشكال غير مطابق لما ثم الاتفاق عليه ، يمكن للإدارة المعنية أن توقع جزاءات رغم عدم التنصيص عليها في بنود العقد الخاص بالصفقة ، و دون  حاجة للجوء إلى القضاء ،و يجد هذا المبدأ أساسه في الفقه و القضاء  ضمانا لحسن سير المرافق العمومية من جهة و تحقيقا للمصلحة العامة المنوطة بالإدارة العمومية من جهة أخرى.
المطلب الأول : الجزاءات العقدية و غير العقدية.
قبل التطرق إلى الجزاءات العقدية وغير العقدية يستحسن ذكر خصائص الجزاءات.
1-  خصائص  الجزاءات كقائم ذكرها هي :
1- حق الإدارة في توقيع الجزاء بنفسها ، و دون أن تكون في حاجة إلى استصدار حكم القضائي .
2- سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات ثابتة و لو  لم ينص عليها العقد.
3- ضرورة اعذرا المقاول قبل اتخاذ الجزاء من أجل إعطائه فرصة لتداركه التقصير المنسوب إليه.
4- خضوع الإدارة لرقابة القضاء ، أي أن قرارات الإدارة تبقى خاضعة للرقابة القضائية.
و تنقسم الجزاءات من حيث مصدرها إلى جزاءات العقدية و جزاءات غير العقدية ، كما أنها تنقسم إلى عدة أنواع من حيث موضوعها[11].


2- الجزاءات العقدية و غير العقدية :
فالأولى تنبع هذه الجزاءات من العقد نفسه أي أنه يكون منصوصا عليها في بنود الصفقة العمومية ، إذن من حيث المبدأ فقها و قضاء أن الجزاءات التي يجوز توقيعها على المتعاقد هي تلك التي تنص عليها الوثائق التعاقدية دون غيرها ، أما في حالة عدم  وجود نص في الوثائق التعاقدية يخول للإدارة استعمال الجزاء  المناسب تجاه المتعاقد معها ، وإن كان ليس في الجائز قانونا أن تستعمل الإدارة جزاءات أخرى نابعة من عندها.[12]
- و هنا جزاءات غير العقدية التي  بموجبها يمكن للإدارة توقيع جزاءات على المتعاقد  حتى و لو لم ينص عليها العقد ، وهذا الأمر يفرضه ضرورة الحفاظ على الصالح العام ، و ضرورة سير المرفق العام بانتظام و اضطرار .
 المطلب الثاني : أنواع الجزاءات الأخرى.
هنا أجزاءات مالية و جزاءات غير مالية.
1- الجزاءات المالية ، و يشمل هذا النوع من الجزاءات كلا من الغرامات و التعويضات ، و هنا إن كانتا تشتركان في كون كل منهما يضع كاهل المتعاقد التزاما بدفع مبلغ من المال للإدارة فإنهما تختلفان شيئا ما.
- فالغرامة هي بمثابة جزاء جزافي توقعه الإدارة دون أن تكون ملزمة بإثبات أن ضررا ما قد أصابها أو خسارة قد لحقتها.
في حين أن التعويض يشارك مثيلة في القانون المدني ، و يقدر وفقا للضرر الحقيقي الذي لحق بالإدارة[13]، و هو على خلاف الغرامة  لاحاجة إلى النص عليه في العقد ، كما يمكن مصادرة الضمان المؤقت للمتعاقد.
- الغرامات :
يقع هذا النوع من الجزاءات بصفة عامة إذا نفد المقاول أو المورد التزامات بشكل معين لا ينسجم  مع المواصفات و الكميات و التصاميم ، و كذلك الغش و الإهمال في تنفيذ الأشغال مهما كانت طبيعة و موضوع الصفقة، و ما دام أن المتعاقد له الحق أن يطلب فوائد عن التأخير  في تنفيذ الصفقة العمومية حيث تحتسب بشكل يومي و حتى أيام العطل الأسبوعية و الأعياد و لا تخصم لكن يجب أن يتعدى مجموع الغرامة% 10 من مبالغ الصفقة ، فإذا  ما بلغ هذا السقف حدوده ، فإن السلطة الإدارية تعلن فسخ الصفقة بعد إنذار المتعاقد[14]
- التعويض :
- يعتبر التعويض الجزاء الأصيل للإخلال بالالتزامات التعاقدية في مجال الصفقات العمومية ، و يشترط لقيام التعويض ضرورة وجود  ضرر يمس الإدارة لكي ينعقد ، و يقدر على أساس قيمة الضرر الذي لحق  فعلا بالإدارة و يؤخذ في هذا المجال مقدار مساهمتها في الضرر و هو يشمل ما لحقها.[15] من خسارة و ما فاتها من كسب ، و يطبق عموما لتقديره قواعد القانون المدني ، و الإدارة العمومية باقتضائها حق التعويض يجب عليها أن لا تتعسف في الحصول عليه ، و ذلك بتقدير ه بإنصاف ووفقا لمقدار الضرر الذي بحق بها .
إلا أن الملاحظ هو قيام صعوبة في تقدير قيمة الضرر لأنه من الصعب تحديد الخسارة التي لحقت بالإدارة من جراء المخالفة الصادرة عن المقاول تحديدا  دقيقا. و على أي حال فالإدارة هي التي تقدر مبلغ التعويض و فقا لما أصابها من ضرر ، و يكون هذا التقدير خاضع لرقابة القضاء.

- مصادر الضمان الوقت.
يعتبر مصادرة التأمين شرطا جزائيا متفق عليه في الصفقة عن إخلال المتعاقد بالتزاماته بل انه يحق للإدارة العمومية  أن تطالب المقاول بتكملة ما يزيد على مبلغ الثمن الذي لا يفي بالتعويضات اللازمة و ذلك تعويضا على ما أصابها من أضرار حقيقية.
-  و الملاحظ أن مضاعفة قيمة الضمان بنسبة% 50 يعتبر من الأمورالسلبية التي نجدها في مرسوم الصفقات العمومية ، فزيادة نسبة الضمان إلى حدود الضعف سيكون له تأثيرا سلبيا على تشجيع المقاولات  الصغرى و المتوسطة و التي يصعب عليها في واقع الأمر توفير هذه الضمانة ، حيث قد تكون قد فتحت ترشيحها إلى عدة طلبيات العمومية ، خصوصا كذلك أن أغلب المقاولات لا تكون لها السيولة الكافية من اجل توفير هذا الضمان مما يضطرها إلى اللجوء إلى البنوك قصد الحصول على هذا الضمان.
لذلك و إن كان هذا الضمان وسيلة ناجعة تحكمها الإدارة لتوقيع الجزاء على المقاول كعقاب له عن أخطائه فإنه لا ينبغي المغالاة في اللجوء إليه لأسباب قد تكون واهية لا تستند إلى معطيات موضوعية.[16]
2- الجزاءات غير المالية: إضافة إلى الجزاءات المالية تملك الإدارة العمومية جزاءات أخرى تستطيع من خلالها إرغام المقاول على تنفيذ الصفقة ، وهذه الجزاءات ذات طبيعة جنائية كم قد تكون جزاءات ضاغطة.
- الجزاءات الضاغطة منها :
وضع المقاولة تحت الإدارة المباشرة ، بموجب هذا الجزاء تحل الإدارة بنفسها أو توكل مقاولا عنها لفترة مؤقتة محل المقاول المتعاقد معه المخل بالتزاماته لانجاز الأشغال والاستمرار في تنفيذها على حساب و مسؤولية المقاول الأول و ذلك كوسيلة للضغط عليه و حملة على تنفيذ التزاماته مع بقاء العقد قائما.[17]
ويعتبر هذا الجزاء من أخطر الجزاءات التي يتعرض لها المقاول حيث تتولى الإدارة تأمين إدارة الورش فتقوم بتسيير و مراقبة تنفيذ الأشغال و  تأديته أجور العمال ...إلى غير ذلك ، و يبقى المقاول بعيدا يتحمل فقط مسؤولية النتائج ، و تختار الإدارة الذي ينوب عنها بمحض إرادتها و يتقاضى أجرا و تعويضا حسب الاتفاق ، و لا يستطيع المقاول أو يعارض في تعيينه.
و يتم اللجوء إلى هذا الجزاء في 3 حالات.
1- إذا قدم بيانات غير صحيحة في التصريح بالشرف الذي يدعم التعهدات أو العروض المودعة من طرفه.[18]
2-إذا أخل بشرط من شروط العقد أو امتنع عن الامتثال للأوامر المصلحية [19].
3- عدم احترام أجل و مدة التنفيذ المتفق عليها في الوثائق التعاقدية ، كالتأخر في بدء الأشغال العمومية ،أو عدم الامتثال للجداول الزمنية المتفق عليها.
فسخ الصفقة:
يفسخ العقد في حالة خطأ المتعاقد الجسيم أو إذا كان الفسخ يحقق المصلحة العامة. و الحالات التي يفسخ فيها العقد.
1-إذ استعمل المتعاقد الغش أو التدليس في تعامله مع الجهة الإدارية المتعاقدة.
2- إذا أفلس المتعاقد أو أعسر.
 و يشطب اسم المتعاقد في الحالتين الأولى و الثانية في سجل المتعهدين أو المقاولين.
و يجوز للإدارة المتعاقدة الرجوع على المتعاقد بالتعويضات اللازمة رغم فسخ العقد و مصادرة التأمين أو الضمانة.
- و يجوز للجهة المتعاقدة بالإضافة  إلى ما تقدم فسخ العقد إذا أخل المتعاقد بأحد شروطه و دون حاجة إلى الذهاب للقضاء، و صلاحية الإدارة في هذا المجال من  مقتضيات النظام العام لها حق استعمالها و لو لم يتم النص عليها في العقد ، و من تم فإن هذا النوع من الفسخ يسمى بالفسخ الجزائي الذي بدوره يأخذ إحدى الصورتين.
1- الفسخ المجرد.
2- الفسخ على مسؤولية المقاول.[20]
جزاء الإقصاء من الصفقات التي تبرمها الإدارة.
أي  قد لا تكتفي الإدارة بفسخ الصفقة فحسب ، بل تقضي المقاول إما بصفة مؤقتة أو نهائية من الصفقات التي تبرمها الإدارات العمومية.
-الجزاءات الجنائية:
يطبق هذا النوع من الجزاء في حالة الغش في صفقات الدولة ، و حالة عدم كتمان السر بالنسبة لصفقات الدفاع الوطني:
فإذا أخلال مقاول بالتزاماته و اقترن هذا الإخلال بمخالفة يعتبرها القانون جريمة جنائية، فإن الإدارة صاحبة المشروع يمكن أن تحيل المقاول المخل على المحاكم المختصة للنظر في الجريمة التي اقترفها و معاقبته طبقا لما هو منصوص عليه في القوانين الجاري بها العمل. ووجب الذكر أن الإدارة لا تستطيع توقيع الجزاء الجنائي بنفسها ، و لا يمكن لكناش التحملات أن يتضمن مثل هذا الحق لأن ذلك يعتبر اعتداءا على اختصاص السلطة القضائية.
و لا يمكن اعتبار المخالفات التي يرتكبها المقاول من قبيل الجرائم الجنائية إلا إذا كان هناك نص قانوني يجرم هذه الأفعال استنادا إلى مبدأ  لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص.

















خاتمة:
و عموما يمكن القول أنه إذا كانت الإدارة لا تستطيع الإخلال بالمصالح و المكتسبات المالية  للمتعاقد على اعتبار أن التوازن المالي للمتعاقد من الشروط الأساسية الموازية إلى التعويض عن الضرر في حالة المساس بتوازنه المالي  فهي تظل في مواجهته لسلطات هامة وواسعة تندرج في سياق سلطاته في الرقابة و التوجيه ، و توقع الجزاءات ، و تعديل شروط التعديل بل وإنهائه ، و هو ما قد حاولنا معالجته من خلال هذا العرض المتواضع.





[1] - كالجهة. العمالة أو الإقليم ، الجماعة
[2] - محمد النوجي : دور الصفقات الجماعية في التنمية المحلية ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، كلية الحقوق الرباط ، 1998-1999-ص 3
[3]- د. توفيق السعيد، الصفقات العمومية المبرمة من قبل الجماعات المحلية – النظام القانوني الجديد، طبعة 2003 ، ص 141 .
[4] - د. عبد الله حداد ، صفقات الأشغال العمومية ودورها في التنمية ،مطبعة منشورات عكاظ ،طبعة 2004 . ص 102.
[5] - د.محمد يحيى ، المغرب الإداري، طبعة 2004 ، ص 390.
[6] - د. توفيق السعيد ، مرجع سابق ، ص 127.
[7] - د. عبد الله حداد ، صفقات الأشغال العمومية ودورها في التنمية ، مرجع سابق ، ص 144.
[8] - د. رضوان بوجمعة، المقتضب في القانون الإداري المغربي ، طبعة 1999، ص 224.
[9] - د. محمد يحيى ، مرجع سابق، ص 399.
[10] - د. محمد يحيى ، مرجع سابق ، ص 400.
[11] - للمزيد من الاضلاع حول خصائص الجزاءات نحيل إلى مرجع د عبد الله حداد صفقات الأشغال العمومية و دورها في التنمية ، مرجع سابق ص 111- 114.
[12] --توفيق  السعيد ، الصفقات العمومية المبرمجة من قبل الجماعات المحلية ، النظام القانوني الجديد ، مرجع سابق ص 150
[13] - د . عبد الله حداد مرجع سابق ص 115.
[14] -. المادة 60 من المرسوم الصادر في 4 ماي 2000.
[15] - ذ حماد حميدي ، الجزاءات المطبقة في مجال الصفقات العمومية المعجلة النظرية للإدارة المحلية و التنمية عدد مزدوج 14-15 يناير 1996. ص 41
[16].- توفيق السعيد ، مرجع سابق ، بتصرف ص 154-156
[17] - د عبد الله حداد ، صفقات الأشغال العمومية ، دراسة نظرية و تطبيقية أطروحة لنيل الدكتوراه في العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية الرباط 1985 ص 153
[18] - المادة 27 من مرسوم 30-12-1998
[19] - المادة 70 من كناش الشروط الإدارية العامة الجديد
[20] - للمزيد في الاطلاع نحيل إلى المراجع العامة الجديد
- عبد الله حداد ، الصفقات العمومية دورها في التنمية ،ـ مرجع سابق ص 124-125.
- توفيق السعيد : مرجع سابق ص 158-160.

هناك تعليق واحد